شنّت المؤسسات الدينية في مصر هجومًا عنيفًا على دعوات التظاهر في ذكرى ثورة 25 يناير التي أطلقتها جماعة الإخوان المسلمين، حيث اتهمت من يخرجون على الرئيس عبد الفتاح السيسي بالخيانة والعمالة، ودعت إلى ضرورة الاصطفاف خلف الرئيس.
&
أحمد حسن من القاهرة : مع تزايد الدعوات الرامية للتظاهر في ذكرى 25 يناير، شنّت المؤسسات الدينية في مصر هجومًا عنيفًا على دعوات التظاهر، حيث اتهمت تلك المؤسسات الدينية الرسمية من يخرجون على الرئيس عبد الفتاح السيسي بالخيانة والعمالة، ودعت إلى ضرورة الاصطفاف وراء الرئيس، وقد جاءت تلك الفتاوى ردًا على الدعوات اليومية التي أطلقها عدد من النشطاء للتظاهر في 25 يناير المقبل تحت عنوان "هنسقط الاستبداد".
&
في السياق عينه، أعلنت العديد من القوى السياسية مشاركتها في تلك التظاهرات، ليس من أجل إحياء الذكرى فقط، بل من أجل القيام بموجة ثورية جديدة ضد القمع والظلم وتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي وصل إليها الشارع المصري في الآونة الأخيرة، وتعتبر حركة 6 إبريل وجماعة الإخوان المسلمين وحركة الاشتراكيين الثوريين، أبرز القوى السياسية التي دعت للتظاهر في ذكرى ثورة يناير، وتأتي الاستعدادات لذكرى ثورة 25 يناير وسط حالة من السخط العام وغير المسبوقة حتى من المؤيدين للنظام، وكذلك تزايد الاعتصامات والإضرابات خلال الفترة الأخيرة، والعزوف الملحوظ وغير المسبوق عن المشاركة في المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية.&
&
التظاهر مُحرّم&
&
إلى ذلك، اعتبرت دار الإفتاء المصرية أن دعوة جماعة الإخوان للتظاهر في ذكرى 25 يناير، واستخدام جميع الوسائل المتاحة خلال تلك التظاهرات جريمة متكاملة الأركان تُسقط عن وجه الجماعة قناع السلمية التي توارت خلفه خلال السنوات الماضية، وتثبت أن عنف الجماعة وصدامها مع المجتمع جزء لا يتجزأ من عقيدتها التي تؤمن بها.&
&
وشددت دار الإفتاء على أن مثل هذه الدعوات تحض على العنف والإرهاب المحرم تحريمًا قاطعًا، محذرًا المصريين عامة والشباب خاصة من التورط في اقتتال واحتراب لا شرعية دينية له ولا مصلحة فيها إلا لأعداء الوطن في الداخل والخارج، ويجب على جميع المصريين الحفاظ على مؤسسات الدولة المصرية ضد أي اعتداء يقع عليها بأي وسيلة كانت؛ لأن هذا الفعل جريمة يعاقب عليها الشرع والقانون.
&
واعتبرت دار الإفتاء في بيانها الرسمي أنه لا يجوز إطلاق لقب شهيد على قتلى التظاهرات الداعية للفتنة، وأن وصف الشهيد يطلق على المسلم الذي مات في معركة مع الأعداء، أو بسبب من الأسباب التي اعتبرت الشريعة من مات به شهيدًا.
&
ونوهت إلى أن من ذهب للتظاهر أو الاعتصام المشروعين، وحصلت حوادثُ تؤدي لمقتله، فيجوز وصفُه بالشهادة دعاءً أو احتسابًا، ما لم يكن معتديًا أو كان سبب هلاكه معصية كمخالفة القانون، أو الخروج للدعوة إلى فتنة، أو العمل على إذكاء نار الفتنة، أو الاعتداء على الأرواح أو الممتلكات العامة أو الخاصة، ونحو ذلك، فمن كان كذلك فليس بشهيد، ولا يجوز إطلاق هذا الوصف الشريف عليه.
&
دعوات في المساجد
&
بينما وجهت وزارة الأوقاف خطباء المساجد لمواجهة دعوات التظاهر من فوق المنابر، حيث دعت وزارة الأوقاف خطباء المساجد لتخصيص خطبة الجمعة عن التصدي لدعوات إحياء الذكرى الخامسة لثورة يناير بالتظاهر في الميادين، وبررت الأوقاف هذا بأن استقرار الوطن ضرورة شرعية، ودعت خطباء المساجد لتذكير المصلين بما يحدث في العراق وسوريا وليبيا، واتهمت وزارة الأوقاف من يخرجون على الرئيس عبد الفتاح السيسي بالخيانة والعمالة ودعت إلى ضرورة الاصطفاف وراء الرئيس.
