تعرّض وزير الخارجية الألماني إلى كثير من النقد بسبب زيارته المرتقبة في شباط (فبراير) المقبل، للمشاركة في مهرجان الجنادرية، إلا أنه يؤكد أن في حضور ألمانيا المهرجان ضرورة سياسية واقتصادية.
&
ماجد الخطيب: من جديد أثير الخلاف حول سياسة ألمانيا الخارجية بسبب الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية الألماني فرانك-فالتر شتاينماير (من الحزب الديمقراطي الاشتراكي) إلى المملكة العربية السعودية، وفيما رفضت وزارة الخارجية الألمانية التعليق على الانتقادات، أكد السفير الألماني في الرياض، في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، عزم شتاينماير زيارة السعودية للمشاركة في احتفالات مهرجان التراث والثقافة السعودي "جنادرية".
&
ودفعت التطورات السياسية الأخيرة، وبينها قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، ممثلي السياسة الخارجية في التحالف المسيحي، وفي حزبي اليسار والخضر، إلى توجيه انتقادات حادة لهذه الزيارة .
&
إلا أن شتاينماير رد على منتقديه نهاية الاسبوع الماضي عبر صفحات صحيفة "فرانكفورتر الغيماينة" قائلاً إن "المهم بالنسبة اليهم ليس السياسة الخارجية بل جمع النقاط في السياسة الداخلية من خلال المسارعة إلى مكبرات الصوت المحلية".
&
ضرورة سياسية
&
ويبين شتاينماير أن الأهم هو أن تسهم ألمانيا في قسطها من أجل أن لا يؤدي الخلاف الجديد بين الرياض وطهران إلى قطع الطريق على الحل السياسي للحرب الأهلية الدائرة في سوريا، وتنقل صحيفة تاغيسشبيغل البرلينية عن شتاينماير قوله: "ينبغي ان يحتل هذا الموقف الأولوية متقدماً على كافة القضايا".
&
وينوي شتاينماير، كما في تشرين الاول (اكتوبر) 2015، زيارة عاصمتي البلدين المتنازعين، أي طهران والرياض على التوالي. ويضغط السعوديون على وجه الخصوص كي تمارس ألمانيا نفوذها من أجل التوصل إلى حل سياسي في سوريا.
&
وكان من المفترض أن ينعقد مهرجان الجنادرية في دورته الثلاثين، الذي خلع على ألمانيا لقب البلد الضيف، في العام الماضي برعاية الملك عبد الله، الذي قاد بلده على طريق الانفتاح. وتأجل المهرجان، المفعم بالنشاطات الفولكلورية وسباقات الهجن وغيرها، بعد وفاة الملك في كانون الثاني (يناير) من العام 2015.
&
تقارب ثقافي&
&
وينتظر أن يجتذب المهرجان الذي يقام في الثالث من شباط (فبراير)&2016 نحو ثلاثة ملايين مشارك، وينظمه &الحرس الوطني السعودي قرب العاصمة الرياض. وترمي وزارة الخارجية الألمانية، ومعهد غوته، وولاية بادن فورتمبيرغ، والعديد من الشركات الكبرى، إلى استغلال الجناح الألماني، الذي تبلغ كلفته 2,5 مليون يورو، لتعريف الزوار بالأفكار الغربية، وبطريقة الحياة الألمانية، وكذلك بالثقافة والمنتجات الألمانية.&
&
ويقول اندرياس غورغن المتحدث باسم القسم الثقافي في وزارة الخارجية الألمانية إن الهدف من المشاركة "تعريف الناس بأفكارنا وتصوراتنا"، ويدافع غورغن عن زيارة وزير الخارجية الألماني ويؤكد اهميتها “في نشر مظلة الرعاية السياسية فوق العرض الثقافي في المهرجان".
&
ويقام في الجناح الألماني عرض عن دور المرأة في تقنيات العلوم الطبيعية، ويجري حث الزوار على المقارنة بين ادارات الحكم الذاتي الذي تتصف به البلديات في ألمانيا والمملكة العربية السعودية، كما سيجري تنظيم الندوات.
