قدّر تقرير حقوقي خسائر مصر بسبب العمليات الإرهابية في العام الماضي بـ50 مليار جنيه، أي ما يعادل (6.3 مليارات دولار أميركي)، و756 قتيلاً و1433 مصاباً.


صبري عبد الحفيظ من القاهرة: أكد تقرير صادر عن "مؤسسة مؤشر الديمقراطية"، وقوع 2533 عملية إرهابية في مصر خلال العام 2015، مشيراً إلى أن& المتوسط الشهري يبلغ 211 حادثا، والمتوسط اليومي 7 حوادث، بالإضافة إلى 1445 حادثة تفجير وتفخيخ بمتوسط 4 حوادث يومياً، ولفت إلى أن الضحايا بلغوا 756 قتيلاً، و1433 مصاباً.

وأوضح التقرير السنوي للمؤسسة المعنية برصد مختلف الأحداث في مصر وتحليلها، أنه "رغم تسخير الإدارة المصرية الحالية كافة مواردها لما تطلق عليه الحرب ضد الإرهاب منذ منتصف 2013 وحتى الآن بشكل جعل أدوات الأمن والإعلام تخلق حالة من الشحن المستمر لكافة موارد الدولة للمساعدة في حربها على الإرهاب والعنف، إلا أن الدولة المصرية شهدت خلال العام المنقضي 2015، أكثر من 2533 حادثة عنف وإرهاب سياسى، بمتوسط 211 حادثة شهريا ، و7 حوادث يومية، بشكل أحرج الإدارة المصرية أمام من فوضوها لمواجهة الإرهاب الذي لم تهدأ سياسات الدولة المصرية من وطأته طوال عامين ونصف من المواجهات المستمرة والتسخير الدائم لكافة الجهود والمقدارت في حربها ضده".

وأضاف التقرير الذي حصلت "إيلاف" على نسخة منه، أن "التفخيخ والتفجير" هو الأعلى في العمليات الإرهابية في مصر، مشيراً إلى ان&العام2015&شهد 1445 حادثة تفخيخ وتفجير عبوات وقنابل ناسفة وصوتية، بمتوسط 48 حالة شهرية و 4 حالات يومية، فيما تم إبطال 881 عبوة ناسفة وقنبلة منها وانفجرت 564 أخرى، بشكل يجعل هذا الأسلوب يمثل 60% من أدوات العنف والإرهاب، معتبراً أن "تفجير الطائرة الروسية المنكوبة في 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2015 أحد أكثر أحداث التفجيرات خسائر بشرية حيث قتل على أثره 224 شخصا كانوا على متن الطائرة".

وأشار إلى أن استراتيجة الإرهاب في مصر تركز على استهدات المنشآت الحيوية والشرطة العسكرية، وقال إن 261 حادثاً استهدف الشرطة، و28 اشعال نيران في سيارات مملوكة لضباط الشرطة والقضاة.

وحسب التقرير "مثلت المنشآت الحيوية والخدمية أحد أهم أهداف العمليات الإرهابية التي نفذت 190 حادثة استهدفت أبراج ومحولات الكهرباء، في حين نفذت 13 حالة استهداف وتخريب لأبراج المحمول، و 102 حادثة إطلاق نيران وزجاجات المولوتوف الحارقة على ممتلكات أخرى تابعة للدولة، وتدمير لخطوط السكك الحديدية، بالإضافة إلى وقوع 14 حادث استيلاء على سيارات مملوكة للدولة من قبل ملثمين لاستخدامها في أعمال ارهابية على حد وصف الإعلام والمؤسسات الرسمية".

لم يسلم المواطنون العزل من الاستهداف المباشر بعدما شهد العام 2015، تحطيم وإشعال النيران بممتلكات المواطنين في 42 حادثًا، وواجهت المنازل المدنية أكثر من 38 قاذفة صاروخية أدت لتدميرها، في حين نفذت 18 حالة خطف لمواطنين ومجندين في الجيش، بالإضافة إلى 18 حالة لقطع الطريق باستخدام الإطارات المحروقة والحجارة من قبل ملثمين.

واتهم التقرير السلطات المصرية بممارسة العنف والترهيب بحق المواطنين، وقال: "الدولة بحسب تعريفات العنف والإرهاب التي يعتمدها المؤشر، شريك في تنفيذ بعض أحداث العنف والترهيب بعدما قام الجهاز الشرطي بفض 361 تظاهرة، ونشب عن ذلك المئات من الاشتباكات وأحداث العنف بين المتظاهرين وقوات الفض، كما وقعت حالة لإطلاق الشرطة النار على مواطنين عزل، وحالة لإطلاقها قنابل الغاز على جنازة أحد المواطنين الذي لقي مصرعه على يد أحد أفراد الشرطة ، بينما أطلقت النار على بعض الشهود في القضية المعروفة إعلامياً بالهروب الكبير، والخاصة بهروب بعض من ممثلي جماعة الإخوان من بعض السجون المصرية وقت ثورة 2011".

ولفت إلى أن "الدولة متورطة بشكل مباشر في 14% من حالات العنف والإرهاب السياسي، عندما عمدت ـ من وجهة نظر التقريرـ& إلى استخدام القوة المفرطة ضد مواطنين عزل، بشكل عكس نمطا من العنف الرسمي الممارس من السلطة الحاكمة ضد المعارضين السلميين".

