يعتبر العلماء أنّ أفكار الناس ومشاعرهم تؤثر في سلوك حيواناتهم الأليفة. وتعدّ الخيول من الحيوانات التي تتفاعل بشكل كبير مع الإنسان، فينتقل إليها توتر الفارس أو سكينته، وتتصرف بموجب الإشارات التي تتلقاها.&

إيلاف من بيروت: تشبه إلين كيينزل، الباحثة البيطرية في جامعة لودفيغ ماكسيميليان في ميونيخ في ألمانيا، العلاقة بين الجواد وصاحبه بالرقص… فإذا راقصت شريكًا لا تحبه، قد تنعكس هذه المشاعر على شكل تشنجات في الجسم، فيسود التوتر. وإذا كان الفارس خائفًا من حصانه، سينتقل التوتر إلى الحصان، وبالتالي ينعكس سلبًا على سلوكه وأدائه.&

تبدي كيينزل اهتمامًا خاصًا بعلم نفس تغذية الحيوانات، وقد سمعت روايات كثيرة تزعم بأن الأعلاف التي فيها متممات غذائية تسهم في تقوية عضلات الجياد. إلا أنها لم تقتنع بما سمعت، وهي المتخصصة في علم التغذية، وتعرف تمام المعرفة أن مكملات السيلينيوم الغذائية لا تأثير حقيقيًا لها على عضلات الحصان، خصوصًا إن كان لا يعاني من نقص في هذه المادة أصلًا.&

كرقصة متناغمة
يسود اعتقاد بين الفرسان بأن السلينيوم يجعل عضلات الجواد أقوى مما هي عليه. وللتأكد من مفعول الأعلاف التي تتضمن مكملات غذائية، ذهبت كيينزل في تجربة علمية ترتكز&على اختبار مكملين غذائيين، هما السيلينيوم والفيتامين إي E، ومعهما البلاسيبو (أي الأدوية الوهمية).

وتوصلت كيينزل إلى أن للبلاسيبو (وهو الدواء الوهمي) التأثير الأكبر، ليس لأن الحيوانات تتجاوب معه بشكل مباشر، بل لأن الفرسان يصدقون تأثيره على الحصان، فيقتنعون بأن حصانهم صار أقوى، وبالتالي يصبح الحصان أقوى.

في هذا السياق، تفسر كيينزل التغيير الذي يطرأ على الجواد انطلاقًا من الإشارات الخفية التي كان الجواد يتلقاها من صاحبه. تقول «الجواد يقرأ ما يدور في ذهن صاحبه، ويتلقى إشارات الفارس الخفية، تمامًا كشريك رقص حساس، فإذا كان مزاجك جيدًا، وفكّرت في أنّ أداءَه سيعجبك، سيكون عند حسن ظنك. أما إذا توقعت أنّه سيخطئ، فسيقوم جسمك بنقل هذا الشعور إليه، وبالتالي ستتغيّر تصرفاته وتحرّكاته».

الإنسجام عامل حاسم
خلال تجربتها العلمية، واجهت كيينزل فارسة كانت مقتنعة تمامًا بأنّ العلاج الذي يتلقاه جوادها يؤثر فيه بطريقة سلبية، ويجعله أقوى وأخطر. والجواد لم يكذب خبرًا، فصار فعلًا أقوى من قبل، وأقل استجابة لصاحبته، حتى إنه أوقعها أرضًا في إحدى المناسبات، وبات صعبًا على الفارسة أن تسيطر عليه.&

مع هذا التغيير غير المرغوب فيه الذي طرأ على سلوك الجواد، قررت كيينزل سحبه من التجربة العلمية. وبعد فترة قصيرة، عاد الجواد إلى هدوئه المعهود. إلا أن المكمل الغذائي الذي أحدث هذا التأثير في سلوك الجواد لم يكن إلا وهمًا، وخصوصًا أن المكمل الغذائي الذي كان يتلقاه لم يكن سوى دواء وهمي (بلاسيبو)، ولم تدخل إلى جسم الحصان أي مادة إضافية، سواء أكانت مكملًا غذائيًا أم غير ذلك طيلة فترة الاختبار.&

وقد زادت هذه التجربة من اعتقاد كيينزل بأن لا مفعول يذكر لأي من المتممات الغذائية التي كان الفرسان ينسجون حول مفعولها الروايات والأساطير.

نسج أفكار
ترجع كيينزل التغيير الذي طرأ على سلوك الجواد إلى سلوك صاحبته، مبينة أن الفارسة التي كانت على يقين أن حصانها يتلقى دواءً وهميًا، قررت من تلقاء ذاتها الاقتناع بأنه يتلقى مكملًا غذائيًا.&

اقتنعت الفارسة بالفكرة، ونسجت حولها أفكارًا حول صعوبة السيطرة على الحصان الذي صار أقوى من قبل، فما كان على الحصان إلا أن يلتقط هذه الإشارات من صاحبته، ويتصرف بموجبها، فأصبح من الصعب التحكم به.

إذًا، هل تختبر الأحصنة فعلًا مفعول البلاسيبو؟. يعتبر العلماء أنّ أفكار الناس ومشاعرهم هي الداء والدواء، الذي يخلف الأثر الأكبر على الحيوانات الأليفة.&

أعدّت "إيلاف" هذه المادة نقلًا عن بي بي سي البريطانية&

تجدون المادة الأصلية على الرابط الآتي:
http://www.bbc.com/earth/story/20161017-why-animals-experience-the-placebo-effect-much-like-we-do​