ذي فيلاجز: في كل مكان تنتشر ملصقات مؤيدة للمرشح الجمهوري للبيت الأبيض دونالد ترامب: انها مدينة شيدت خصيصا قبل ثلاثين عاما لاستقبال المسنين الذين يتنزهون في سيارات خاصة بالغولف في شوارعها النظيفة المحاطة بأشجار النخيل، ويجولون على مطاعمها حيث قوائم الأطباق مكتوبة خصيصا لهم بأحرف كبيرة.

تحولت مدينة "ذي فيلاجز" على مر السنين الى معقل جمهوري في وسط فلوريدا، إحدى الولايات الأميركية التي ستلعب دورا أساسيا في الانتخابات الرئاسية في الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر.

يقول جون كالاندرو اثناء جولة في سيارته الصغيرة الخاصة بملاعب الغولف وعلى زجاجها ملصق كتب عليه "المقاتلون القدامى مع ترامب"، أن سكان "ذي فيلاجز" البالغ عددهم اكثر من مئة ألف نسمة "أشخاص عملوا بكد وجمعوا مدخرات، وحريصون على الفرص التي تقدمت لهم في هذا البلد الرائع، هذه هي القيم التي جلبوها معهم" حين قدموا للاستقرار في المدينة.

وتنتشر كاميرات مراقبة بكثرة في الشوارع، وأمام كل من المنازل المشيدة على نسق متشابه، يمكن رؤية سيارة صغيرة للغولف مثل سيارته مركونة، وعليها في غالب الأحيان ملصق مؤيد لرجل الأعمال الثري.

وتعتبر فلوريدا المعتدلة المناخ والبالغ عدد سكانها 20,2 مليون نسمة بينهم 17,3% ما فوق الـ65 من العمر، ثالث أكبر الولايات الأميركية عدديا. غير أن أهميتها لا تقتصر على حجمها، بل تقوم خصوصا على انها ولاية متأرجحة يمكن أن تصب لصالح أي من الديموقراطيين أو الجمهوريين، ما يجعل منها ولاية أساسية في مسار الانتخابات.

يميل جنوب الولاية الى الديموقراطيين، بينما شمالها جمهوري. غير أن المعركة الحقيقية تدور في الوسط، حيث كثافة من البورتوريكيين الديموقراطيين والمتقاعدين الجمهوريين.

وهذا التوازن الديموغرافي هو الذين يجعل من مدينة "ذي فيلاجز" محطة واجبة في حملات الانتخابات الرئاسية الأميركية. وفي أيلول/سبتمبر، ألقى فيها مايك بنس مرشح دونالد ترامب لمنصب نائب الرئيس خطابا انتخابيا أمام مئات الأشخاص.

- قيم مشتركة -كانت المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون تتقدم على ترامب بفارق 3,8 نقطة مئوية في فلوريدا في 21 تشرين الأول/أكتوبر، بحسب موقع "ريل كلير بوليتيكس" المتخصص، وهو فارق ما زال من الممكن ان يتبدل بحلول موعد الانتخابات وينقلب لصالح الجمهوريين، مبدلا معه نتيجة الانتخابات.

ما زال الأميركيون يذكرون الجدل الذي جرى حول نتيجة الانتخابات الرئاسية عام 2000، حين حسمت فلوريدا النتيجة بفارق حوالى 500 صوت فقط وسط بلبلة عارمة وعملية أعادة فرز للأصوات، فانتصر جورج بوش على الديموقراطي آل غور.

وإذ يشير جون كالاندرو وهو من قدامي المقاتلين في حرب فيتنام ورئيس للفرع المحلي للحزب الجمهوري، إلى الكنائس وملاعب الغولف، يقول باعتزاز إنه "يتقاسم القيم ذاتها" مع جيرانه. مضيفا "إننا نؤمن بشدة في الرأسمالية".

وتقول مارينا وولكوك النيويوركية سابقا التي تترأس اليوم الاتحاد المحلي للنساء الجمهوريات "إننا نشكل فعلا مجموعة من السكان ذوي القيم المتشابهة".

- ديموقراطيون نادرون -عند المساء، يقام حفل صغير في وسط المدينة فيرقص المتقاعدون على وقع الموسيقى الريفية التقليدية ويرتدي العديدون منهم قمصانا أو يعتمرون قبعات عليها شعارات جمهورية.

أوضحت آن بويد المقيمة التي تعمل لفريق الحملة الديموقراطية المحلي "إنه مكان محافظ جدا تقليديا. وإن نظرنا إلى خارطة لفلوريدا، فسنرى نقطة حمراء ضخمة (بلون الجمهوريين) تماما عند موقع +ذي فيلاجز+".

وتشعر هذه المعلمة المتقاعدة بأنها مهمشة بل حتى ضحية استفزازات من قبل جيرانها الجمهوريين. وفي مطلق الأحوال، فهي لا تجرؤ على القدوم إلى الحفل مرتدية قميصا عليه شعار الديموقراطيين.

وتضيف "نلتزم عادة التكتم، لأنهم (الجمهوريين) يعتقدون أن الجميع يفكر مثلهم، لكن هذا ليس صحيحا".

يشكل الجمهوريون أكثر من نصف (53%) الأشخاص المسجلين على القوائم الانتخابية في منطقة سامتير حيث تعد +ذي فيلاجز+ القسم الأكبر من السكان الـ118 ألفا، ما يشكل كتلة من الناخبين يمكن أن تكون حاسمة للمرشح الجمهوري.

وقال جوزف اوسينسكي استاذ العلوم السياسية في جامعة ميامي أن "فرص ترامب في الفوز ضئيلة" ويتوجب عليه من أجل ذلك أن يضمن الفوز في فلوريدا وغيرها من الولايات الاساسية.

ولفت إلى أنه "من أجل الفوز بفلوريدا، لا بد له من الفوز باصوات الناخبين المسنين الذين يرجح أن يصوتوا له أكثر من الشباب".