&إيلاف من بيروت: في الثامن من نوفمبر 2016، يتوجه 120 مليون أميركي إلى صناديق الاقتراع ليقرّروا من سيكون رئيس الولايات المتحدة الـ45: دونالد ترامب أم هيلاري كلينتون. كالعادة، من السهل الاختيار بين مرشح ديمقراطي وآخر جمهوري، وبالطبع يأمل المرشح المستقلّ غاري جونسون في الحصول على بعض الأصوات أيضًا. غير أن النظام الانتخابي بحدّ ذاته بالغ التعقيد.

إليكم بعض الشرح عن آلية الانتخاب في الولايات المتحدة.

المجمع الانتخابي

تملك كل ولاية من الولايات الخمسين، إضافة إلى العاصمة واشنطن، عددًا محددًا من الممثلين في المجمع الانتخابي يكون متناسبًا مع حجم كل ولاية. لكاليفورنيا مثلًا، الولاية الأكبر، 55 ممثلًا، بينما لا تملك كل من وايمنغ والعاصمة واشنطن سوى ثلاثة ممثلين.

ثمة 538 ممثلًا للشعب، ومن أجل أن يفوز المرشح بأغلبية الأصوات ويصبح رئيسًا للجمهورية، عليه أن يحصل على 270 صوتًا منها، أي ما يوازي النصف زائدًا واحدًا.

إذًا، تقنيًا، يقوم الشعب الأميركي بالتصويت لممثليه وليس للمرشحين أنفسهم. ويكون الممثلون في العادة من مسؤولي الدولة أو رؤساء الأحزاب، لكنّ أسماءهم لا تذكر على أوراق الاقتراع. ويكون عدد الممثلين الذي تحصل عليه كل ولاية موازيًا لعدد المقاعد في مجلسي الشيوخ والنواب.

تعتمد كل الولايات مبدأ الفائز من يفوز بالكل (أي يحصل على كل المقاعد) ما عدا ولايتين هما ماين ونبراسكا. إذًا، في حال ربح المرشح بأغلبية الأصوات في ولاية ما، يحصل على كل أصوات المجمع الانتخابي.

مفتاح الربح في الانتخابات الرئاسية لكل حزب هو استهداف ولايات معيّنة، وثمة عدد من الولايات المتأرجحة التي يمكن أن تغيّر معسكرها بين الجمهوريين والديمقراطيين، وهي تحمل مفتاح الفوز.

ما هي الولايات المتأرجحة؟

الولايات الأساسية المتأرجحة في عام 2016 هي فلوريدا وأوهايو وبنسلفانيا. ومن الولايات المهمة أيضًا ويسكونسن، ونيو هامبشاير، ومينيسوتا، وأيوا، وميشيغان، ونيفادا، وكولورادو، وكارولينا الشمالية. يمكن تقسيمها إلى ثلاث فئات:

1.&جواهر التاج

في الدورات الحديثة، قامت ولايتا فلوريدا وأوهايو بتحديد هوية الفائز، علمًا أنّ فلوريدا هي ثالث أكبر ولاية بـ 29 صوتًا، وأوهايو سابع أكبر ولاية بـ 18 صوتًا انتخابيًا، وهما تتأرجحان باستمرار بين الحزبين. كما تملكان سجلات شبه مثالية في ما يتعلّق بإختيار الرئيس في العقود الخمسة الأخيرة. فالحصيلة في أوهايو مثلًا عكست النتيجة الوطنية في كل انتخابات منذ عام 1960، وفي هذه الفترة نفسها، لم يفشل اختيار فلوريدا إلا مرّة واحدة. وليس مستغربًا أن ترامب وكلينتون يكرّسان الكثير من الوقت والموارد لهاتين الولايتين.

2.&تدعم ترامب

بسبب التحولات الديمغرافية في الولايات المتحدة المترافقة مع تراجع شعبية ترامب، فالولايات التي كانت تدعم الحزب الجمهوري بحزم في السابق أصبحت في متناول يد الحزب الديمقراطي في عام 2016.

عندما ربح أوباما في شمال كارولينا في عام 2008، كان أول مرشح ديمقراطي يفوز بعد جيمي كارتر. وربح ميت رومني الولاية الجنوبية في عام 2012، ويبدو الآن أن حظوظ ترامب وكلينتون متساوية هناك.

تأمل المرشحة الديمقراطية أن توسّع خريطة فوزها فتضمّ أريزونا وجورجيا وميسوري التي صوتت للجمهوريين طوال عقدين تقريبًا. ونظرًا إلى الواقع الانتخابي في المناطق الأخرى، لا يستطيع ترامب تحمّل خسارة أصوات هذه الولايات.

3.&متمسكة بائتلاف أوباما

ربح الرئيس الحالي باراك أوباما أصوات المجمع الانتخابي بفارق شاسع في عامي 2008 و2012 من خلال الفوز بالولايات المتأرجحة التقليدية مثل أيوا وبنسلفانيا. كما ساعد في جذب الولايات المتنوعة عرقيًا مثل كولورادو ونيفادا نحو المعسكر الديمقراطي.

إلى ذلك، استخدم أوباما شعبيته عند الناخبين في الضواحي حتى يستميل فيرجينيا. ويبدو أن كلينتون تمسك بكولورادو وبنسلفانيا وفيرجينيا، بينما تتأرجح ولايتا ايوا ونيفادا في كفتي الميزان.

تجدر الإشارة إلى أنّ كلينتون تواجه تحديًا أكبر من المتوقع في نيو هامبشاير التي دعمت الديمقراطيين في كل عملية انتخاب جرت منذ العام 2000.

