عدن:&بدأ رسميا في اليمن في الساعة 23,59 (20,59 ت غ) من ليل الاربعاء سريان هدنة لمدة 72 ساعة قابلة للتجديد تم التوصل اليها بوساطة من الامم المتحدة وتبدو فرص نجاحها اكبر من سابقاتها مع ان بدايتها لم تسلم من بعض الخروقات.

وهذه الهدنة التي اعلن عنها مساء الاثنين المبعوث الدولي الى اليمن اسماعيل ولد شيخ احمد هي المحاولة السادسة من نوعها لوقف القتال بين المتمردين الحوثيين والقوات الحكومية منذ آذار/مارس 2015 حين تدخل تحالف عسكري عربي تقوده السعودية لنصرة الحكومة المعترف بها دوليا.

وقبيل بدء سريان الهدنة أعلن اطراف النزاع التزامهم بالهدنة.

وقال التحالف العربي في بيان ان قواته "ستلتزم بوقف إطلاق النار مع استمرار الحظر والتفتيش الجوي والبحري والاستطلاع الجوي لأي تحركات لميليشيات الحوثي والقوات الموالية لها".

بدوره قالت القوات الموالية لهادي في بيان "سنلتزم بالهدنة المعلنة من قبل الامم المتحدة مع احتفاظنا بحق الرد في حال خرقها من قبل المتمردين الحوثيين وحلفائهم (...) ان مفهوم الهدنة عند المتمردين هو وقف الطلعات الجوية فقط بينما الهدنة هي وقف اطلاق نار كامل والسماح للمساعدات بدخول المناطق المحاصرة كتعز".

بالمقابل أكد الناطق باسم القوات التابعة للحوثيين العميد الركن شرف لقمان "سنلتزم بوقف إطلاق النار وفق الزمن المحدد إذا التزم العدو بالفعل بوقف العدوان بشكل شامل وكامل برا وبحرا وجوا"، مطالبا قواته "بالمزيد من اليقظة والحذر وعدم الركون كون العدو يستغل دائما الحديث عن وقف إطلاق النار للقيام بأعمال عسكرية مكثفة".

وبالفعل ما ان دخلت الهدنة حيز التنفيذ حتى افادت مصادر عسكرية وسكان محليون ان قصفا مدفعيا وبالدبابات تعرضت له الأحياء الشرقية لمدينة تعز من قبل الحوثيين.

وفي منطقة مريس بمحافظة الضالع سقطت عدة قذائف أطلقها الحوثيون على مواقع القوات الموالية لهادي لتندلع مواجهات بين الطرفين، بحسب مصادر عسكرية موالية للرئيس المعترف به دوليا.

كذلك اعلن مصدر في المقاومة الشعبية لوكالة فرنس برس ‏ان "مليشيات الحوثي وصالح تخرق الهدنة في الدقائق الأولى وتطلق نيرانها على مواقع الجيش الوطني والمقاومة بمنطقة صرواح بمحافظة مارب" في شرق اليمن.

قتلى قبل الهدنة

وقبل دخول الهدنة حيز التنفيذ قتل الاربعاء 30 على الاقل من الحوثيين وخمسة مقاتلين موالين للحكومة في اشتباكات بالمدفعية الثقيلة دارت قرب الحدود السعودية، وفقا لحصيلة اوردتها القوات الحكومية ولم يتسن التحقق منها من مصادر اخرى.

وتواصلت المواجهات بشكل متقطع حول ميدي في محافظة حجة في وقت مبكر من المساء بعد ان تمكنت القوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي من استعادة عدة مواقع من المتمردين حول هذه المدينة الساحلية قرب البحر الاحمر، وفقا للمصدر نفسه.

واوضح المصدر ان طيران التحالف استهدف مواقع للمتمردين في صنعاء الاربعاء، بعد ساعات من قصفه تعزيزات عسكرية لهم كانت في طريقها من محافظة صعدة - معقل الحوثيين - باتجاه منفذ البقع الحدودي مع السعودية، والذي استعادته قوات هادي الاسبوع الماضي.

كما دارت معارك في صرواح بمحافظة مأرب شرق صنعاء، وفي مدينة تعز (جنوب غرب) التي يحاصرها المتمردون منذ اشهر.

