« إيلاف» من برلين: استخدمت المختبرات العلمية في ألمانيا 2,8 مليون حيوان فقري في تجاربها على الأدوية ومستحضرات التجميل وغيرها في العام 2014. وهذا رقم يتضاءل أمام إحصائية الأمم المتحدة التي تحدثت عن 58-115 مليون حيوان فقري اخضعت للتجارب المختبرية في العام 2005 على المستوى العالمي.

ورغم ان سويسرا استخدمت 400 ألف حيوان فقري فقط في مختبراتها في العام الماضي، فإنها كانت السباقة في ابتكار مختبر منمنم يمكن أن يغني عن التجارب على الحيوانات الحية. ونال فريق من علماء جامعة زيورخ الجائزة العالمية للتعامل الإنساني في المختبرات نظير تطويرهم نظام إلكتروني مصغر لاختبار تأثيرات مختلف العقاقير والمواد على الخلايا البشرية. وتولى قسم الأنظمة البيولوجية في جامعة زيورخ التقنية تطوير تقنية الاختبار على الخلايا البشرية، وتولى فريق آخر من جامعة بازل تنفيذ التقنية على شريحة الكترونية مصغرة.

وقاد البروفيسور اندرياس هيلرمان فريق العمل من جامعة زيورخ، وذكر مساعده الدكتور اوليفر فراي ان مختبر الخلايا المنمنم صنع من شريحة من كريات لايزيد قطرها عن نصف ملم وبأبعاد ثلاثية(مجسمة). وفي حين صنع العلماء الآخرون أنظمة مماثلة بشكل خلايا مسطحة، وعمل فريق العمل السويسري على تنظيم الخلايا التي تجرى عليها بشكل كروي، وهذا اختصر الكثير من المكان كما زاد نتائج الاختبار دقة.

وأضاف فراي ان تنظيم الخلايا على الشريحة بشكل كروي مجسم أقرب إلى تركيبة خلايا الجسم البشري من الشكل المسطح. وأتاح الشكل الكروي للعلماء وضع مختلف أنواع الخلايا في طبقات من أجل معرفة تأثير العقاقير على أكثر من نسيج واحد كل مرة.

ابتكار مختبر منمنم يمكن أن يغني عن التجارب على الحيوانات الحية

اختبارات معقدة

ويصلح المختبر المنمنم لإجراء عدة فحوصات معقدة مرة واحدة بفضل الشكل الكروي. وكمثل فانه من الممكن اختبار عقار مضاد للسرطان على الخلايا السرطانية، ووضع خلايا الكبد السليمة في نفس الكرة لمعرفة ما إذا كان الكبد سيضعف تأثير العقار على الخلايا السرطانية أم لا. هذا يؤهل العلماء أيضاً لمعرفة ما إذا كان للعقار تأثير سام على خلايا الكبد. وهذا ثبت من خلال تجارب عملية أجريت في مختبرات جامعة زيورخ، بحسب تصريح الدكتور فراي. 

وينوي العلماء في خطوة لاحقة ان يطوروا شريحة الكريات المنمنة كي تنهض بفحوصات الأعضاء الحيوية المرتبطة بمرض السكري مثل الكبد والبنكرياس، والتبليغ بالتالي بشكل مبكر عن نشوء هذا المرض.

ويمكن لهذا الابتكار ان يقلل عدد الحيوانات، من ضحايا التجارب، على المستوى العالمي، وان يستجيب لمطالب منظمات الرفق بالحيوان. ولهذا فقد منحت لجنة دولية من الخبراء إلى فريق العمل الجائزة العالمية للتعامل الإنساني في المختبرات(Global 3Rs Award). وواضح ان الراءات الانجليزية الثلاث ترمز إلى أهداف هذه الجائزة وهي تقليل(Reduction) والتشذيب من العيوب(Refinement) واستبدال(Replacement) الحيوانات المختبرية بتقنيات الكترونية.

الجسم على الشريحة الإلكترونية

ويأتي تطوير المختبر المنمنم في زيورخ في إطار المشروع الأوروبي" الجسم على الشريحة"( Body on a chip) الذي تعتبر جامعة ميونخ المنسق العام له. ويرمي المشروع إلى تقليص المختبرات على الشرائح المنمنمة وتأهيلها للفحوصات(مثل فحوصات الدم أو الكبد) ولإجراء تجارب الأدوية عليها في ذات الوقت.

شارك في المشروع أيضاً المفوضية الأوربية للتقنية والابتكار(KTI) و شركة"روخه" لإنتاج العقاقير والأدوية. وتتولى الشركة الأخيرة فحص كفاءة التقنية في مختبراتها، كما ستمول الانتقال إلى الإنتاج الكبير عند نجاح هذه التجارب.

كشف 55 نوعاً من البكتيريا المرضية

يعود الفضل إلى السويسريين في تطوير المختبر المنمنم على شريحة إلكترونية. إذ طور العلماء من جامعة جنيف طريقة جديدة لتشخيص الأمراض المعدية تؤهل الأطباء مستقبلاً إلى التدخل العلاجي بشكل مبكر.

وحسب مصادر البروفيسور جاك شرينسل فقد نجح فريق عمله من جامعة جنيف، مع فريق من البيولوجيين من جامعة لوزان، بتطوير شريحة إلكترونية بيولوجية قادرة خلال ست إلى ثماني ساعات على تشخيص 80% من مجموع 55 نوعاً من أنواع البكتيريا المسببة للأمراض المعدية. وتعمل الشريحة الالكترونية على الكشف عن هذه البكتيريا في عينات من دم المصابين أو المشكوك بإصابتهم بأحد هذه الأمراض الخطيرة.

ومن المتعارف عليه، رغم التقدم التقني الهائل في المجال الطبي، أن الطبيب يحتاج إلى ثلاثة أيام أو اكثر إلى أن يتأكد من تشخيص المرض، ويبدأ بالعلاج بالدواء المناسب. وهي فترة زمنية طويلة نسبياً من الناحية الطبية قد يفقد الطبيب خلالها حياة مريضه وخصوصاً في بلدان العالم الثالث الفقيرة المبتلية بأخطر هذه الأمراض المعدية. ويأمل البروفيسور جاك شرينسل من الجامعة الطبية في جنيف بأن تسهم الشريحة الإلكترونية البيولوجية الجديدة بتقليص الفترة بين التشخيص والعلاج إلى بضع ساعات فقط.