ما زال العراق وهو يستذكر اليوم الذكرى 25 لغزو نظامه السابق لدولة الكويت، يعاني تبعاته بعدما دمّرت الحرب، ومن ثم الحصار، مستقبله، وشتت أبناءه، لكنه يسعى حاليًا إلى تجاوز آخر تبعات ذلك الاحتلال من تعويضات مالية وفقدان لكويتيين.


عبد الجبار العتابي من بغداد: يستشعر العراقيون مرارة الغزو الذي نفذه رئيس النظام العراقي السابق صدام حسين لدولة الكويت، وليقود العراق إلى مآسٍ ظل يعانيها الشعب العراقي.

وأكد عراقيون أنهم يجدون في الغزو أصل الكارثة والمصائب التي يعانيها الشعب العراقي حاليًا، وقد تم تدمير الجيش خلال الحرب التي قامت الولايات المتحدة وحلفاؤها& بفرض الحصار الاقتصادي الذي أنهك البلد طوال 13 عامًا، وكان السبب المباشر في شتات العراقيين وهجرتهم إلى بلدان العالم بحثًا عن الملاذ الآمن والحياة الأفضل. ويشير العراقيون إلى أنهم في هذه الـ 25 عامًا عاشوا أسوأ سنوات حياتهم، لكنهم يتطلعون إلى نسيان الماضي وبناء علاقات أخوية افضل مع الكويت بشكل خاص.

المحافظة 19
فمع خيوط الأولى لفجر الثاني من شهر آب/أغسطس من عام 1990م استيقظت الكويت على أصوات الدبابات والمدافع العراقية، التي توغلت في عمق أراضيها. وقامت القوات العراقية بالسيطرة على المراكز الرئيسة في شتى أنحاء الكويت، وأعلنت ضمها إلى الأراضى العراقية، واعتبارها المحافظة العراقية التاسعة عشرة، وقامت بتنصيب حكومة صورية برئاسة علاء حسين، وتم تغيير العديد من أسماء المناطق الكويتية.

واستمر الاحتلال العراقي للكويت لمدة 7 أشهر، وانتهى بتحرير الكويت في 26 شباط / فبراير 1991 بعد حرب الخليج الثانية.

الغزو سبب البلاء
وأكد المواطن كاظم سماري، موظف، أن أسوأ ما يختزنه دماغه هو تلك المصيبة، كما أسماها. وقال: الغزو هو السبب في كل البلاء الذي أصاب العراق طوال 25 سنة، ولولاه لكان العراق غير ذلك، وربما من أفضل دول العالم، ولكن ماذا تقول للعقلية الدكتاتورية التي سمت (القائدة الضرورة) فغزا صدام حسين الشعب الكويتي في ليلة ظلماء ودمّر بلده وها نحن نعاني الأمرّين، وساءت أحوالنا من ذلك اليوم، فهل يمكن أن ننسى أيام الحصار وعذاباته التي أكلنا فيها حتى النخالة، ألا لعنة الله على الظالمين.

أضاف: أتمنى من الشعب الكويتي أن يعرف أن الشعب العراقي شقيقه ويحبه، وأن الطاغية هو السبب في خراب كل شيء، وليس الشعب، وعلى الكويت أن تساعد العراق في وضعه الصعب الحالي، وهذا لا يمكن للشعب العراقي أن ينساه أبدًا.

فكرة التسامح
من جانبه، أكد الدكتور أحمد جمعة& البهادلي، الناطق الرسمي باسم تيار الإصلاح الوطني، الذي يقوده وزير الخارجية إبراهيم الجعفري، على فكرة التسامح التي يتحلى بها الطرفان. وقال: الشعب الكويتي شعب مسالم، ولا أعتقد أنه ينظر إلى الشعب العراقي بعدائية، وما يمكن أن يقال في صفحات التاريخ عن وحدة الشعبين التكوينية يمكننا أن نتلمسه من خلال تفهم العلاقة الجديدة بين العراق والكويت، فقد صاغ الجهد الدبلوماسي المتمثل في وزارة الخارجية لكل منهما خطوط التداول السلمي والإنساني، خصوصًا وأن كلا الشعبين قد نالهما ما نالهما من هموم مشتركة جراء تعسف الطاغية صدام حسين وحزبه المجرم.