وبدأ التحالف نهاية آذار/مارس 2015 شن غارات ضد المتمردين الحوثيين وحلفائهم الموالين للرئيس السابق علي عبدالله صالح اتبعها بعد اشهر بتقديم دعم ميداني للقوات الحكومية الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي ما مكنها من استعادة خمس محافظات في جنوب البلاد.

الا ان التحالف يواجه في الآونة الاخيرة انتقادات على خلفية ارتفاع حصيلة الضحايا المدنيين لاسيما بسبب الغارات. وبلغت الانتقادات حدا غير مسبوق هذا الشهر، اثر مقتل 140 شخصا واصابة 525 في غارات على مجلس عزاء في صنعاء في الثامن من تشرين الاول/اكتوبر.

ونفى التحالف بداية مسؤوليته عن القصف، قبل ان يعلن فريق تحقيق تابع له السبت، ان مقاتلاته نفذت الغارات بناء على معلومات خاطئة.

وتأمل الامم المتحدة ودول كبرى كالولايات المتحدة وبريطانيا، ان تساهم التهدئة في التمهيد لاستئناف مشاورات السلام، املا في التوصل الى حل للنزاع الذي ادى الى مقتل زهاء 6900 شخص واصابة 35 الفا، ونزوح اكثر من ثلاثة ملايين، منذ آذار/مارس 2015.

شروط متبادلة

وفي حين ابدى الاطراف التزاما مبدئيا، طرح كل منهم شروطه.

فحكومة هادي تطلب وجود لجنة لمراقبة تنفيذ الهدنة، وتشترط رفع الحصار عن تعز، وتسهيل توزيع المساعدات الانسانية من دون قيود.

اما المتمردون فأبدوا استعدادهم للتعاطي "الايجابي" مع الهدنة، مؤكدين ضرورة اقترانها بـ "رفع الحصار عن الشعب اليمني".

ورغم الشروط المتبادلة، يرى خبراء ان فرص صمود التهدئة، وهي السادسة من نوعها منذ آذار/مارس 2015، افضل من سابقاتها.

ويقول المستشار الاول مدير برنامج الامن والدفاع ودراسات مكافحة الارهاب في مركز الخليج للابحاث مصطفى العاني لوكالة فرانس برس "انا اكثر تفاؤلا لان المناخ مختلف بالكامل" عن الهدنة الاخيرة.

وتوصلت اطراف النزاع في نيسان/ابريل لهدنة تزامنا مع مشاورات سلام رعتها الامم المتحدة في الكويت. الا ان وقف النار خرق بشكل متبادل، وانهار بشكل كامل مع تعليق المشاورات مطلع آب/اغسطس.

واوضح العاني ان "القوى الكبرى منخرطة بشكل اكبر هذه المرة، خصوصا الولايات المتحدة والمملكة المتحدة اللتين تمارسان ضغوطا على الاطراف".

اضاف "في الوقت نفسه، الاطراف منهكون جراء الكلفة الانسانية والمالية للنزاع"، وباتوا مقتنعين بعدم قدرتهم على "الفوز عسكريا".

استئناف المشاورات؟

يؤمل ان تساهم التهدئة في تمهيد الارضية لاستئناف المباحثات بين الحكومة والمتمردين، والتي انتهت جولتها الاخيرة من دون خرق يذكر.

ويرى العاني ان ثمة امكانية لتسوية حول قرار مجلس الامن 2216 الصادر في نيسان/ابريل 2015، ويثير خلافات بين اطراف النزاع.

وينص القرار على انسحاب المتمردين من المدن التي سيطروا عليها بالقوة وتسليم الاسلحة الثقيلة. وفي حين تعتبر حكومة هادي ان المطلوب تنفيذ القرار قبل البحث في اي صيغة سياسية جديدة للحكم، يصر المتمردون على ضرورة الاتفاق السياسي قبل تنفيذ القرار.

من جهته، امل منسق الامم المتحدة للشؤون الانسانية في اليمن جايمي ماكغولدريك الاربعاء في صنعاء بان تشكل الهدنة فرصة للطواقم الانسانية للوصول الى المناطق التي يستحيل الوصول اليها بسبب المعارك.

&