بيروت: تعتبر مدينة الرقة السورية، وهي الهدف الثاني للتحالف الدولي ضد "الجهاديين" بعد الموصل في العراق، اولى المدن الكبرى التي سيطر عليها تنظيم الدولة الاسلامية قبل ان تتحول الى "عاصمة" له وتشهد على اعماله الوحشية.

وبعد تصريحات للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الجمعة شدد فيها على ضرورة طرد تنظيم الدولة الاسلامية من الرقة بعد الموصل، قال مساعد وزير الخارجية الاميركي انتوني بلينكن "يتعين علينا القيام بالأمرين، الموصل في العراق والرقة في سوريا".

واضاف "من هذه المدينة يخطط داعش للهجمات الخارجية. الرقة هي العاصمة الحقيقية" له.

وبدأت القوات العراقية، بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، في 17 اكتوبر عملية تحرير الموصل، معقل تنظيم الدولة الاسلامية في العراق.

اما الرقة، معقل التنظيم في سوريا، فتقع على ضفة نهر الفرات وتبعد حوالى مئة كيلومتر عن الحدود التركية. ويعيش فيها اكثر من 200 الف نسمة.

وكما غيرها الكثير من المدن السورية شهدت الرقة معارك بين اطراف عدة منذ اولى سنوات النزاع في البلاد.&

وفي بداية النزاع قاتلت الفصائل المعارضة في خندق واحد مع جهاديي ما كان يعرف وقتها بتنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام (تنظيم الدولة الاسلامية اليوم) في خندق واحد ضد قوات النظام السوري.

وفي مارس العام 2013 باتت مدينة الرقة اول مركز محافظة يخرج عن سيطرة النظام بعدما نجحت الفصائل المعارضة المتحالفة مع جبهة النصرة (ذراع تنظيم القاعدة في سوريا) وتنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام بالسيطرة عليها.

ولكن سرعان ما تصاعدت التوترات بين جبهة النصرة والفصائل المعارضة المتحالفة معها من جهة والتنظيم المتطرف من جهة ثانية.

واندلعت معارك عنيفة بين الطرفين في بداية شهر يناير العام 2014 انتهت بسيطرة تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام على كامل مدينة الرقة في الرابع عشر من الشهر ذاته.

وواصل التنظيم المتطرف انتشاره في سوريا والعراق.

وبعد خمسة اشهر من استيلائه على الرقة، سيطر جهاديوه في التاسع من يونيو 2014 على الموصل، ثاني اكبر المدن العراقية وكان يعيش فيها وقتها حوالى 1,5 مليون نسمة.

ومن الموصل، اعلن زعيم التنظيم الجهادي ابو بكر البغدادي في 29 يونيو 2014 "الخلافة الاسلامية" في المناطق التي يسيطر عليها في سوريا والعراق. واعتمد منذ ذلك الحين تسمية "الدولة الاسلامية".

وفي اغسطس العام 2014، سيطر الجهاديون على كافة محافظة الرقة الغنية بالحقول النفطية وحقول القطن والقمح، وسيطروا على مطار الطبقة فيها بعدما قتلوا 170 جنديا سوريا.

رجم وإعدامات وحرق&

تحولت مدينة الرقة الى معقل الجهاديين الاساسي في سوريا و"عاصمة" الامر الواقع لـ"الخلافة" المعلنة، وشهدت على ابشع اعمالها الوحشية.

ويتحكم التنظيم المتطرف منذ سيطرته على الرقة بمفاصل الحياة في المدينة، ويغذي الشعور بالرعب بين الناس من خلال الاعدامات الوحشية والعقوبات التي يطبقها على كل من يخالف احكامه او يعارضه، من دون تمييز بين طفل وامراة ورجل او عجوز.

ويفرض، كما في كافة المناطق الواقعة تحت سيطرته، النقاب على النساء واطلاق اللحى على الرجال. ويمنع التدخين وبعض انواع المأكولات مثل المارتديلا وكافة انواع التسلية.

وفي الرقة رجم الجهاديون للمرة الاولى امرأة حتى الموت، وفيها ايضا رموا مثليي الجنس من على اسطح الابنية. كما عرضوا فيها عشرات النساء الايزيديات اللاتي اسرهنّ التنظيم المتطرف في العراق "للبيع" على انهن "سبايا" حرب.&

وفي هذه المدينة ايضا اختفى الكاهن الايطالي باوبو دالوليو اثناء توجهه الى مقر تابع للتنظيم في محاولة للتفاوض مع مسؤولين فيه للافراج عن مخطوفين لديه، وبينهم اكراد.

وبث التنظيم المتطرف من الرقة في فبراير 2015 تسجيل فيديو لاعدام الطيار الاردني معاذ الكساسبة الذي أحرق حيا في قفص.

وتعد مدينة الرقة الوجهة الاساسية للمقاتلين الاجانب الذين ينضمون الى صفوف تنظيم الدولة الاسلامية بعد عبورهم الحدود مع تركيا. وجرى التخطيط فيها، بحسب الوكالات الاستخبارية الغربية، للهجمات الدموية ضد اهداف خارجية.

وفي سبتمبر 2014 وجه التحالف الدولي بقيادة واشنطن اولى غاراته الجوية على مدينة الرقة.

ومنذ بداية العام 2015 بدأ المشهد الميداني بالتغير، وخسر تنظيم الدولة الاسلامية مناطق عدة في سوريا بدءا من كوباني (عين عرب) على الحدود التركية مرورًا بمدينة تدمر الاثرية وصولا الى مدينة منبج، احد معاقله الاساسية في شمال سوريا.

ومنذ خسارة منبج في اغسطس 2016، انقطع خط الامداد الرئيس للتنظيم بين الرقة والحدود التركية.