إيلاف من القاهرة:&قالت دار الإفتاء المصرية إن تحرير قرية "دابق" من أيدي تنظيم "داعش" يمثل ضربة قاصمة للتنظيم، وهدمًا لنبوءاته الدينية. واعتبرت أن تنظيم "داعش" الإرهابي فقد إحدى أهم نبوءاته وسردياته الدينية بسقوط قرية "دابق" في أيدي قوات "الجيش السوري الحر"، وفرار مقاتلي التنظيم من القرية التي تقع في شمال مدينة حلب.

أضافت في تقرير لها، أصدره مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة، إن "داعش" رسخ لدى مقاتليه والمتعاطفين معه أنه جاء تحقيقًا لنبوءة تتحدث عن معركة في آخر الزمان في "دابق" بين المسلمين وأعدائهم، ينتصر فيها "المسلمون".

وأوضح المرصد أن التنظيم عمد في تقديم نفسه إلى المسلمين باعتباره محققًا لنبوءة دينية وردت في حديث نبوي مروي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنزِلَ الرُّومُ بِالأَعمَاقِ أَو بِدَابِقٍ، فيخرُجُ إليهِم جَيْشٌ مِنَ المَدِينَةِ من خِيَارِ أهلِ الأرضِ يَومَئِذٍ، فَإِذَا تَصَافُّوا قَالَتِ الرُّومُ: خَلُّوا بَيْنَنَا وَبَينَ الَّذِينَ سَبَوْا مِنَّا نُقَاتِلُهُمْ فَيَقُولُ الْمُسْلِمُونَ: لَا وَاللَّهِ لَا نُخَلِّي بَينَكُم وَبَينَ إِخوَانِنَا فَتُقَاتِلُونَهُم، فَيَنْهَزِمُ ثُلُثٌ لَا يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَبَدًا، وَيُقْتَلُ ثُلُثُهُم أَفضَلُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَيَفْتَتِحُ الثُّلُثُ لَا يُفْتَنُونَ أَبَدًا، فَيَفْتَتِحُونَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ".

خسارة

ولفت المرصد إلى أن "خسارة التنظيم تلك القرية تمثل فاجعة كبرى لديهم، حيث تتهاوى الكثير من رواياته وحججه التي ينشرها بين أتباعه والمتعاطفين معه، والتي يوظفها بشكل مكثف في عمليات تجنيد المقاتلين وغسيل العقول التي يجريها للعناصر المنضمة إليه".

أفرد المرصد مساحة كبيرة في وقت سابق للحديث عن هذه السردية التي يتحجج بها "داعش"، مشيرًا إلى أنه "لا يمكن في حال من الأحوال أن تكون تحقيقًا لنبوءة نبوية جاء بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم، كما إنها لا تمثل جماعة المسلمين، وما يقوم به هذا التنظيم لا يمت إلى الإسلام بصلة، لا من قريب أو بعيد، ولا يمكن في حال من الأحوال التسليم لكل جماعة مسلحة تسيطر على قرية "دابق" بأنها جماعة الإسلام، وجاءت تحقيقًا لنبوءة نبوية".

وشدد على أهمية أن تنال عملية تحرير قرية "دابق" اهتمامًا إعلاميًّا كبيرًا لكشف زيف الإدّعاءات الداعشية الباطلة، وفضح التنظيم أمام مناصريه وأتباعه ومن يميلون إلى التطرف والعنف، وكل المسلمين في مختلف بقاع الأرض؛ كي يعلموا بحق ويقين أن "داعش" لا يمت إلى النبوءات بأية صلة".

ورأى المرصد أن استناد "داعش" إلى روايات أو نصوص دينية يكون وفق فهمه الخاطئ لها، فيقتطع تلك النصوص عن سياقاتها وينسبها إليه بما يوافق مصالحه كي يضفي قداسة دينية على كل جرائمه وإرهابه ضد البشر في كل مكان.

داعش يعترف بسقوط دابق

تقع قرية "دابق" على سهل واسع وخصيب في منطقة أعزاز، وهي على بعد 35 كلم شمال شرق مدينة حلب، وتمثل محطة على الطريق ما بين مدينة مارع ومحافظة الرقة عاصمة "داعش" في سوريا.

واعترف "داعش" رسميًا بسقوط "دابق" وفرار مقاتليه منها. وقالت مجلة "النبأ" الناطقة باسم التنظيم في عددها الصادر بتاريخ 13 أكتوبر الجاري، تحت عنوان "إلى ملحمة دابق الكبرى"، إن "عُبّاد الصليب وأولياءهم (الأتراك والصحوات) حشدوا في ريف حلب الشمالي معلنين دابق هدفهم الأكبر، زاعمين أن تدنيسها بـ"أقدامهم النجسة وراياتهم الرجسة" سيكون انتصاراً معنوياً عظيمًا على الدولة الإسلامية"، مضيفة أن "جنود الدولة يميزون بين معركة دابق الصغرى وملحمة دابق الكبرى" على حد زعم التنظيم.

أضافت المجلة الداعشية: "لم يعلموا أن ملحمة دابق الكبرى تسبقها أحداث عظام، مشيرة إلى أن "ما هذه الأحداث العظام في الشمال الشامي، في دابق وما حولها، إلا من إرهاصات الملاحم المقبلة، التي ستُرغم الصليبيين، عاجلا أو آجلا، على القبول بشروط جماعة المسلمين، وبعدها وما يتبعها من نصر، يغدر الصليبيون، فتكون ملحمة دابق الكبرى".

ويعتقد التنظيم أن ما وصفه بـ"هذا الكر والفر في دابق وما حولها – معركة دابق الصغرى – ستنتهي بملحمة دابق الكبرى، لا محالة".&وتعمد دعاية التنظيم الدعائية والأيديولوجية والفكرية على "دابق" بوصفها "الملحمة الكبرى في نهاية الزمان" بين جيوش المسلمين وخصومهم، وذلك استناداً إلى الحديث النبوي "لا تقوم الساعة حتى تنزل الروم بالأعماق أو بدابق"، وسيطر التنظيم على دابق في شهر أغسطس عام 2014 وأطلق مجلة باللغة الإنكليزية تحمل الاسم نفسه.