بروكسل: يثير انتخاب دونالد ترامب رئيسا للقوة الاولى في العالم والركيزة الاساسية للحلف الاطلسي قلق اوروبا، في وقت يعزز فيه هذا التكتل قدراته العسكرية بشكل غير مسبوق منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية بمواجهة روسيا فلاديمير بوتين.

وخلال حملته الانتخابية، المح المرشح الجمهوري في تصريحاته الى ان استمرار الالتزام الاميركي تجاه حلف شمال الاطلسي سيكون ضمن شروط.

وبغية طمأنة جيران روسيا الذين يشعرون بقلق ازاء موقف موسكو منذ بدء النزاع الاوكراني، قال نائب الرئيس الأميركي جو بايدن "لا تستمعوا لهذا الرجل، انه لا يعرف ماذا يقول. اميركا لن تتوانى مطلقا في واجب الدفاع عن حلفائها".

الانعزالية

ويقول فابيان زوليغ من مركز السياسة الاوروبية، وهو معهد ابحاث في بروكسل، ان "ادارة ترامب ستعزز النزعات الانعزالية في الولايات المتحدة" لافتا الى تراجع قوة واشنطن اصلا بسبب المنافسة من دول ناشئة على غرار الصين.

وكدليل على الصدمة، ادى الاعلان عن فوز ترامب الى سلسلة من ردود الفعل في اوروبا الاربعاء وتصريحات للامين العام لحلف شمال الاطلسي ينس ستولتنبرغ.

وقال الامين العام للحلف "في مواجهة بيئة جديدة صعبة امنيا (...) تبقى قيادة الولايات المتحدة اكثر اهمية من اي وقت مضى".

من جهته، سارع رئيس بولندا اندريه دودا الى التذكير بوعود الولايات المتحدة بارسال مزيد من القوات الى بلاده لتعزيز الجبهة الشرقية لحلف شمال الاطلسي.

ومن المتوقع ان يقوم الحلفاء مطلع العام 2017 بنشر اربع كتائب كل منها نحو الف رجل في لاتفيا وليتوانيا واستونيا وبولندا. وتلك التي ستنتشر في بولندا ستكون تحت قيادة الولايات المتحدة.

وبعيدا عن الالتزامات داخل حلف شمال الاطلسي، اعتبر دونالد توسك رئيس المجلس الاوروبي ان واشنطن "ليس لديها بكل بساطة اي خيار آخر" سوى مواصلة التعاون بشكل وثيق مع اوروبا.

واضاف توسك وهو رئيس وزراء بولندي سابق "لا اعتقد ان بإمكان اي بلد يزعم بأنه قوي البقاء معزولا" في اشارة الى شعار ترامب الانتخابي "استعادة اميركا عظمتها".

بدورها، شددت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديركا موغيريني على مسؤولية الاتحاد الاوروبي لان يكون "قوة عظمى تؤمن بالتعددية".

ويعرب بعض المحللين عن الاعتقاد بان المخاوف الناجمة عن انتخاب ترامب لا مبرر لها بالضرورة.

تعزيز الدفاع الاوروبي

ويقول ايان ليسر من معهد صندوق مارشال الالماني في بروكسل ان الرئيس الاميركي الـ45 "ليس انعزاليا أكثر مما هو أحادي الجانب. فالسياسة الخارجية بالنسبة اليه تبدا بالامن الداخلي ويتم تطويرها وفقا لذلك".

ويبقى معرفة ماذا سيكون موقفه ازاء موسكو، واذا كان سيلتزم بوعده خلال حملة الانتخابات اصلاح علاقة تدهورت الى حد ما منذ بدء النزاع الاوكراني وضم شبه جزيرة القرم في مارس 2014.

والمح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى ذلك الاربعاء قائلا "نحن مستعدون للقيام بكل شيء لكي تتطور العلاقات الروسية الاميركية بشكل مستقر (...) ما سيترك تأثيرا ايجابيا في العالم".

ووسط اجواء عدم اليقين هذه، يفضل البعض في الاتحاد الاوروبي (بينهم 22 من 28 دولة في الاطلسي) ان يرى فرصة للمضي قدما في النقاش الدائر حول أمن اوروبي أكثر استقلالية في مجال الدفاع والامن.

وكان رئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر اعلن مساء الاربعاء في برلين ان "الولايات المتحدة لن تتولى الاهتمام بأمننا، انها مسؤولية اوروبا. نحن بحاجة الى اتحاد أمني".

وبرلين احدى العواصم التي تجري نقاشا بهذا الصدد مع باريس وروما ومدريد.

ويشارك الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في هذا الراي بوضوح. وقال الخميس "من المهم جدا ان يكون الاوروبيون، في هذه الظروف الجديدة، واضحين في الرغبة &للعمل معا" وخصوصا من اجل السيطرة على الحدود الخارجية للاتحاد الاوروبي ومكافحة الارهاب.

بدوره، قال دبلوماسي اوروبي ان النتيجة المفاجئة للانتخابات الاميركية من شأنها ان تعمل على تطوير موقف الاكثر ترددا، في شرق اوروبا، حيال فكرة الدفاع الاوروبي.

لكن هذه الدول المترددة تخشى ان يتحول ذلك الى تنافس مع حلف شمال الاطلسي.