باريس: ازداد التيقظ في كنائس فرنسا ما بين إنذارات خاطئة ومخاوف بعض المصلين وتعزيز الدوريات، بعد الاعتداء "الجهادي" الذي استهدف إحداها، ولو ان المراجع الدينية تتمسك برفضها تحويل أماكن الصلاة إلى "مواقع محصنة".

وشهدت كنيسة في منطقة إلبوف في شمال غرب فرنسا الخميس حادثا لم يكن فريدا من نوعه، اذ ارتابت مصلية من سلوك رجل دخل الكنيسة فيما كانت فيها، فهرعت إلى مركز الشرطة للإبلاغ به خشية أن يكون يعد لتنفيذ اعتداء.

غير أن الأمر كان مجرد إنذار خاطئ، قبل بضعة أيام من إعادة فتح كنيسة سانت إتيان دو رفري القريبة غدا الأحد، بعدما شهدت اعتداء مروعا في نهاية يوليو ذبح خلاله رجلان أعلنا انتماءهما الى تنظيم الدولة الإسلامية الأب جاك هاميل (85 عاما).

وفي يوم الأحد، الذي تلى قتل الكاهن، قام عنصرا درك بإخراج المراسل المحلي لإحدى الصحف من كنيسة في شاتوبريان (غرب) وقد أخطرهم أحد المصلين بوجود ذلك الرجل المغربي الاصل، الذي كان يحمل حقيبة، ويضع خوذة للدراجات النارية.

وكتب الكاهن على صفحة الرعية على فايسبوك: "حصل ذلك بكثير من المراعاة من جانب قوات الأمن، لكنه تسبب للشخص المعني بصدمة قوية، يمكن تفهم ذلك"، مبديًا اسفه للحادث الذي وقع في "مكان سلام وصلاة وتأمل".

لا يمكن اعتبار هذه المخاوف هواجس غير منطقية، وقد جعل تنظيم الدولة الاسلامية "الصليبيين" المسيحيين في صلب أهدافه، ونفذ تهديداته منذ أبريل 2015 مع محاولة اعتداء تم احباطها على كنيسة في بلدة فيلجويف في ضاحية باريس.

واعلنت الحكومة على الإثر "تكييف" تدابيرها الأمنية للأخذ بهذه المخاطر. وأفاد مجمع أساقفة فرنسا عن تأمين الحماية اليوم لـ"2782 موقعا مسيحيا" في فرنسا، ولا سيما من خلال تسيير دوريات، ما يعكس تعزيزا كبيرا للتدابير الامنية منذ اعتداء سانت إتيان دو روفري.

غير أنه من المستحيل ضمان امن جميع الكنائس الكاثوليكية، التي يقارب عددها 42 الفا، بحسب مجمع اساقفة فرنسا، الذي لا يطلب ذلك اساسا من السلطات. وقال المتحدث باسم الهيئة المنسنيور أوليفييه ريبادو دوما لوكالة فرانس برس "لا يمكننا ولا نريد أن نجعل من كنائسنا مواقع محصنة. وفي الوقت نفسه، إننا نعي أن الكنائس هي أهداف محتملة".

الاعتداء "يخطر لي احيانا" 
ثمة وسائل كثيرة ومتدرجة الشدة لتعزيز الامن، مثل نصب الواح اعلانية تدعو المؤمنين إلى لزوم الحيطة واليقظة، وقيام بعض ابناء الرعيات بالمراقبة عند مدخل الكنائس وقت القداس، والحد من عدد المصلين، وتفتيش الحقائب ايام الازدحام، وصولا الى نصب كاميرات مراقبة، وهو ما تحض عليه السلطات العامة لقاء مساعدة مالية، غير أن المسؤولين الدينيين يبدون حذرا حياله.

وقال المنسنيور أوليفييه ريبادو دوما "إننا نعارض الأمر على الأرجح أكثر من مسؤولي ديانات أخرى" مثل مجلس يهود فرنسا والمجلس الفرنسي للديانة الاسلامية، مضيفا أن "حرية المعتقد الديني هي أيضًا حرية الذي يقصد مكان العبادة". واوضحت كارين دال مسؤولة الاتصال في أبرشية باريس التي استعانت بمسؤول الأمن في شركة كبرى لبحث المسالة، "يجب أن نوضح الآلية".

ويبقى أن امن الكنائس والمصلين يبدو برأي الأب بيار امار الكاهن في الضاحية الباريسية "موضوع نقاش أكثر مما هو مصدر توتر حقيقي". غير أنه يضيف معلقا على الاعتداء في كنيسة سانت إتيان دو روفري "أفكر في الأمر أحيانا، في حين كنت أعتقد من قبل أن هذا لا يحصل الا في سوريا أو في العراق".

من جهته يدعو الأب ماتيو روجيه في كنيسة سان فردينان دي تيرن بباريس إلى "مراقبة هادئة، لا داعي لأكثر من ذلك". لكنه لفت إلى تأهب كبير من جانب الشرطة التي تبقى على "تيقظ شديد، سواء بشكل ظاهر أم خفي"، مضيفا "تساءلنا مؤخرا بشأن وجود سيارة، فحضرت قوات الأمن على الفور".