باتت "الجبهة الجنوبية" تفرض نفسها على وسائل الإعلام مؤخرا، خاصة مع التقدم الذي تحرزه في محافظة درعا وتحريرها لعدد من المناطق التي كانت تحت سيطرة نظام الأسد. وتبدو الجبهة الجنوبية وهي إئتلاف لقوى مسلحة معتدلة، بديلا حسب متابعين عن "داعش" و"النصرة" وبقية التشكيلات الإسلامية المتشددة، في مرحلة ما بعد الأسد.


إسماعيل دبارة: تحقّق فصائل المعارضة السورية المسلحة فيما يعرف بـ"الجبهة الجنوبية" مزيداً من التقدم والسيطرة على عدة نقاط عسكرية في مدينة درعا جنوبي سوريا وتكبيد جيش الأسد خسائر بشرية ومادية، فيما بات يعرف إعلاميًا بمعركة (عاصفة الجنوب).

انتصارات عسكرية

وفي آخر بيانتها، قالت "الجبهة الجنوبية" إنّ عناصرها سيطروا على كل من حاجز «الكازية» و«تل زعتر» و«بناء القصر» التي تعتبر المدخل الرئيسي لمدينة درعا من محور الريف الغربي.

وذكر البيان أن كتائب الفصائل المقاتلة استخدمت مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والرشاشات المضادة للطيران في استهداف معاقل ونقاط تمركز عناصر جيش النظام، مضيفاً أن الاشتباكات أدت إلى مقتل وإصابة العشرات من قوات النظام وتدمير عدد من الآليات.

اكتساب الشرعية

يقول تقرير لمركز "كارينغي للشرق الأوسط" إنّ "الجبهة الجنوبية" تتكون من تحالف من كتائب "الجيش السوري الحر" التي تنبذ التطرّف ولا تقبل إلا المعتدلين في صفوفها.

وقد حقّقت الجبهة مكاسب كبيرة في محافظة درعا الجنوبية بفضل قدراتها العسكرية أساساً، وبدعمٍ من الولايات المتحدة والدول الأوروبية وحلفائها في المنطقة، وبفضل قدرتها على التواصل الاجتماعي من خلال العمل في شكل وثيق مع المجالس المحلية المدنية في المنطقة. تضافر الإنجازات العسكرية وثقة المواطنين أدّيا إلى زيادة شرعية الجبهة بين السوريين في درعا.

وتقول لينا الخطيب مديرة مركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت، إنّ "الجبهة الجنوبية" تعتبر أساسيةً في سياق الصراع السوري، ليس بسبب شرعيتها ورفضها للتطرّف وحسب، بل أيضاً لأن المنطقة التي تسيطر على معظمها لا تبعد من دمشق سوى 100 كيلومتر. فالجهة التي يمكنها أن تسيطر على دمشق في وسعها أن تُحدِّد المسار المستقبلي للصراع في سوريا، رغم أن السيطرة على العاصمة ليست مهمة سهلة. ولذا، يضع النظام و"جيش الفتح" و"الجبهة الجنوبية" جميعاً السيطرة على دمشق نصب أعينهم.

بديل معتدل؟

ومع تركيز وسائل الإعلام على معركة درعا، تحاول "الجبهة الجنوبية" تقديم نفسها كبديل معتدل عن "داعش" و"النصرة".

وتحاول "الجبهة" رسم خطوطها العريضة لما بعد الأسد، وفق القانون الدولي والإنساني.

دولة ديمقراطية مدنية

وتقول إنّ جميع فصائلها وتشكيلاتها "تؤمن بحماية المدنيين وصون حقوقهم دون أي تمييز، والتأكيد على ضرورة حماية مؤسسات الدولة المدنية منها والعسكرية والتي ستكون اللبنة الأساسية لسوريا الحرة الديمقراطية".

تقول"الهيئة السورية للإعلام"، وهي وكالة اخبارية مقربة من "الجبهة الجنوبية"، إن مقاتلي هذا الفصيل يضعون "يداً على السلاح بكل قوة ودون هوادة أو تخاذل، واليد الاخرى تعمل على مساعدة المدنيين في الوقوف أمام آلام الحرب وضغط الجوع والحصار في حين شخًصوا بأبصارهم تجاه المستقبل الذي يعملون على رسمه من خلال عدة خطط وبيانات".