أضاف:أعتقد أن فكرة التسامح التي يتحلى بها الطرفان هي ما نتكئ عليه الآن، ولا ننسى أن العراق الجديد قد قدم الكثير من المبادرات الجادة لطمأنة جميع دول الجوار، فضلًا عن السيرة التاريخية للشعب العراقي، الذي يرفض الاعتداء على الآخرين، وعلى مر العصور، لذلك أجد أن واقع العلاقات الثنائية في تحسن مستمر، ولا تأثير لذلك الماضي البغيض.

لا زلنا نعانيه
أما النائب محمد خضير الدعمي فقد شدد على ضرورة نظر الحكام إلى مصلحة الوطن المواطن، وقال: اليوم نشاهد العلاقات بين البلدين أصبحت تأخذ المجرى الصحيح، والسبب التحرك من بعض الإخوة السياسيين والخارجية العراقية وتدخل بعض الدول أصبحنا مع الكويت في أفضل العلاقات، وهناك مصلحة للبلدين في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتجارية والاستثمارية.. فضلاً عن الكويت وافقت على تأجيل استقطاع مبالغ التعويضات من عائدات النفط العراقي، والبالغ قيمتها 4.6 مليارات دولار عاماً إضافياً.

وتابع: بالتأكيد لايزال العراق يعاني من ذلك الغزو، وها هو اليوم يعاني من مشاكل وهموم كثيرة هي امتداد لتلك المرحلة الصعبة. ولكن ان نظرنا الى الواقع العراقي يجب ان نذكر ان هناك مثلاً شعبيًا كرمز تعبيري يقول (السفينة عندما يكثر ملاحوها تغرق)، ونحن في العراق لا نعرف الربان من؟، هل هو رئيس الوزراء او رئيس الجمهورية او البرلمان العراقي ام رؤساء الكتل السياسية. نتمنى ان تكون ذكرى احتلال الكويت مفيدة للحكام.

تناسي تلك الحقبة
اما رئيس مركز التفكير السياسي العراقي الدكتور احسان الشمري فأكد على ضرورة تناسي تلك الحقبة، وقال: كان للسياسة العبثية للنظام السابق باحتلال دولة الكويت اثر كبير على طبيعة العلاقة بين الشعبين، وكانت لها ارتدادات سلبية جداً على المنطقة برمتها، لكن تغيير النظام في عام 2003 وما تبعه من تحول كبير في طبيعة النظام السياسي والتوجهات فضلاً عن الرغبة في البدء بصفحة جديدة، جعل هذه العلاقة تأخذ مساراً متنامياً بالشكل الذي يطوي صفحة الاحتلال والكويت اعطت اكثر من رسالة على انها تقف مع النظام الجديد ومع الشعب العراقي، وهذا ادى الى تناسي تلك الحقبة والانطلاق& لبناء الثقة وبما يخدم مصالح البلدين.

واضاف: لم يتبقَ من ذلك الاثر الكبير جراء احتلال صدام لدولة الكويت على العراق&سوى هامش بسيط من القرارات المتعلقة بالمفقودين، سيما وان الكويت ساهمت ودعمت خروج العراق من الفصل السابع، وهذا يضع العلاقة بين الطرفين بمستوى جديد.

اما الكاتب والاديب نبيل وادي، فقد اشار الى الواقع الحالي، وقال: كان احتلال الكويت القشة التي قصمت ظهر العراق، ذلك انه كان الطعم الذي القي الى صدام لكي يبتلعه، وكان أن تحمل تبعاته ومآسيه الشعب العراقي، والذي مازال ضحية تلك المؤامرة التي حطمت كل بناه ومؤسساته، ووضعته في خانه التبعية والاحتلال الذي يرزح تحته الان.
&

&