&
تعزيز المفاوضات
&
القضية بالنسبة إلى شتاينماير لا تدور حول حضور سباقات الهجن المثيرة. لأن التفاوض في الرياض دون حضور المهرجان ستكون له كلفة سياسية عالية من وجهة نظره. وبالتراجع عن موقع ألمانيا كضيف المهرجان ستحرم ألمانيا إمكانياتها التفاوضية ويضعها في “موقف تسلل”، كما يقال في وزارة الخارجية الألمانية.&
&
وتمثل ولاية بادن فورتمبيرغ اهمية اقتصادية في مشاركة ألمانيا في مهرجان الجنادرية، وتشارك ست شركات، من الولاية التي يحكمها تحالف الاشتراكي والخضر، في تقديم عروضها لبناء المسابح وتجهيز اليخوت الفاخرة. في المقابل، سبق لكاترين غورنغ-ايكاردت، رئيسة الكتلة البرلمانية للخضر، ان طالبت قبل وقت قصير بوقف التعاون الاقتصادي مع الرياض في البرلمان الألماني.
&
الموضة المعاصرة
&
يقول يوهانيس ايبرت، السكرتير العام لمعهد غوته منذ العام 2012، لصحيفة تاغيسشبيغل، إن الألمان، الذين يشاركون كدولة ضيف، سيقدمون عروضهم في مبنى من تصاميمهم تزينه واجهة من الأعمال الفنية، ويقودون الزائر هناك ”في رحلة تاريخية خلال الهندسة المعمارية الألمانية من العصور الوسطى وحتى الحاضر".
&
وقد درس ايبرت نفسه العلوم الإسلامية، وكان يقود معهد غوته في القاهرة حتى العام 2007. ويعتبر مركز معهد غوته في ميونخ المسؤول عن البرنامج الثقافي الألماني في مهرجان الجنادرية.
&
هناك أيضاً عرض "للموضة المعاصرة" يراعي جيداً الملابس المحتشمة، وخصوصًا للنساء. ويتساءل المشاركون عن أفضل طريقة لتقديم اللقطات حول "النساء في تقنية العلوم الطبيعية"، وهن غير محجبات، وخصوصاً الفيزيائية ليزا مايتنر وعالمة الوراثة الحائزة نوبل كريستيانه نوسيلين-فولهارد. مع ذلك ستجرى "إعادة تدقيق جيدة" في بعض فقرات البرنامج الذي يقدمه معهد غوته، بالتعاون مع السفارة الألمانية في الرياض، ومع المستشرق الشاب ومدير البرنامج كريستوفر ريش.
&
هذا قد يشمل جولات النقاش الألمانية-العربية التي تتحمل وزارة الخارجية المسؤولية الكاملة عن موضوعاتها والمشاركين فيها. وعلى أية حال يقول ايبرت، السكرتير العام لمعهد غوته، "نريد أن نعبر بوضوح عن وجهة نظرنا في فهم الحرية الثقافية والفنية".
&
الفرقة الفولكلورية&
&
من المؤكد ان الفرق المشاركة في البرنامج، مثل رباعي عزف الأبواق "فن هورنز" من نويهاغن، وعازفي الجاز "توكنغ هورنز" من كولون، والفرقة الفولكلورية البافارية "تزفيربيلدرمز"، التي تشكل النساء معظمها، لن تظهر كما هو معتاد بزي الدرندل المفتوح الصدر. وهذا يشمل &فرقة "الهبهوب جام" التي تضم فنانين ألمانًا وسعوديين.&
&
قبل ذلك قدم برنامج مماثل في المملكة العربية السعودية في نهاية العام 2013 في إطار مشروع تجريبي تم تقديمه في السفارة الألمانية، من قبل معهد غوته الممثل عادة فقط في القسم الثقافي من السفارة. وتم بالتعاون مع معهد روبرت بوش في ميناء جدة، وأمام 600 متفرج، تقديم أغاني الهبهوب الألمانية العربية "من برلين إلى جدة" وبمشاركة ذكورية فقط بحسب القوانين السعودية. وكانت عبارة عن أغاني راب قدمها ماكس هيره مع زملاء سعوديين، تعبيراً عن الثقافة المزدهرة بين "شعبي المملكة العربية السعودية وجمهورية ألمانية الاتحادية".
&
ضمن البرنامج المخطط له أيضاً "رقص ورياضة" مع فرقة "فوسبال فيرستايل"، وعروض "مشعوذين"، وهي لمسرح "زيبرا ستيلتزن" بالتعاون مع الكوميدي اسامة الياس، إلى جانب ورشة عمل "غرافيتي" للفنان ينز بيسر من دريسدن. وهذا يكلف معهد غوته، ضمن قسطه في البرنامج، نحو 240 ألف يورو. ويقول يوهانيس ايبرت "انه مهرجان فولكلوري ثقافي"، ويضيف: "فقط في الجنادرية يجتمع ملايين الزوار، ونسعى لمخاطبة المهتمين بثقافتنا".&

&