بيروت: دفن الطفل السوري الان شنو الذي قضى غرقا خلال محاولته الفرار من الحرب، الجمعة مع عائلته في مدينة كوباني السورية ذات الغالبية الكردية، لكن هذه المأساة التي تعتبر اقسى تعبير عن ازمة المهاجرين لم تضع حدا للتباينات بين الاوروبيين.

وقال الصحافي الكردي مصطفى عبدي في اتصال هاتفي مع فرانس برس "تم تشييع الطفل ألان شنو وشقيقه ووالدته اليوم في كوباني حيث دفن في حضور والده عبدالله وبمشاركة مئات الاشخاص. خيّم حزن شديد، وكان الجميع يبكي".

واضاف "كوباني اعتبرتهم شهداء، ودفنوا في مقابر الشهداء".

ونزحت عائلة عبدالله شنو مرات عدة داخل سوريا والى تركيا هربا من اعمال العنف قبل ان تقرر الهجرة الى اوروبا.

واثارت صورة جثة الطفل ألان البالغ الثالثة من العمر ممددا على بطنه على رمال شاطئ بودروم جنوب غرب تركيا لدى نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي ومن ثم على الصفحات الاولى للعديد من الصحف الاوروبية، صدمة حقيقية وموجة تأثر في العالم.

ومن لشبونة قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الجمعة "حيال حجم الازمة ومعاناة الناس، اعلن اليوم اننا سنبذل جهدا اكبر عبر استقبال الاف اللاجئين السوريين الاضافيين"، علما ان بلاده لم تمنح اللجوء منذ اذار/مارس 2014 سوى ل219 سوريا.

وقال وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير لدى وصوله الجمعة الى لوكسمبورغ لحضور اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الاوروبي ان "التحدي الذي يواجهه الاتحاد الاوروبي في قضية الهجرة وهؤلاء اللاجئين الذين يزداد عددهم كل يوم هو اكثر اهمية" من الازمة اليونانية.

والجمعة، ازداد الوضع توترا في المجر حيث فر 300 مهاجر من مخيم قرب الحدود الصربية، ما دفع بودابست الى اغلاق احد المراكز الحدودية البرية موقتا وجزئيا.

الى ذلك، قرر مئات المهاجرين الاخرين ان يغادروا سيرا محطة القطارات في بودابست "الى النمسا" التي تبعد 175 كلم.

ويتعرض الاوروبيون لمزيد من الضغوط لإظهار تضامن وتعاطف. واعتبر شتاينماير انه "لا يحق لأوروبا ان تنقسم في مواجهة تحد مماثل. ان تبادل الاتهامات لن يساعد في التحكم في المشكلة".

ورأى رئيس المجلس الاوروبي دونالد توسك ان التباينات داخل الاتحاد "بين الشرق والغرب" تكشف قارة ممزقة بين تبني التشدد لمواجهة التدفق الكبير للاجئين على حدودها الخارجية والدعوات الى التضامن.

وقال المسؤول الثاني في المفوضية الاوروبية فرانز تيمرمانز خلال زيارته جزيرة كوس اليونانية "نعيش لحظة حقيقة في التاريخ الاوروبي. نستطيع ان ننجح معا وموحدين، او نفشل كل على طريقته داخل بلاده او في جزره".

وفي مواجهة هذه الازمة غير المسبوقة، ستطرح المفوضية الاوروبية على الدول ال28 الاعضاء تقاسم عبء 120 الف لاجئ وصلوا اخيرا الى اليونان والمجر وايطاليا.

لكن الامم المتحدة سارعت الى اعتبار هذا الجهد غير كاف. وطلب المفوض الاعلى لشؤون اللاجئين انطونيو غوتيريس من الاوروبيين تقاسم استقبال 200 الف شخص على الاقل.

كذلك، اعتبرت المانيا التي ستتلقى عددا قياسيا من طلبات اللجوء هذا العام يناهز 800 ألف وفرنسا انه ينبغي توزيع اللاجئين داخل الاتحاد في شكل افضل. وفي هذا السياق، تحدثت المستشارة انغيلا ميركل عن نظام "حصص ملزمة".

لكن هذا الموضوع غير وارد في العديد من دول شرق اوروبا التي توحدت لعرقلة اقتراح للمفوضية الاوروبية يقضي بالمسارعة الى تقاسم دفعة اولى من اربعين الف لاجئ. وفي نهاية المطاف، تم التوصل الى توافق بالحد الادنى على استقبال 32 الف لاجئ وصلوا الى اليونان وايطاليا في الربيع الفائت، رغم انه لم ينفذ بعد.

من جهتها، تعقد الدول الاربع الاكثر ترددا، اي المجر وجمهورية تشيكيا وسلوفاكيا وبولندا اجتماعا الجمعة في براغ لبلورة ردها.

وفضلا عن ذلك، يبحث رئيس المفوضية امكان طلب تعويضات مالية لفترة غير محددة و"لاسباب موضوعية" من البلدان التي ترفض استقبال لاجئين على اراضيها، بحسب مصدر اوروبي.

وسيدعو وزراء الخارجية الفرنسي والايطالي والالماني في لوكسمبورغ الى اعادة النظر في حق اللجوء الذي تجاوزه الزمن في رأيهم، اضافة الى تقاسم عادل للمهاجرين داخل الاتحاد.

وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني لدى وصولها الى لوكسمبورغ "سنركز عملنا خصوصا على دول المصدر والعبور".

ويدرك الاوروبيون انه ينبغي التصدي لجذور هذه الازمة، اي النزاع الدامي في سوريا، وهم يأملون في تشكيل حكومة وحدة وطنية في ليبيا قريبا تساعد في وقف الفوضى السياسية والامنية التي تدفع السوريين الى المغادرة.

وتظهر ارقام مفوضية اللاجئين في الامم المتحدة ان اكثر من 300 الف شخص عبروا المتوسط منذ بداية هذا العام قضى منهم اكثر من 2600.

&