يحيي المصريون الذكرى الخامسة لثورة 25 (يناير) كانون الأول 2011، بينما لم تتحقق غالبية أهداف تلك الثورة الشعبية، التي أخذت الرئيس الأسبق حسني مبارك ونظام حكمه على حين غرة، ورغم أن المصريين ثاروا ضد مبارك، ولم يبرحوا الميادين لمدة 18 يوماً، حتى رحل في 11 (فبراير) شباط 2011، إلا أن المظاهر السلبية التي انتفضوا ضدها، عادت مرة أخرى، بشكل أكثر قسوة، ومنها الاستبداد والتعذيب والاعتقال، والفقر والفساد وفقدان العدالة الاجتماعية، وزادت عليها ظاهرة الإختفاء القسري، والتصفية الجسدية للمعارضين، لا سيما أعضاء وأنصار جماعة الإخوان المسلمين.
&
صبري عبد الحفيظ من القاهرة: مع احياء المصريين الذكرى الخامسة لثورتهم الشعبية، أجرت "إيلاف" مقابلة مع الناشط السياسي محمود عفيفي، أحد رموز ثورة يناير، والقيادي السابق بحركة 6 أبريل، التي يعتبرها المراقبون، إحدى أهم الحركات السياسية التي مهدت للثورة.
&
وقال عفيفي في الحلقة الأولى من المقابلة، إن الرئيس عبد الفتاح السيسي يتعمد قتل الحياة السياسية، سيراً على نهج مبارك، مشيراً إلى أن الشباب يشعر بالاحتقان، بسبب سجن رموز الثورة، واستفحال ظاهرة الاختفاء القسري، وغياب العدالة الاجتماعية.
&
وذكر أن غالبية رموز ثورة يناير رهن السجون، ويتعرض من هم خارج أسوارها للتضييق في أعمالهم، مشيرًا إلى أنه يتلقى تهديدات وصفها بـ"غير الرسمية" أيضاً، فضلاً على التنكيل به والتضييق عليه في عمله، وأضاف أن المصريين لم يخطئوا بالثورة ضد مبارك، لافتاً إلى أنه لو عادت الأيام سوف يخرجون بالملايين ضده مرة أخرى.
&
ورغم أن اتهامات المؤامرة والتمويل الخارجي، تلاحق نشطاء ثورة يناير، إلا أن عفيفي ينفي تلقيهم أية تدريبات أو دعم مالي أو نوع من الدعم الخارجي، في أية مرحلة من مراحل الثورة.
&
وهذا نص الحوار:
&
كيف ترى الأوضاع السياسية والاجتماعية مع إحياء الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير؟
&
هناك حالة قتل عمد للسياسة منذ تولي نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم، يحرص النظام على الموت البطيء للحياة السياسية من خلال استخدامه للتنكيل بالشباب والقمع، وكذلك استمالة معظم الأحزاب من خلال الأجهزة الأمنية، لتتحول إلى أداة هشة تنفذ تعليماته فقط. كما كانت أيام مبارك. وبالتالي تم غلق المجال العام تمامًا من قبل النظام أمام كل الممارسات السياسية. كما أن الأحوال الاجتماعية صعبة جدًا، فمعاناة الشعب المصرى تزداد في ظل الارتفاع الجنوني للأسعار، وعدم قدرة الحكومة على السيطرة على أسعار السوق، فضلاً عن غياب العدالة الاجتماعية، التي تعتبر أحد أهم أهداف ثورة يناير.
&
هل تعتقد أن ثمة حالة احتقان تسيطر على الشباب، ويمكن أن تفضي إلى انتفاضة شعبية، تطيح بنظام حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي؟&
&
طبعًا هناك حالة احتقان كبيرة وغضب بين صفوف الشباب المصري، بسبب ممارسات النظام القمعية، وسجن عدد كبير من شباب الثورة، وحالات الاختفاء القسري الكثيرة، وعودة زوار الفجر مرة أخرى، بجانب الهجوم الشديد والمنظم على ثورة يناير من قبل الإعلام ورجال النظام، الذين عادوا لتصدر المشهد مرة أخرى. أما عن فكرة وجود انتفاضة شعبية تطيح بالسيسي فالأمر متروك للشعب المصري، الذي ينتفض ويثور عندما يقرر هو فقط ذلك.
&
رغم أن الدستور نص على أن 25 يناير ثورة شعبية، إلا أن الواقع الراهن وتصريحات رموز النظام وأفعال النظام الحاكم نفسه، تقول عكس ذلك، هل تعتقد أن نظام مبارك مازال يحكم، وإن كان بأشخاص ووجوه أخرى؟&
&
تقدر تقولي فى إيه أصلا يتم تطبيقه من الدستور ؟! للأسف أصبح الدستور الآن حبراً على ورق مثلما كان في عهد مبارك، ثورة يناير ثورة شعبية بإقتدار لا يهاجمها إلا فاسد أو جاهل أو مغيب أو صاحب مصلحة. وبالطبع أصحاب المصالح والفاسدون شكلوا ثورة مضادة للوقوف أمام الثورة بكل أسلحتهم الفاسدة، استخدموا الاعلام لتشويه الثورة والثوار، وساعدهم النظام على ذلك، بل وأصبح شريكاً لهم بإعادتهم مرة أخرى للمشهد والتنكيل بالثورة وشبابها.