واعتبر التقرير أن "الجماعات المسلحة مارست إرهابا& ضد فئات المجتمع المصري عندما دمرت ممتلكاته في 42 حادثة وهاجمت منازله بقذائف في 38 حادثة بينما خطفت مواطنين ومجندين في 18 حادثة، بشكل مثل امتدادا لحالة من الإرهاب التي تستهدف المواطنين بشكل مباشر وتعجز الدولة& أن توقفها أو تقلل من خسائرها".

ووفقاً لتصنيف مؤسسة "مؤشر الديمقراطية"، فإن شهر يناير/ كانون الثاني 2015& مثل ذروة أحداث العنف والإرهاب السياسي في مصر بعدما شهد 664 حادثة، فيما جاء شهر فبراير/ شباط في المركز الثاني بـ 419 حادثة، واحتل شهر مارس/ آذار المركز الثالث بـ 378 حادثة، ويأخذ منحني أعداد الحوادث في الهبوط وصولا لشهر نوفمبر الذي مثل أقل شهور العام في أحداث العنف والإرهاب السياسى بعدما شهد 18 حادثة، فيما يأخذ منحى الأحداث في التصاعد مرة أخرى في ديسمبر الذي شهد 39 حادثة".

وحسب التصنيف الجغرافي للإرهاب في مصر، فإن "محافظة شمال سيناء أكثر المحافظات تضررا بعدما شهدت 533 حادثة بنسبة 21% من إجمالي الحوادث، في حين جاءت محافظة الجيزة في المركز الثاني بـ 256 حادثة (10%)، تلتها محافظة القاهرة التى شهدت 245 حادثة (9.7%). وشهدت محافظة الشرقية 230 حادثا، والإسكندرية 190 حادثا، والفيوم 195 حادثا، والبحيرة 123 حادثا، وبني سويف 102 حادث، في حين شهدت محافظات الغربية والقليوبية والموفية 98 ، 90، 88 حادثا على التوالي، وشهدت المنيا 62 حادثا، والدقهلية 48 حادثا،والإسماعيلية 43 وأسوان 40 حادثا، وتساوت محافظتا أسيوط ودمياط بـ 35 حادثا، وكفر الشيخ والسويس بـ 25 حادثا لكل منهما، فيما شهدت بورسعيد 22 حادثا، وقنا 18 حادثا، ثم الأقصر 12 حادثا وسوهاج 10 حوادث ، وجاءت محافظتا الوادي الجديد وجنوب سيناء أقل المحافظات التي شهدت عنفا وإرهابا سياسيا خلال 2015.

خسائر في الاقتصاد

كبدت العمليات الإرهابية مصر خسائر اقتصادية فادحة، وبلغت 50 مليار جنيه في العام الماضي، وقال التقرير إن "أحداث العنف والإرهاب كان&صداها واسعا في&العديد من المنشآت والمؤسسات، بعدما كبدت قطاع الطاقة أكثر من ملياري جنيه مصري، بينما تقدر خسائر السكك الحديد بمليار جنيه، وكان قطاع السياحة والإستثمار الأكثر تضررا بعدما قدرت خسائره بحوالى 40 مليار جنيه، فيما هرب العديد من الإستثمارات خارج الدولة مكبدة إياها العديد من الخسائر التي يصعب على غير المختصين وصف حساب محدد لها".

وانتقد التقرير "سياسة المواجهة الأمنية وآلة الحشد الإعلامية" بمواجهة الإرهاب، مشيرا إلى أن تلك الاستيراتيجية "تغلق العديد من متنفسات العمل السياسي والعام،& وتنتهك المزيد من الحقوق تحت شعار محاربة الإرهاب، على رأسها الحق في الحياة والمحاكمة العادلة والتنظيم والتظاهر، ناهيك عن التضييقات الفجة على التنقل وغيرها من الحقوق في نفس الوقت التي لم تحقق فيه أية نجاحات حقيقية"، حسبما يرى المؤشر.

وأضاف: "رغم أن الدولة تمر بمرحلة ما بعد الحراك الثورى وتغيير الأنظمة إلا أنها لم تتقدم خطوة واحدة في تطبيق أية أسس للعدالة الإنتقالية بشكل يخلق المزيد من الإحتقان من قبل ضحايا الفترة الماضية"، مشيرا إلى أن "الدولة عمدت إلى غلق متنفسات العمل التنظيمي للشباب المعارض وللطلاب وهو ما عزز استقطاب تلك الفئات نحو المشاركة في أعمال العنف والإرهاب السياسي".

واعتبر أن "خطاب التحريض والكراهية الذي تعج به العديد من وسائل الإعلام وتعززه السلطة الحاكمة، يعزز& مناخ العنف والإرهاب السياسي، ويقصي كافة المعارضين ويتهمهم ويخونهم بشكل يخلق العديد من الصراعات في المجتمع المحلي".

ودعا "مؤشر الديمقراطية" الدولة المصرية إلى& "ضرورة إعادة النظر في سياساتها المتعلقة بمواجهة العنف والإرهاب السياسي بشكل تنتهج فيه سبل الشراكة في التخطيط والتنفيذ مع باقي مؤسساتها، وترسم فيه ملامح للعدالة الجنائية، وتحاول تطبيق نموذج واقعي للعدالة الإنتقالية، وتعمل على مراعاة كافة حقوق وحريات مواطنيها من العبث تحت مسميات ودعاوى مواجهة الإرهاب، في حين يتوجب عليها وعلى المؤسسات المعنية بتنظيم العمل الصحافي أن تتحد لدحض خطاب الكراهية والتحريض الذي عكر سماء الإعلام المصري"، بحسب التقرير.
&&&&&