ما حصل في عام 2000

ثمة احتمال دائمًا، كما حصل في انتخابات عام 2000، أن نبقى في نهاية يوم الانتخابات غير مدركين هوية الفائز. ويحصل ذلك حين تكون النتائج متقاربة جدًا ولا يمكن حسمها من دون احتساب كل صوت، أو حين تتسبّب بعض المعارك القانونية القائمة حول إجراءات الانتخابات بتأخير النتائج أو تفرض إعادة الفرز.

ومن الممكن أيضًا أن يكون المرشحان متعادلين، فنال كلّ منهما 269 صوتًا، وفي هذه الحالة يقوم مجلس النواب بالتصويت لانتخاب الرئيس القادم.

كانت انتخابات عام 2000 الرابعة في تاريخ الولايات المتحدة والأولى في خلال 112 عامًا التي انتخب فيها رابح نهائي لم يكن قد فاز بأصوات الشعب، إذ نال آل غور 48.38 في المئة من الأصوات، بينما حصل جورج دبليو بوش على 47.87 في المئة منها. وكانت حصيلة الأصوات في فلوريدا هي التي تحسم نتيجة الانتخابات. وبما أن الحزبين نالا عددًا متقاربًا من الأصوات، أعيد الفرز وحصلت مشاحنات قانونية متعددة في محافظات مختلفة. في نهاية المطاف، وصلت الدعوى إلى المحكمة العليا التي أصرّت في 12 ديسمبر 2000 على فوز بوش بنتيجة 5-4، فمنحته المقعد الرئاسي.

هل يصوّت الناخبون للرئيس وحده؟

كلا. فإضافة إلى التصويت للرئيس، ينتخب المقترعون 435 عضوًا في المجلس الأدنى للكونغرس، أي مجلس النواب، وثلث مجلس الشيوخ. كما يصوّتون لمزيج من المسؤولين المحليين ومسؤولي الدولة.

تاريخ النظام

حين أنشأ مؤسسو أميركا المجمع الانتخابي في عام 1787، لم تكن هناك وسيلة لكي يقوم المرشّح بحملة وطنية، وكانت بعض الأمور تقف عائقًا في وجه الهوية الوطنية. كان انتخاب الرئيس من الكونغرس مرفوضًا للاعتقاد بأنّ ذلك يسبّب الانقسام، وكذلك، رفضته المجالس التشريعية الخاصة بالولايات، لأنّه ربما يضعف السلطة الفدرالية. أما انتخاب الرئيس من خلال تصويت شعبي مباشر، فقد استبعد أيضًا، خوفًا من أن يصوّت الناس لمرشحهم المحلي، وبالتالي لن ينتخبوا رئيسًا نال أغلبية شعبية كافية لحكم دولة بكاملها.

تم اختيار نظام ممثلي الشعب، المبني على أساس فكرة انتخاب أساقفة الروم الكاثوليك للبابا، استنادًا إلى نظرية تعتبر أن الأفراد الأكثر ثقافة وعلمًا في كل ولاية سيختارون رئيسًا على أساس الجدارة، لا الولاء.

يعكس نظام المجمع الانتخابي تصويت الشعب في العادة، وفي الانتخابات التي جرت منذ عام 1804، نال 48 من أصل 52 رابحًا التفويض الشعبي أيضًا.

لماذا تحصل الانتخابات في يوم الثلاثاء بين&2 و8 نوفمبر؟

تمّ اختيار شهر نوفمبر لإجراء الانتخابات لأنّ أميركا كانت مجتمعًا يغلب عليه الطابع الزراعي، ونوفمبر كان الأكثر هدوءًا بالنسبة إلى الفلاحين.

وكان من التقليدي دومًا السماح للناس الذين يعيشون في المناطق الريفية بالسفر إلى البلدات والمدن في يوم الثلاثاء من أجل الاقتراع، بدلًا من يوم الأحد (يوم الصلاة). وتم انتقاء أول ثلاثاء لتجنّب إجراء الانتخابات في الأول من نوفمبر، والتصادم مع عيد جميع القديسين، اليوم الذي يقوم فيه رجال الأعمال في العادة بحسابات الشهر السابق.

ماذا يحدث في يوم الانتخابات؟

في صباح الثامن من نوفمبر، تفتح مراكز الاقتراع في الولايات الـ50 والعاصمة واشنطن، في انتظار 120 مليون مقترع.

يبدأ العدّ فورًا، وعندما ينتهي التصويت في المساء نحصل على فكرة أولية عن الرابح من استطلاعات الرأي التي تقام طوال النهار. في العادة، وفي الساعة 11 مساء بتوقيت الساحل الشرقي تقريبًا (الرابعة صباحًا بتوقيت غرينتش) تصبح ملامح الفائز واضحة. في هذه الحال، يتنازل عادة المرشّح الخاسر عن المقعد، ويلقي كل من المرشحين خطابًا: الأول لإعلان النصر والثاني للاعتراف بالهزيمة.

متى يستلم الفائز الحكم؟

يوم الإثنين الذي يلي الأربعاء الثاني من ديسمبر، يجتمع ممثلو كل ولاية للإدلاء بأصواتهم رسميًا، ثم يتم إرسال النتائج إلى مجلس الشيوخ وإعلانها في السادس من يناير.

بموجب القانون، يبقى أوباما رئيسًا حتى ظهر يوم التنصيب، أي ظهر العشرين من يناير 2017، وعندئذ يستلم الرئيس الجديد الحكم وينتقل إلى البيت الأبيض.

&

أعدّت "إيلاف" هذه المادة عن موقع "تلغراف"

المادة الأصل هنا &&

&