&
أمام الهجمة الشرسة التي تتعرض لها ثورة 25 يناير، ووصفها بأنها مؤامرة، رد الشباب بحملة "أنا شاركت في ثورة يناير"، هل هذا يكفي؟ أم يحتاج الأمر لاصدار قانون يمنع الإساءة إليها؟&
&
&لا طبعًا، لا يكفي، فـ "الهاشتاغ" تحرك رمزي تم بعد القبض على الدكتور طاهر مختار، وبعض الشباب وتوجيه تهم لهم، وتم سؤالهم لماذا شاركتم فى 25 يناير، وكأنها تهمة، وبالتالي كانت فكرة الهاشتاغ للتضامن معهم، ولكن حوّله الكثير من المصريين إلى ملحمة على مواقع السوشيال ميديا، لتخليد ذكرى الثورة. أنا ضد فكرة أن يكون هناك قانون يمنع الاساءة للثورة، ولكن إذا أراد النظام الوقوف بجانب الثورة، فلديه الكثير مما يفعله، ولكنه لم يفعل.
&
التعذيب والفساد وغياب العدالة الاجتماعية، أخطر ثلاثة أسباب أدت إلى اندلاع ثورة يناير، وبعد مرور خمس سنوات، تفاقمت أكثر، وزاد عليها جريمة الاختفاء القسري، هل أخطأ المصريون بالثورة ضد مبارك؟ & & & &&
&
إطلاقًا، لم يخطئ المصريون بالثورة ضد مبارك، ولو عادت الأيام مرة أخرى، سنخرج بالملايين ضد مبارك، فهو ونظامه سبب رئيسي لكل ما نحن فيه الآن، وأنا ضد محاسبة الثورة على ما يحدث حالياً، لأنها لم تحكم حتى الآن، ومن يحكم الآن جزء من النظام القديم.
&
هل لو استجابوا لطلبه بالبقاء في السلطة لمدة ستة أشهر، واجراء تعديل في السلطة، كان أفضل من رحيله المفاجىء، وتدهور الأوضاع، ثم العودة لنقطة الصفر مرة أخرى بعد خمس سنوات؟&
&
بالعكس هذه كانت مراوغة واضحة للجميع، ومحاولة لامتصاص غضب الثوار فى الميادين، والقرار الأمثل كان رحيل مبارك، ولكن الازمة فى ادارة ما بعد 11 فبراير.
&
الآن، وقد مرّ خمس سنوات على الثورة، وكنت أحد الممهدين لها ضمن حركة 6 أبريل، يظل السؤال، هل تلقيتم دعماً خارجيًا، ليس بالضرورة مادياً؟ & & &&
&
إطلاقًا، لم ولن يحدث، والدعم الوحيد كان من الشعب المصري، الذي ضاق به الحال، وطفح به الكيل من سياسات نظام مبارك، وقد استجاب لدعوة الشباب، وخرج بالملايين في ثورة يناير ليحولها لثورة شعبية بإقتدار، وهذا هو الدعم الحقيقي.
&
ما حقيقة الإدعاءات بتلقي تدريبات في صربيا وأوكرانيا وأميركا، على نشر الفوضى بمصر؟&
&
غير صحيح على الاطلاق، وهذا كلام نشره نظام مبارك وإعلامه لتشويه الثورة، وأظن أن هذا الكلام قتل بحثاً، ولم يقدم أحد دليلاً واحدًا يدين شباب الثورة، ولم يتم تقديم أحد للمحاكمة بتلك الاتهامات، كما كانوا يروجون، وهذا أكبر دليل على كذبهم وادعائهم.
&
رغم &الحملات الإعلامية والسياسية التي تزعم تلقي حركة 6 أبريل والنشطاء المشاركين في ثورة يناير تمويلات خارجية، إلا أن الحكومات المتعاقبة منذ عهد مبارك مروراً بالمجلس العسكري، مروراً بالإخوان، ثم عدلي منصور، وأخيراً السيسي، لم تقدم دليلاً واحداً على ذلك، هل هو التنكيل، أم أن الأدلة ليست كافية؟ &
&
التنكيل وتشويه الثورة وشيطنتها في عيون الشعب المصري، هذه أفعال ثورة مضادة باقتدار.
&
غالبية زملاء الدرب والنضال الثوري هم في السجون بتهم مختلفة، منها التظاهر بدون ترخيص. هل نسيتك السلطة، أم أنك صرت تفضل المشي جنب الحيط؟ &&
&
التنكيل ليس بالسجن فقط، &فالكثير من شباب الثورة خارج السجون، ولكن يتم التضييق عليهم في أعمالهم، وأنا لن استثني، من ذلك فتم التنكيل بي والتضييق علي أكثر من مرة في عملي، كغيري من آلاف الشباب الناشط في الحياة السياسة، وأعتقد أن هذه سياستهم، وتتمثل في القبض على مجموعة والتضييق على أخرى، لعدم اظهار معادتهم للثورة بشكل فج، بدليل أن معظم الاسماء المعروفة من الشباب في السجون تم القبض عليهم بتهمة التظاهر!
&
هل تلقيت تهديدات أو توجيهات بضرورة عدم الاشتراك في أية فعاليات احتجاجية، كما حصل مع آخرين؟&
&
&ليست تهديدات رسمية، انما كلام كثير من المحيطين أو زملاء العمل، أو على وسائل التواصل الاجتماعي، وهذا اصبح فعلاً معتاداً لا يؤرقني.
&
جرت مياه كثيرة منذ الثورة في العام 2011، وحتى الآن، هل يمكن أن تسرد بعض تفاصيل كواليس لقاءات شباب الثورة مع رموز حكم مبارك والأجهزة الأمنية؟ &
&
لم أحضر أي لقاء منها وليس لدي ما أقوله في هذا الشأن.
&

&