اسطنبول: تبدو عائلات قتلى اتراك سقطوا في مهاجمة الجيش الاسرائيلي اسطولا متجها الى غزة المحاصرة في العام 2010 مصممة على مواصلة النزاع القضائي ضد الدولة العبرية رغم اتفاق دبلوماسي تركي اسرائيلي ينص على اسقاط الملاحقات.

فقد قتل تسعة اتراك اثناء مداهمة فرقة كوماندوس اسرائيلية سفينة "مافي مرمرة" التركية المتجهة ضمن اسطول انساني من ستة زوارق الى قطاع غزة في محاولة لكسر الحصار الاسرائيلي المفروض عليه. وتوفي شخص عاشر لاحقا في المستشفى العام 2014.

اثار هذا الحادث ازمة دبلوماسية خطيرة بين تركيا واسرائيل استمرت ست سنوات حتى ابرام اتفاق تطبيع في يونيو بعد اشهر من المفاوضات السرية. بموجب الاتفاق سددت اسرائيل الى تركيا في اواخر سبتمبر 20 مليون دولار بمثابة تعويضات لعائلات القتلى، في المقابل اتفق الطرفان على عدم محاسبة اي مواطن اسرائيلي او اي ممثل عن حكومة اسرائيل.

قالت تشيديم توبجو اوغلو التي كانت على متن "مافي مرمرة" لوكالة فرانس برس "مات زوجي بين ذراعي...بالطبع لن نقبل التعويض" المالي. واضافت باستياء "يقتلون زوجك وهو الى جانبك ثم يقولون +خذي هذا المال واسكتي واسقطي الملاحقات+. هل تقبلون بذلك؟"

تلك هي حال عائلات القتلى التي ادعت على اربعة مسؤولين سابقين في الجيش الاسرائيلي يحاكمون غيابيا منذ 2012، وتؤكد التصميم على المواصلة الى النهاية معتبرة ان اتفاق الدولتين لا يعنيها.

لكن هل سيتمكنون من الصمود امام اتفاق يتضمن رهانات دبلوماسية تتجاوزهم؟ فالرئيس رجب طيب اردوغان الذي طالما دعم الاسطول الانساني معتبرا القتلى "شهداء"، نأى بنفسه من مبادرتهم التي اطلقوها اثناء توليه رئاسة الحكومة في البلاد.

"مهما كان الثمن"
بعد ايام على توقيع الاتفاق مع اسرائيل اثار اردوغان ذهول الحضور بتساؤله "قبل تسليم المساعدات الانسانية من تركيا هل استشرتم رئيس الوزراء انذاك؟"، نظرا الى مواقفه الحماسية المعهودة من اجل القضية الفلسطينية سابقا. هذه التصريحات "احزنت" اسماعيل سونغور الذي قتل والده في الهجوم معتبرا ان الملاحقات القضائية تتحول "ضحية للسياسة".

واوضح لفرانس برس "لا احد من الحكومة التركية طلب راينا قبل ابرام هذا الاتفاق". كما اعتبر المحامي المتخصص في حقوق الانسان رودني ديكسن الذي يساعد اقارب القتلى ان المحاكمة يجب ان تستمر "مهما كان الثمن"، معتبرا "الاتفاق المزعوم" بين اسرائيل وتركيا "مخالفا للقانون الدولي (...) والقانون التركي".

واكدت محامية لعائلات الضحايا غولدِن سونميز التي كانت على متن المركب كذلك "حتى لو قبلت عائلات القتلى المال، فهذا لن يؤثر اطلاقا على القضية". تابعت "انها محاكمة على جرائم، وليست للحصول على عطل وضرر. فمبلغ 20 مليون دولار قدموه بمبادرة تلقائية منهم (...) ولا يمكن قبوله كتعويض".

يطالب مدعون اتراكا بعقوبة السجن مدى الحياة لرئيس الاركان الاسرائيلي السابق غابي اشكينازي والقائدين السابقين لسلاحي البحرية والطيران اليعازر ماروم وافيشاي ليفي، وكذلك ضد الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية عاموس يدلين لاتهامهم بالتورط في الهجوم.

جرت الجسلة الاولى في المحاكمة بعد ابرام الاتفاق الاسرائيلي التركي في 19 اكتوبر في اجواء مشحونة وسط هتافات "اسرائيل قاتلة" التي رفعها الحشد امام المحكمة. وارجئت المحاكمة الى 2 ديسمبر. واكد رئيس جمعية "هيئة الاغاثة الانسانية" الاسلامية التي استاجرت "مافي مرمرة" بولنت يلديريم انه مستعد للذهاب الى النهاية. وقال "من يخال ان القضية ستهمل فسيخيب امله".