تنقل "الهيئة السورية للإعلام" عن أبي حمزة الحوراني قائد فرقة فجر التوحيد التابعة للجبهة الجنوبية& قوله: "سنبقى نقاتل حتى تحرير أخر شبر من أرضنا لتحقيق أمال أهلنا الذين عانوا من الظلم والاضطهاد على مدة 40 عاما".

وتضع الجبهة "الإطار العام للعملية الانتقالية في حال& سقوط النظام، حيث ستعمل على تحويل نفسها بالإضافة لكونها مؤسسة عسكرية إلى قوة دفاع مدني تؤمن الامن والامان للمدنيين في اماكن تواجدهم وتساعدهم على اعادة المهجرين إلى قراهم".

وتقول "الجبهة" إن فصائلها ستدعم تأسيس إدارة& لتوجيه المرحلة المؤقتة وقيام حكم انتقالي غير مسيس يقوده التكنوقراط الذين ستنتهي ولايتهم في حال إتمام هذه المرحلة.

كما تشدد على عدم إقصاء أي موظف حكومي على رأس عمله مادام يتحلى بالكفاءة والإخلاص بالخدمة.

ويؤكد الحوراني على ان هذه الخطوات "ستكون كفيلة لتحقيق الامن والاستقرار داخل سوريا الجديدة وتحت راية القانون الجديد الذي سيتم تطبيقه على جميع أبناء سوريا على اختلاف اطيافهم والوانهم"، على حدّ تعبيره.

ويتابع القائد في الجبهة الجنوبية حديثه للهيئة السورية للإعلام فيقول: "نعمل على تحرير سوريا ومن ثم إقامة الدولة المدنية التي يكون فيها الشعب السوري هو أساس الحكم، وتكون صناديق الانتخابات هي الفصل والحكم بين السياسيين المتنافسين على السلطة، وضمن كل ذلك لن يكون للعسكرة أي دور سوى حماية البلاد وضمان استقرارها".

لا داعش ولا قاعدة

يشار إلى أنّ "الجبهة الجنوبية" تقاتل قوات النظام ومقاتلي تنظيم "داعش".

وفي يونيو الماضي، أبدت بعض فصائل الجبهة الجنوبية تحفظها من تأسيس تشكيل "جيش الفتح – المنطقة الجنوبية"، على خلفية وجود جبهة النصرة ضمن الجسم العسكري لجيش الفتح.

وكانت مجموعة من الفصائل قد أعلنت في يونيو تشكيل "جيش الفتح – المنطقة الجنوبية"، وضم التشكيل كلا من: حركة أحرار الشام الإسلامية، جبهة النصرة، تحالف فتح الشام، لواء إحياء الجهاد، تجمع مجاهدي نوى، لواء أسود التوحيد، لواء أنصار الحق، ولواء العمرين الإسلامي، حسبما جاء في بيان صادر عن عن التجمع الجديد.

وتقول "الجبهة" إنها "تحارب دعاة المذهب الديني المتشدد الذين جعلوا من اعتدال الاسلام وتسامحه قتلا وذبحا وتشريدا.

كما تؤكد الجبهة الجنوبية أن كل "أبناء هذه الارض هم سوريون لهم حقوق وعليهم واجبات كغيرهم من أبناء الوطن الواحد سوريا".

ويقول الحوراني لـ"الهيئة السورية للإعلام" إن فصيله "لن يسمح لأي كان من ان يصادر أي حق من حقوق السوريين، لم نخرج في ثورتنا فقط ضد الظلم والفساد وإنما خرجنا مطالبين بالحرية للجميع على اختلاف الوانهم ومذاهبهم ولن يكون الوطن صلبا إلا بتجمع ابنائه وترابطهم تحت مظلته بعيدا عن اية تسميات او تحزبات او طوائف، والتطرف يجعل من البلاد في مهب الريح".