يختتم دونالد ترامب وهيلاري كلينتون الاثنين حملة انتخابية شهدت منافسة ضارية، وتبقى نتيجتها غامضة، مع تنظيم تسعة مهرجانات انتخابية، آخرهما قبيل منتصف الليل تمامًا، في ظل تقلص الفارق بينهما، رغم تقدم طفيف للمرشحة الديموقراطية على منافسها الجمهوري.

إيلاف من واشنطن: تعقد كلينتون (69 عاما) التي تأمل أن تصبح الاثنين أول امرأة رئيسة للولايات المتحدة بعد 44 رئيسا، تجمعين انتخابيين الاثنين في بنسيلفانيا وثالثا في ميشيغان، ورابعا وأخيرا في شمال كارولاينا قبيل منتصف الليل. وفي بنسيلفانيا، ينضم إليها الرئيس باراك أوباما وزوجته ميشيل، وزوجها بيل كلينتون وابنتهما تشيلسي. ومن المتوقع أيضا أن يظهر معها المغنيان بروس سبيرنغستين وجون بون جوفي.

وفي آخر مهرجان انتخابي ليوم الأحد عقدته مساء في مانشستر بولاية نيوهامشير، قدمت كلينتون نفسها على أنها مرشحة "المصالحة"، بعدما قضت الأيام الأخيرة تهاجم خصمها الجمهوري باعتباره لا يملك المقومات لقيادة البلاد. وقالت كلينتون في أوهايو "وصلنا إلى ساعة الحقيقة في هذه الانتخابات (...) قيمنا الجوهرية على المحك".

وتعزز موقف المرشحة التي تقول إن خطها في الرئاسة في حال فوزها سيكون استمرارية لعهد أوباما، مع زوال مخاطر ملاحقتها في قضية بريدها الإلكتروني، إذ أعلن مدير مكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي آي) جيمس كومي الأحد التمسك بقراره السابق الصادر في يوليو والقاضي بعدم وجود مبررات لمقاضاة كلينتون على استخدامها خادما خاصا لبريدها الإلكتروني حين كانت وزيرة للخارجية.

وكان كومي فجر قنبلة حقيقية في الحملة الانتخابية عندما أبلغ الكونغرس في 28 ديسمبر بتطور جديد في القضية مع العثور على آلاف الرسائل الإلكترونية الجديدة المتعلقة بكلينتون يتحتم التحقيق فيها، وقد تعرض لانتقادات حادة على هذا الإعلان قبل أيام من 8 نوفمبر. وأشاع الإعلان عن إغلاق المسألة مجددا ارتياحا في فريق حملة كلينتون، ولو أنه جاء متأخرا، قبل يومين فقط من الانتخابات.

البحث عن أي أصوات
يتوقف دونالد ترامب (70 عاما) من جهته في محطات الاثنين في فلوريدا وشمال كارولاينا وبنسيلفانيا ونيوهامشير وميشيغان حيث يختتم حملته بمهرجان مقرر قرابة الساعة 23,00. وهدف كلا المرشحين واحد، وهو جمع كل صوت يمكن أن يرجّح لصالحه كفة الولايات الأساسية التي ستحسم نتيجة الانتخابات.

أما الاميركيون الذين أعرب 82% منهم عن اشمئزازهم في استطلاع للرأي أجري أخيرا، فهم ينتظرون بفارغ الصبر نهاية هذه الحملة الطويلة بين مرشحين غير شعبيين بنسب تاريخية (50% لا يحبون كلينتون، و62% لا يحبون ترامب)، حملة شهدت الكثير من الشتائم والفضائح والبذاءة.

وتحظى كلينتون بـ44,9% من نوايا الأصوات على المستوى الوطني مقابل 42,7% لترامب، بحسب متوسط لاستطلاعات الرأي الأخيرة أورده موقع "ريل كلير بوليتيكس". 

في فلوريدا، الولاية الاساسية التي يتحتم على دونالد ترامب الفوز بها للاحتفاظ بحظوظه الرئاسية، تتوزع نوايا الأصوات بين 47 % لكلينتون مقابل 46% لترامب. ويتقدم ترامب على كلينتون في أوهايو بـ46,3% مقابل 43,5%، وفي شمال كارولاينا بـ47,3% مقابل 45,8%.

وكان فوز كلينتون يبدو محتوما، وهي تتمتع بخبرة طويلة في السياسة، حيث كانت سيدة أولى وسيناتورة ووزيرة خارجية. غير ان العديد من الأميركيين لا يحبونها ويشككون في نزاهتها.

وكانت المعركة أصعب مما كان متوقعا في مواجهة ترامب، الشعبوي الذي لا يتمتع بأي خبرة سياسية غير أنه يحظى بدعم شعبي لا يضعف، وهو يقدم نفسه على انه دخيل على السياسة ومعارض لهيئات السلطة.

واستغل ترامب مشاعر الغضب والخيبة التي تحرك شريحة من الأميركيين في مواجهة العولمة والتغيرات الديموغرافية. ووعد بحلول بسيطة لجميع المشكلات المعقدة. لم يتردد في التفوه بأكاذيب وإهانة النساء والمكسيكيين والسود والمسلمين، وهاجم منافسته بدون توقف، ونعتها بأبشع النعوت. لكنها ردت مساء الأحد مؤكدة أن "الغضب ليس خطة".

وبعد إعلان مدير إف بي آي، علق ترامب مؤكدا "انها تحظى بحماية من نظام مغشوش". وقال رغم كل شيء "هيلاري كلينتون مذنبة، هي تعرف ذلك، الاف بي آي يعرف ذلك، الناس يعرفون ذلك، والآن، يعود للشعب الأميركي أن يصدر حكمه في صناديق الاقتراع".

ولا يكترث أنصار ترامب إن كان بطلهم الملياردير تجنب دفع ضرائب فدرالية على ما يبدو منذ سنوات، وتحرش بنساء. فهم ظلوا أوفياء لقطب العقارات الذي اشتهر بثروته وبتقديمه برنامجا ناجحا من تلفزيون الواقع عنوانه "ذي آبرينتيس".

وفي طريقه الى البيت الأبيض، كاد ترامب يفكك الحزب الجمهوري الذي شهد انقسامات عميقة. فرفضه العديد من قادة الحزب وشخصياته الكبرى، فيما يعتزم البعض التصويت له إنما على مضض، لا سيما أن مواقف المرشح ليست على الدوام مطابقة لخط الحزب، ومن ابرزها موقفه المعارض للتبادل الحر.

وأثارت الحملة الانتخابية بتجاوزاتها ومغالاتها وفضائحها الكثير من الاهتمام خارج حدود الولايات المتحدة، فتابعها العالم وتفاوتت ردود الفعل بين الطرافة والهول. في الصين، كانت الحملة فرصة فريدة استغلها النظام الصيني لتعزيز دعايته، إذ نددت وسائل الاعلام بثغرات النظام الديموقراطي.

في روسيا، انتقد الرئيس فلاديمير بوتين أخيرا "الهستيريا" المسيطرة برأيه في الولايات المتحدة التي اتهمت موسكو بالسعي الى التأثير على الانتخابات الرئاسية لصالح دونالد ترامب من خلال عمليات قرصنة معلوماتية استهدفت الحزب الديموقراطي.