تتجه أنظار العراقيين والعالم إلى سد الموصل وإمكانية انهياره في أي لحظة، لا سيما في ظل توقف أعمال الصيانة بعد احتلاله لأيام من قبل تنظيم داعش، فيما ترتفع المخاوف مع اقتراب الأشهر المقبلة، كون الضغط على السد يصل إلى أعلى مستوياته على الإطلاق.
&
إعداد عبد الإله مجيد: بعد مرور اكثر من 16 شهرا على استعادة سد الموصل في شمال العراق من تنظيم داعش، يواجه السد تهديدا جديدا هو خطر الانهيار بسبب اهمال الحكومة العراقية أعمال الصيانة في السد وتهديد العديد من المناطق المأهولة على ضفاف نهر دجلة بفيضانات مدمرة. &
&
وقال مسؤولون في وزارة الخارجية الاميركية ان انهيار السد في الربيع حين يرتفع منسوب دجلة بسبب الأمطار وذوبان الثلوج يمكن ان يؤدي الى مقتل نحو 500 الف شخص وتشريد أكثر من مليون آخرين، وستكون الأضرار أقل إذا ما تم تحذير سكان المناطق المهددة في وقت مبكر، أو إذا انهار السد جزئيا أو انهار في الصيف أو الخريف، حين ينخفض منسوب الماء.&
&
ضرورة ملّحة
&
وشدد الرئيس باراك اوباما على ضرورة اجراء تصليحات عاجلة بعد طرد داعش من مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار غرب العراق، وذلك في اتصال يوم الأربعاء الماضي مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، كما أكد البيت الأبيض.&
&
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤول رفيع في وزارة الدفاع الاميركية ان رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيوش الاميركية الجنرال جوزيف دنفورد أكد مجددا الضرورة الملحة لصيانة السد وتدارك خطر انهياره خلال اجتماعه مع العبادي في بغداد يوم الخميس.
&
وإزاء تلكؤ الحكومة في اجراء التصليحات اللازمة في الوقت المناسب، اقترح &مسؤولون اميركيون على حكومة العبادي ان تبدأ من الآن تحذير مواطنيها، بمن فيهم الذين يعيشون تحت سيطرة داعش في الموصل، بشأن الاحتياطات التي يجب اتخاذها وأين يستطيعون الانتقال إذا بدأ السد بالانهيار.
&
واشار مسؤول في وزارة الخارجية الاميركية وعضو فريق شُكل العام الماضي من عدة وزارات وجهات اميركية لمعالجة المشكلة الى ان الربيع يزيد الخطر الذي يهدد السد وان تقييم الادارة الاميركية هو ان السد سينهار في غياب الجهود الجادة لصيانته، ولكنه لم يحدد متى يتوقع حدوث الانهيار، فيما تمثل مشكلة سد الموصل تحديًا للمهندسين الذين يتعين عليهم تعزيز السد الذي بُني في زمن صدام حسين على أساس ضعيف من الجبس والحجر الكلسي والطين. &
&
أبعاد سياسية
&
ولكن للمشكلة ابعادا سياسية ايضًا، فالمخاطر التي حذر منها المسؤولون الاميركيون تأتي في وقت يواجه العراق أزمة مالية عميقة بسبب هبوط اسعار النفط، فيما يخوض معركة صعبة مع داعش وتتعرض حكومة العبادي الى تهديدات من داخل ائتلاف الأحزاب الشيعية التي تسيطر على حكومته، لا سيما القوى التي ترتبط بايران، وتنظر الى المقترحات الأميركية بشأن السد على انها مؤامرة لتوسيع النفوذ الغربي في العراق. &
&
وقال مسؤولون عراقيون لصحيفة نيويورك تايمز ان شركة تريفي الايطالية تتفاوض مع الحكومة العراقية لاجراء تصليحات طارئة على السد بكلفة تزيد على 380 مليون دولار، ولكن المفاوضات، وخاصة بشأن التدابير الأمنية، لم تصل الى نتيجة حتى الآن.
&
وقال السفير العراقي في واشنطن لقمان فيلي يوم الأحد ان حكومته تدرك الخطر الذي يهدد السد وستجتمع مع الشركة الايطالية هذا الاسبوع لمواصلة المفاوضات، وفي ما يتعلق بأمن المهندسين الايطاليين قال فيلي: "هناك قوات عراقية تحمي السد، لكننا لا نعترض على توفير خبرات أمنية اضافية من ايطاليا أو غيرها من دول التحالف".
&
من جهة اخرى قال وزير الموارد المائية محسن الشمري، المحسوب على التيار الصدري، ان العراق لا يحتاج "الى دعم خارجي" في حراسة السد، وأكد مهدي رشيد مستشار الشمري في اتصال هاتفي مع صحيفة نيويورك يوم الأحد قائلا "لا حاجة الى قوات ايطالية لحماية السد".
&
وكان كونسورتيوم يضم شركات المانية وايطالية انجز بناء سد الموصل عام 1985 على بعد نحو 50 كلم من مدينة الموصل. &واصبح السد كابوسا هندسيا بعد بنائه بسبب تآكل أساسه من الجبس واضطرار المهندسين العراقيين الى حفر فتحات في الأساس وملئها بخليط اسمنتي. ويجرى هذا العمل ثلاث مرات يوميا، وستة ايام من الاسبوع. فيما سيطر مقاتلو داعش على سد الموصل بضعة ايام في آب (اغسطس) 2014 &ولكن كثيرا من العمال لم يعودوا بعد استعادة السد من داعش ولم تستأنف الحكومة العراقية اعمال الصيانة المنتظمة على السد. &كما فقد العراقيون مصدر الخليط الاسمنتي الذي كان ينتجه معمل في الموصل يقع الآن تحت سيطرة داعش.
&
خطة طوارئ
&
إلى ذلك، نصب الخبراء الاميركيون 92 جهازا لقياس الضغط على السد والترسبات في المياه القريبة لتقدير معدل تحلل الجبس. &ودعت الحكومة الاميركية البنك الدولي الى تخصيص 200 مليون دولار من قرضه البالغ 1.2 مليار دولار الى العراق لتغطية اعمال الصيانة على سد الموصل.
&
ويكون خطر انهيار السد على أشده من نهاية شباط (فبراير) الى منتصف ايار (مايو) حين يرتفع منسوب نهر دجلة ويكون الضغط على السد في أعلى مستوياته، ولاحظ مراقبون ان الحكومة العراقية لم تنظم أي حملات لتوعية المواطنين في المناطق المهددة بهذا الخطر وأين يجب ان ينتقلوا وما هي الاحتياطات التي يمكن اتخاذها.&
&
وفي حال انهيار السد ستصل مياه الفيضان الى بغداد في غضون ايام، ويمكن ان تغمر المياه مناطق من العاصمة العراقية قريبة من دجلة، بينها السفارة الاميركية في المنطقة الخضراء.
&
ولكن توعية سكان الموصل بالخطر عملية معقدة، إذ يستطيع السكان الابتعاد عن المياه المندفعة نحوهم بالاستجابة لتحذيرات الحكومة والانتقال الى اطراف المدينة ولكن داعش قد يرى في ذلك محاولة لفتح الطريق اما هجوم لاستعادة المدينة ويفرض على السكان البقاء.
&
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤول في وزارة الخارجية الاميركية طلب عدم كشف اسمه انه "لا يوجد الآن نظام إنذار"، وقال السفير العراقي في واشنطن لقمان فيلي ان لدى حكومته "خطة طوارئ في حالة انهيار السد".

&