يقول معارضون سوريون ومتابعون إنّ واشنطن أرادت عبر مشروع القرار الفرنسي المجهض حول سوريا، نقل أطراف النزاع وتغييرهم، وذلك بجعله صراعًا روسيًا - أوروبيًا وليس روسيًا - أميركيًا فقط.


بهية مارديني: رغم انسداد الأفق السياسي حول سوريا، وخاصة بعد الجلسة الأخيرة لمجلس الأمن الدولي السبت الماضي، وفشل تمرير مشروعي قرارين أحدهما فرنسي والآخر روسي، الا أن معارضًا سوريًا وجد أنه ما زالت هناك امكانية للحل السياسي، ولكن ستقوده الادارة الاميركية الجديدة، فيما رأى معارض آخر أن واشنطن عبر مشروع القرار الفرنسي حول سوريا تحاول نقل أطراف الصراع من خلال جعله صراعًا روسيًا أوروبيًا وليس روسيًا أميركيًا.

واعتبر المعارض السوري درغام هنيدي في حديث مع "إيلاف" أن ما حدث مؤخرًا في مجلس الأمن الدولي من تقديم كل من فرنسا وروسيا مشروعي قرارين بآنٍ واحد، وعدم نفاذ كليهما والتسابق على حق الفيتو، وكأنه منحة وأصل وليس استثناء لظروف قاهرة، "يجعلنا نرى بوضوح الوضع الدولي المتردي والاحتقان السياسي الشديد والحرب الباردة على منبر مجلس الأمن استخدم فيها حق الفيتو بدلاً من الصواريخ العابرة للقارات، وهذا أمر خطير قد ينعكس على الميدان وهذا ليس بمستبعد"، على حد تعبيره.

يضيف: "إذا ما عدنا إلى مشروع القرار الفرنسي فجميعنا يعلم أن فرنسا تعلم مسبقًا وبما لايدع مجالاً للشك أن الفيتو الروسي جاهز بالمرصاد ويستحيل النفاذ منه بأي حال ولكنها أصرت على تقديمه لأنها تريد أن تقول لروسيا من خلاله بأنه بلغ السيل الزبى، وأننا وشركاءنا الأميركيين والأوربيين لم يعد بإمكاننا الصمت على ما يحدث في حلب، وقد استنفذنا كل الطرق والوسائل الدبلوماسية، وقد نلجأ إلى خيارات أخرى وأننا هذه المرة جادون، بينما مشروع القرار الروسي وكحال الفرنسي هم أيضا يعلمون يقينًا بفشله، وأن ثلاثة فيتو تترصده بدلاً من واحد، ولكنها مناورة روسية للتخفيف من الإحتقان وتريد القول من خلاله إنها جاهزة للحلول والهدنة ولكن بشروطها ذاتها دون تغيير، وقد عزز موقفها الموفد الدولي ستيفان دي ميستورا عندما طلب من مقاتلي "جبهة النصرة" الخروج من حلب الشرقية، وحول ما وصل إليه المشهد السوري وسط كل هذه التعقيدات".

ورأى هنيدي أن إمكانية الحل السياسي "مازالت قائمة ولكنها قد تتأجل إلى الإدارة الأميركية الجديدة التي أرجح أنها سوف تمارس ضغوطًا حقيقية على النظام وحلفائه، كالحظر الجوي وتقديم سلاح نوعي يغير توازن القوى ضد مصلحة النظام، مما يخلق بيئة مناسبة للجلوس والوصول إلى حلول تتواجد فيها كل أطياف المعارضة تحت إشراف دولي ملزم لكل الأطراف".

وكان المعارض السوري صدام حسين الجاسر اعتبر في تصريح له أن "روسيا تدرك أن أوروبا غير قادرة على ايجاد حل للازمة السورية دون تشاركية اميركية فعلية، وتدرك ايضًا أن الادارة الحالية ليست بصدد ايجاد حل بل هي مشغولة بتوضيب حقائبها لتغادر البيت الابيض تاركة الملف السوري للادارة القادمة، لذلك لن تتدخل الولايات المتحدة في الصراع داخل مجلس الامن لتمرير القرار الفرنسي، وستكتفي بالتصويت لصالحه، وهذا لن يكون كافيًا بوجود الفيتو الروسي".

وأشار الى أن مشروعي القرارين الفرنسي والروسي "هو محاولة أميركية لنقل الصراع حاليًا واظهاره كصراع اوروبي روسي، بعيدًا عن الملعب الاميركي المشغول حاليًا بالانتخابات، وجعل الشقاق الاوروبي يزداد وعزل روسيا في اوروبا من خلال ادخالها في صراع داخل مجلس الامن تنعكس آثاره على العلاقات الاوروبية الروسية التي كانت في الفترة الاخيرة تشهد تحسنًا ملحوظًا".

فشل دولي

وكان مجلس الامن الدولي فشل يوم السبت في تبني قرار بشأن سوريا، بعد اسقاط مشروعي قرارين، احدهما&روسي وآخر فرنسي، بهذا الشأن، حيث أن قراراً لمجلس الأمن يحتاج إلى موافقة تسعة أصوات مع عدم استخدام أي من الدول الخمس الدائمة العضوية في المجلس لحق النقض (الفيتو). والدول التي لها حق النقض هي الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين.

واستخدمت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا حق النقض الفيتو ضد مشروع القرار الروسي حول سوريا، في جلسة لمجلس الامن مخصصة لسوريا وتحديدًا مدينة حلب.

واعترضت على مشروع القرار الروسي 9 دول، بينما وافقت عليه 4 دول هي الصين وروسيا وفنزويلا ومصر.

في المقابل، استخدمت روسيا حق النقض "الفيتو" بشأن مشروع القرار الفرنسي المتعلق بالازمة السورية، حيث يعتبر هذا الفيتو الخامس على مشاريع قرارات غربية بشأن سوريا.

دمج المشروعين

اقترحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الألمانية سوسن شبلي، يوم الاثنين دمج مشروعي القرارين الروسي والفرنسي الاسباني حول سوريا.

وقالت شبلي: "المهم في نهاية المطاف هو أن نحاول التوصل لصيغة ندمج بها مشروعي القرار في مشروع قرار واحد، حتى نتمكن من إنهاء ذلك الوضع المأساوي في سوريا، على الأقل لتصل المساعدات الإنسانية إلى حلب، إن لم نتمكن من الاتفاق على وقف لإطلاق النار".