لاغوس: يقول خبراء ان الافراج عن مجموعة من "بنات شيبوك" غداة اعتداء دام استهدف مدنيين في مايدوغوري، يكشف عن انقسامات لدى مجموعة بوكو حرام النيجيرية التي تواجه ضغوطا عسكرية.

تصرف يدل على الانفصام؟
اعتبر يان سان-بيار المستشار في شؤون مكافحة الارهاب لدى "مجموعة الاستشارات الأمنية الحديثة" في برلين، ان احداث هذا الاسبوع "تظهر وجود تصرف انفصامي، في اطار تواجه فيه المجموعة انقساما تاما".

في بداية اغسطس، عين تنظيم الدولة الاسلامية الذي اقسمت مجموعة بوكو حرام يمين الولاء له، زعيما جديدا لغرب افريقيا، هو ابو مصعب البرناوي. وقد شكل هذا التعيين صفعة إلى أبي بكر الشكوي، زعيم فصيل في المجموعة التي تزداد ضعفا.

بموافقته على مبادلة 21 تلميذة في شيبوك اثار خطفهن استياء عالميا، وشكلن ورقة مساومة قيمة، اثبت الشكوي ان مجموعته "تحتاج موارد بشرية او مالية"، كما قال يان سان-بيار، مشيرا الى المعلومات التي تتحدث عن مبادلة اربعة مقاتلين بـ21 تلميذة خطفن مع اكثر من مئتين اخريات من زميلاتهن في ابريل 2014.

بوكو حرام اكثر تشرذما؟
لاحظ عمر محمود من معهد الدراسات الامنية في جنوب افريقيا ان "الحركة اكثر تشرذما مما كانت لدى حصول عملية الخطف في شيبوك، حيث كانت بوكو حرام تسيطر على جزء كبير من الاراضي" في شمال شرق نيجيريا وفي المناطق الحدودية لبحيرة تشاد".

وقد شن الجيش النيجيري في مطلع اكتوبر عملية "عاصفة الغابات" التي تستهدف غابة سامبيزا، معقل فصيل ابو بكر الشكوي.
وفيما زاد الطيران غاراته الجوية، حاصرت القوات البرية المنطقة لتجويع المقاتلين من خلال منع إمدادهم بالمؤن. ومنذ اسبوعين، اعلن عدد كبير من البيانات الرسمية، الاستيلاء على مئات من الماشية "التي يفترض انها للمجموعة الارهابية".

وتقول مصادر محلية ان الهجمات التي يشنها فصيل الشكوي تركز اليوم على السلب والنهب في المناطق الريفية، وان المقاتلين يتنقلون احيانا على الدراجات الهوائية. ويخطفون الرجال والنساء والاطفال لارغامهم على الالتحاق بهم، فيما كانت الحركة الاسلامية التي اسسها محمد يوسف تستند في بداياتها الى خطب دينية متشددة.

ويرى الخبراء ان السبب هو ان بوكو حرام لم تتوقف عن التحول، والتكيف مع الهجومات المضادة للجيش او الدعم الذي يمكن ان تحصل عليه. وبذلك انتقلت من فرقة اسلامية متشددة الى حركة تعلن انتماءها الى تنظيم القاعدة في 2010 ثم اعلنت ولاءها لتنظيم الدولة الاسلامية في 2015.

جهاد او حرب اهلية
في تصريح لوكالة فرانس برس، قال مقاتل سابق في المجموعة "في البداية، حتى 2009، كنا صادقين في معركتنا في سبيل الجهاد، وكنا نريد فعلا اقامة دولة اسلامية" في شمال شرق نيجيريا. اضاف هذا الشاب "لكن بعد اعمال العنف التي قامت بها قوات الأمن (...) تحولت معركتنا الى الانتقام"، ملمحا بذلك الى القمع العنيف لتحرك قامت به المجموعة في 2009.

وفي تحقيق شمل 119 من قدامى مقاتلي المجموعة، توصلت انيلي بوتا المتخصصة بالشؤون الارهابية لتنظيم الدولة الاسلامية ومهدي عبديل، مدير البحوث في مؤسسة "فين تشيرش ايد" في فنلندا، ان "57% من قدامى المقاتلين الذين سئلوا اراءهم، عبروا عن رغبة في الانتقام للإعراب، جزئيا او كليا عن رغبتهم في الانضمام الى بوكو حرام".

ويقول المقاتلون السابقون ان الرغبة في الانتقام تستهدف في المقام الاول الجيش النيجيري "القاسي والمتوحش والذي لا يعرف الرحمة".

ويقول نتنائيل الين الباحث لدى "مشروع بحث العنف الاجتماعي في نيجيريا" الذي ترعاه جامعة جون هوبكينز الاميركية، ان الانتقال من الانتفاضة الجهادية الى الحرب الاهلية قد حصل ايضا عندما نظمت ميليشيات مدنية صفوفها لمقاتلة بوكو حرام.
وتساءل "هل يمكن ان تنتصر الانتفاضة من خلال شن هجمات على المدنيين؟"، مشيرا الى ان الحركات الجهادية تحتاج دعم الناس.

وهذا واحد من الانتقادات التي وجهها تنظيم الدولة الاسلامية الى الشكوي، آخذا عليه المجازر التي تستهدف المسلمين في منطقة بحيرة تشاد. وتعتبر "بنات شيبوك" اللواتي لا تزال حوالى 200 منهم في الاسر، رمزا لانتفاضة متهالكة، فيما يبدو ان بوكو حرام جديدة تستوحي تنظيم الدولة الاسلامية، تنمو في جنوب النيجر المجاور وفي ضواحي بحيرة تشاد، وتزيد من شن الهجمات على اهداف عسكرية وتنعش الشعارات المعادية للغرب.