القدس: وجدت هيئة الاذاعة والتلفزيون الاسرائيلية نفسها في خضم معركة سياسية شرسة يبدو فيها جليا مسعى حكومة اليمين بقيادة بنيامين نتانياهو الى السيطرة على وسائل الاعلام.

ويرى محللون ان نتانياهو يبدو حتى مستعدا للدعوة لاجراء انتخابات مبكرة في حال واصل وزير ماليته موشيه كحلون معارضته بشأن مشروع انشاء هيئة عامة جديدة للبث.

ووجدت سلطة البث الاذاعي ومن ضمنها اذاعة صوت اسرائيل التاريخية، نفسها وسط احد اشد الخلافات في الائتلاف الحكومي الحالي، بسبب مشروع اطلق قبل عامين بهدف استبدالها بهيئة جديدة في مسعى لاعادة الحيوية الى سلطة البث التي تراجعت بسبب شعبية القنوات الخاصة.&

ويدعم كحلون الهيئة الجديدة التي اطلق عليها اسم "هيئة البث العامة" ، بينما يرغب نتانياهو في الحفاظ على سلطة البث، مع ان الهيئة الجديدة اعلنت جاهزيتها لتبدأ البث في 1يناير 2017، وبعد تقديم مئات من العاملين في سلطة البث استقالاتهم.

هذا رغم ان نتانياهو ايد مشروع استبدال سلطة البث في البداية.

ويقول ايلان جريلسامر، استاذ العلوم السياسية في جامعة بار ايلان "رأى منتقدو هيئة البث العامة انه بالاضافة الى ميزانيتها الكبيرة، كانت تعاني من المحسوبية والفساد وتفتقر للالهام".

ولكنه اضاف ان التيار اليميني المسيطر في اسرائيل بالاضافة الى نتانياهو عثر على وسيلة لإسكات انتقادات صحافيي القطاع العام.

اذ تشكل وسائل الاعلام أحد آخر المنابر في الدولة العبرية التي يمكن فيها للتيار اليساري التعبير عن آرائه بحرية.

ولكن نتانياهو بدل رايه، وتعهد الاثنين في خطابه امام البرلمان الاسرائيلي ان حكومته ستقوم بـ "اعادة تأهيل" سلطة البث القديمة بطريقة "مسؤولة ماليا".

وسائل الاعلام ضد نتانياهو

ويعد نتانياهو، خبير التواصل، مهووسا بوسائل الاعلام وعدائها له، ويقول منتقدوه انه تراجع عن مقترحه بعد ادراكه ان الصحافيين المعارضين له داخل سلطة البث اعيد توظيفهم باعداد كبيرة في الهيئة الجديدة التي تديرها شخصيتان معارضتان لرئيس الوزراء.

واكد مسؤول اسرائيلي كبير اشترط عدم الكشف عن اسمه ان "نتانياهو مقتنع منذ ولايته الاولى (عام 1996) ان وسائل الاعلام ضده".

ولم يشرح نتانياهو سبب تغيير موقفه. ولكن لم يتم ابدا نفي تصريحات لوزيرة الثقافة ميري ريغيف من حزب الليكود الذي يتزعمه، والتي اكدت في يوليو الماضي انه "من غير المعقول تأسيس شركة لا نسيطر عليها. ما هي مصلحتنا في ذلك؟"

ويواجه نتانياهو وزير ماليته كحلون، الذي يقدم نفسه كحريص على اموال دافعي الضرائب والمبالغ الضخمة التي تم بالفعل استثمارها في الاصلاح والتي تقدر قيمتها ب400 مليون شيكل على الاقل (94 مليون يورو).

وأثارت الخشية من حالة من الفوضى المالية والبشرية ضجة كبيرة في الدولة العبرية. ويعمل حاليا في سلطة البث 1050 موظفا بينما تم دفع 500 من الموظفين الى تقديم استقالاتهم او تركوا من تلقاء انفسهم، بحسب ما اكد اخيا غينوسار، رئيس اتحاد الصحافيين في اسرائيل لوكالة فرانس برس.

وفي ذات الوقت، قامت "هيئة البث العامة" بتوظيف 400 موظف حاليا، نصفهم تقريبا من سلطة البث القديمة.

وكان نتانياهو يخطط للحصول على موافقة حكومته الامنية المصغرة الاحد على الغاء انشاء "هيئة البث العامة". ولكن وزيره لم يتزحزح، ما سبب انتكاسة موقتة لنتانياهو. وتم تكليف لجنة لصياغة حل وسط في غضون ثلاثة اسابيع.

وامكانية اجراء انتخابات تشريعية مبكرة تشكل امرا بعيد الاحتمال.

وكتب بن كاسبيت في صحيفة معاريف، والذي يعد منتقدا شرسا لنتانياهو انه للمرة الاولى منذ الانتخابات التشريعية في مارس 2015 "تم كبح جماح رئيس الوزراء...تم اكتشاف خصم كبير ومهم فجأة".