لندن: يخفي مقر البعثة العراقية لدى الأمم المتحدة الكائن في منطقة من مناطق نيويورك الراقية قرب سنترال بارك سراً مخيفاً بين جدارنه. إذ أمر صدام حسين بإنشاء غرفة سرية للإعتقال مجهزة بكل أدوات التعذيب في قبو المبنى المؤلف من خمسة طوابق.

وقالت صحيفة نيويورك بوست نقلا عن مسؤولين عراقيين تحدثا بشرط عدم كشف اسميهما ان عراقيين كانوا في احيان كثيرة يُحبسون في هذه الغرفة مدة تصل الى 15 يوماً كل مرة لاستخدامهم ورقة ضغط على ذويهم الهاربين من بطش صدام كي يسلموا انفسهم ويتعاونوا مع النظام الدكتاتوري.

وقال احد المسؤولين للصحيفة "انها كانت غرفة مظلمة ابوابها محصنة بحيث لا يمكن كسرها للدخول أو الخروج. ولم تكن هناك حاجة الى عازل للصوت". واضاف المسؤول الآخر "انك لن تسمع احداً يصرخ هناك".

وأوضح المسؤول الثاني "ان المخابرات لم تكن تأتي بالمستهدف الى مقر البعثة بل كانت تتربص له كالأفعى حين يراجع البعثة لإنجاز معاملة رسمية فتنقض عليه وتحبسه في الغرفة". ثم يتصل عناصر المخابرات بأهله لابلاغهم انه سيبقى معتقلا لديهم الى ان يسلم المطلوب في العراق نفسه للسلطات العراقية. 

التعذيب

وبحسب المسؤولَين فإن من اساليب التعذيب التي كان عناصر مخابرات صدام يستخدمونها قلع اظافر المعتقل وضربه الى حد تهشيم عظامه. وفي حالات عديدة كان المعتقل يُعدم وتُنقل جثته الى بغداد في صناديق دبلوماسية معفاة من التفتيش الجمركي. وأوضح احد المسؤولين "انهم كانوا يضعون الجثة في صندوق دبلوماسي ويشحنونها. فهو صندوق دبلوماسي ليس لأحد صلاحية تفتيشه أو فتحه".

وكانت غرفة الاعتقال والتعذيب مماثلة لغرف أخرى في سفارات عراقية حول العالم بما في ذلك اوروبا الشرقية وبلدان عربية حيث كُشف عن أدلة على ممارسة التعذيب ، كما قال المسؤولان لصحيفة نيويورك بوست.

وكان محققون فيدراليون اميركيون دهموا المقر الكائن قرب منزل عمدة نيويورك السابق مايكل بلومبرغ في عام 2003 بعد غزو العراق وسقوط النظام. وقال المسؤولان لصحيفة نيويورك بوست ان عناصر المخابرات ازالت كل الأدلة على ما كان يجري. 

وقال احد المسؤولين العراقيين ان المحققين الاميركين دخلوا المقر وأخذوا اقراصاً صلبة وفتحوا خزائن بتحطيمها. "وكانوا رسميا يديرون العراق لأننا كنا بلا حكومة واستعدنا البعثة في غضون أقل من عام" مضيفاً ان المخابرات العراقية أُعيدت الى العراق بلا رجعة.

واشار المسؤولان الى ان عددا من عناصر صدام الموثوقين أُرسلوا الى مقر البعثة العراقية في نيويورك للاشراف على العملية. وكانوا جميعهم مسلحين بمسدسات ولديهم كلاشنكوفات تحت تصرفهم في المبنى.

من قبو الى مطبخ

وجرى تقسيم القبو الى ثلاث غرف اتخذوا من احداها مكتباً لهم والثانية مركز اتصالات لإيصال رسائل مشفرة الى بغداد، وكانت الغرفة الثالثة زنزانة الاعتقال التي جرى تأمينها بباب معدني عملاق معزز بقضبان فولاذية ثقيلة. وقال المسؤولان ان الكوة المفتوحة على ضوء الشمس في سطح المبنى سُدت لكي لا ترى الأقمار التجسسية التابعة لسلاح الجو الاميركي شيئاً مما يحدث.

وفي عام 2014 جرى تحويل القبو الى مطبخ خلال إعادة تجديد المقر بعملية كلفت نحو 120 الف دولار ، بحسب صحيفة نيويورك بوست، وفي حين ان عدد الذين اعدمهم صدام حسين وقام بتصفيتهم خلال سنوات حكمه ليس معروفا فان التقديرات تشير الى ان زهاء 300 الف عراقي اختفوا في عهده.

أعدت إيلاف المادة عن صحيفة نيويورك بوست

المادة الأصل هنا