&
وقال الدكتور مختار جمعة وزير الأوقاف في البيان الذي يحمل اسمه: "إنه لا بد من الاصطفاف خلف عبد الفتاح السيسي، وخلف قواتنا المسلحة في مواجهة الإرهاب، وفي معركة البناء والتعمير، وقطع يد دعاة الفوضى والتخريب من الخونة والعملاء".
&
ويضيف جمعة : "نؤكد وبوضوح أن أي دعوات للخروج على النظام هو رأس الخيانة الوطنية، وعمالة واضحة لأعداء الوطن، ومحاولات بائسة لإسقاط الدولة، لذا يجب أن يتم التعامل معها بمنتهى الحسم".
&
طاعة الحاكم&
&
وفي السياق ذاته، خرجت فتاوى أخرى من بعض مشايخ الأزهر تحرم الخروج على السيسي، وكان آخر هؤلاء الشيخ صبري عبادة، مساعد وزير الأوقاف، إذ قال في تصريحات إعلامية: "إن الدعوة للتظاهر في ذكرى ثورة 25 يناير بعد انتخاب رئيس الجمهورية ومجلس النواب حرام شرعًا"، وتابع قائلًا: "إن جميع المصريين عندهم قناعة تامة بأن الخروج اليوم على الحاكم مخالف للشريعة الإسلامية".
&
من جانبه أكد الدكتور أحمد علي عثمان، أستاذ سيكولوجية الأديان، أن المعروف شرعًا إذا تم اختيار الرئيس عن طريق الانتخابات وهو المعروف بالبيعة وجب على الأمة السمع والطاعة والتزام طاعته طالما رضي أن يكون هو الحاكم في مقابل قيام الحاكم بواجبه نحو الأمة، كما وحذر الإسلام من التراجع عن البيعة التي تمت بطريقة مباشرة، لأن التراجع عن مساندة الحاكم &يعد خروجًا عن الجماعة وفيه فتنة تضعف من قوة الشعب وتفسح المجال لطمع الأعداء، حيث ورد عن الرسول حديثه "من خلع يدًا من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية"، والمراد مات على الضلالة كما يموت أهل الجاهلية ؛ لأنهم كانوا يستنكفون أن يدخلوا تحت طاعة أمير، بحسب قوله.
&
وقال الدكتور عثمان ﻟـ "إيلاف": "إن مصر تمر بظروف سياسية واقتصادية صعبة تتطلب التفاف الشعب حول الرئيس، وبالتالي كل من يدعو للتظاهر ضد السيسي أو المطالبة بثورة ثالثة يخالفون ما جاء في القرآن والسنة، ولا يجب على الشعب الاستماع لتلك الدعوات الباطلة، بل يجب على الجميع الاستماع للفتاوى الصادرة عن المؤسسات الدينية الرسمية في مصر".
&
حدود الطاعة&
&
كما ذكر الدكتور محمد منصور، أستاذ العقيدة في جامعة الأزهر، أن الإسلام شدد على وجوب الطاعة لولي الأمر وذلك في كل الأحوال، حتى الحاكم الظالم، ولكن لا يجوز السكوت على الحاكم في حالة واحدة وهي ارتكاب ما يخالف شرع الله وما لا يصب في معصية، كأن يفرض قانونًا يأتي بمنكر كالربا في المعاملات فلا يجوز طاعته، ولكن الخروج عليه يكون بعدم ارتكاب فتنة وفي هذه الحالة فالواجب الصبر، أما إذا لم يأمر الحاكم أو يفرض بل أصدر قرارًا أو قانونًا يجوز فيه مثلًا صناعة الخمور أو تبرج المرأة فالفرصة متاحة في ذلك ألا نطيعه ولا نمارس ما أباحه القانون مما حرمه الله.
&
وقال ﻠ "إيلاف": "إن الرئيس السيسي لم يرتكب ما يخالف شرع الله حتى ندعو للتظاهر ضده، ويجب الصبر عليه لحين استكمال فترة ولايته الأولى كاملة، كما أن دعوات التظاهر من جانب الإخوان هدفها أغراض سياسية فقط، والشعب المصري يدرك ذلك جيدًا؛ لذلك لا نتوقع خروج تظاهرات في ذكرى يناير، بل قد تحدث بعض الأعمال الإرهابية البسيطة فقط، والأجهزة الأمنية قادرة على المواجهة بكل حسم".

&