وسط أخبار القتال وصور الدمار والدماء في سوريا، تنقل عدسة "إيلاف" جانبا آخر من جوانب إرادة السوريين في التحرّر والانعتاق، فمع الدمار الهائل الذي أصاب الاقتصاد منذ بدء النزاع، يكابد مواطنون في مناطق محرّرة في الشمال السوري من أجل لقمة العيش، إذ تفرض عليهم الظروف الاستثنائية حلولا استثنائية!


علي الإبراهيم من إدلب- خاص بـ"إيلاف": في تلال جبل الزاوية في ريف ادلب شمال سوريا، أقدمت عائلة ابو محمد على بناء فرن أو ما يطلق عليه "التنور"، وذلك لبيع الفطائر والخبز، في محاولة لسد احتياجات البلدة، اضافة لكونه مصدر دخل للعائلة حيث فضلت العائلة البقاء ضمن البلدة والعمل فيها رافضة النزوح لمخيمات الجوار رغم القصف والتدمير الذي تشهده المناطق المحررة.

من التدريس إلى الفرن

تعمل هذه العائلة على بيع منتوجاتها بأسعار رخيصة تناسب السكان وتؤمن قوت عيشها.

&
&فرن عائلة (أبو محمد) لبيع الخبز وتوفير المال - عدسة "إيلاف"

يعمل في الفرن رجل خمسيني مع عائلته واطفاله، "إيلاف" زارت العائلة، حيث يقول ابو محمد إن الفكرة تولدت لديه بعدما طرد من عمله بسبب نشاطه الثوري، فقد كان مدرسا في الماضي".

يضيف أبو محمد: "العمل ليس عيبا مهما كان، وانما طلب العون من الاخرين هو العيب، لا بد من استمرار الحياة وخلق الفرص مهما كانت صغيرة".

&
&أحد حقول القمح في سهول الشمال السوري المحرر - عدسة "إيلاف"
ومع دخول الثورة السورية عامها الخامس، تتنوع مصادر الدخل في الشمال السوري، ما بين الزراعة والصناعة والتجارة وبعض المشاريع الصغيرة اضافة لبعض الخدمات، ومنها ما نشأ نتيجة الحرب، كخدمات الانترنت اللاسلكية وقطاع الوقود النفطي والحطب والبنزين.

الزراعة مصدر للدخل

تعدّ المواسم الزراعية هذا العام من أسوأ المواسم منذ سنوات طويلة، وخصوصاً بالنسبة لأهم محصولين أساسيين وهما القمح والزيتون وذلك بسبب القصف الممنهج لقوات النظام واستهدافها الاراضي الزراعية ما تسبب بحرق العدد من المحاصيل الزراعية قبل حصادها.

&
&محاولات لإطفاء الحرائق التي اجتاحت&سهول القمح جراء المعارك - عدسة "إيلاف"
كما اقدمت قوات النظام على اقتلاع اشجار الزيتون المحيطة بمعسكراتها التي كانت تتمركز فيها قبل تحرير مدينة ادلب.

ويقول أحد السكان المحليين في بلدة سراقب لـ"إيلاف" إن "قوات النظام قصفت العديد من الأراضي الزراعية بصواريخ موجهة ما تسبب بنشوب حريق التهم المحصول الزراعي... القصف شمل العديد من الاراضي في المحافظة، ونتجت منه خسائر مادية للمزارعين"، على حد تعبيره.

&
&مصفاة بدائية لتكرير النفط في شمال سوريا - عدسة "إيلاف"
لكن رغم ذلك يستمر الاهالي في العمل ضمن اراضيهم، فعجلة الحياة لا تتوقف هناك.

مصافٍ بدائية

اضافة للزراعة، تشهد المناطق المحررة في سوريا ظاهرة انتشار مصافي النفط البدائية وبيعه ونقله.

&
&سوري يبيع مشتقات النفط - عدسة "إيلاف"
تعمل في هذا المجال شريحة واسعة من السكان سواء من خلال بيع مادة المازوت او نقلها او حتى تكريرها، رغم المخاطر المحدقة بهذه العملية، لكن الحاجة للعمل دفعت العديد من الشباب والاطفال إلى الاشتغال في هذه المصافي.

يقول محمد سليم أحد السكان المحليين العاملين في مشتقات النفط إن" الحاجة دفعتهم للعمل في هذا المجال رغم المخاطر الناتجة منها، لكن لا خيار امامنا سوى العمل وخاصة بعدما اصبحت فرص العمل والحاجة لها ملحة"، على حدّ تعبيره.

معامل غزل ونسيج

تنشط الصناعة والتجارة في المناطق المحررة من خلال الورشات والمعامل الصغيرة خاصة تلك القادمة من مدينة حلب، منها الغزل والنسيج والخياطة، حيث تم افتتاح عدة معامل في الآونة الاخيرة ساعدت على تشغيل فئة من الشباب برواتب تعتبر مقبولة.

&
&أنبوب ماء يستعمل في سقي المحصول - عدسة "إيلاف"
واضافة لذلك تعتبر تجارة السيارات الأوروبية المستعملة، والمنتجات الغذائية القادمة من تركيا مصدر دخل للعديد من السكان المحليين وخاصة في مدينة سرمدا الواقعة على الحدود السورية التركية بالقرب من معبر باب الهوى.

التهريب عبر الحدود

إلى ذلك، تمثل التجارة غير المشروعة عبر الحدود من وإلى تركيا، مصدر دخل للعديد من العائلات خاصةً في منطقة شمال سوريا.

&
&تعيش عائلات سورية كثيرة في المناطق المحررة على التهريب - عدسة "إيلاف"
وتشمل تلك المواد، المشتقات النفطية والمواشي اضافة للتبغ، حيث يتم ادخالها لتركيا وذلك بسبب رخص ثمنها مقارنة مع تركيا فيما يتم جلب المواد الغذائية لسوريا اضافة لقطع غيار السيارات وبعض انواع الاسمدة الخاصة بالزراعة، بسبب انقطاعها في تلك المناطق.

إلا أن تركيا أعلنت في وقت سابق اتخاذها تدابير إضافية على الحدود مع سوريا، فحفرت خنادق وأقامت سدوداً ترابيةً، وأنشأت جدارا من الأسمنت و الأسلاك الشائكة، لدواع أمنية.

&
&النفط والتهريب يساهمان في الحد من بطالة الشباب في المناطق المحررة - عدسة "إيلاف"