بروكسل: يأتي انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة في مرحلة غير مؤاتية للاتحاد الاوروبي الذي يواجه شكوكا حول مستقبله مع صعود التيارات الشعبوية الذي تجلى مع تاييد البريطانيين الخروج من الاتحاد الاوروبي.

كان مؤسسو الاتحاد الاوروبي يؤمنون بان الوحدة تبنى من خلال الازمات، ولكن بعد بريكست وانتخاب دونالد ترامب الى البيت الابيض، تبدو الكتلة الاوروبية اكثر ضعفا من اي وقت مضى.

ويجتمع وزراء خارجية الدول ال28 الاحد على عشاء عمل في بروكسل بدعوة من وزيرة الخارجية فيديريكا موغيريني لمناقشة اثر انتخاب ترامب الذي شكك بضرورة مواصلة الالتزام بحلف شمال الاطلسي القائم منذ عقود للدفاع عن القارة.

فبعد التهاني الدبلوماسية والدعوات الرسمية التي اعقبت اعلان النتيجة، بات القادة الاوروبيون يعبرون علنا عن مخاوفهم بشأن العلاقات مع واشنطن، شريكهم التاريخي.

ودعا رئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر ورئيس المجلس الاوروبي دونالد توسك ترامب الى قمة اميركية اوروبية في اوروبا في اقرب وقت.

- عامان من الوقت الضائع -

ولكن يونكر لم يتمكن من ضبط نفسه فقال الجمعة في لوكسمبورغ "صحيح ان انتخاب دونالد ترامب يتضمن تهديدا للتوازنات بين القارتين سواء في اسسها او في بنيتها".

وتحدث يونكر عن نقص معلومات ترامب في الجغرافيا مشيرا الى ما قاله في حزيران/يونيو عن بلجيكا بانها "مدينة رائعة"، فقال "علينا ان نعلم الرئيس المنتخب ما هي اوروبا. اعتقد انه ستكون لدينا سنتان من الوقت الضائع حتى يكون ترامب قد جال العالم الذي لا يعرفه".

وسيتعين على الاوروبيين العمل مع رئيس مبتدىء في السياسة الخارجية على ملفات شديدة الحساسية مثل النزاع السوري او الاوكراني والتغير المناخي في حين يجتاز الاتحاد الاوروبي احلك فترة في تاريخه الممتد ستين عاما.

ومع ازمة الهجرة الحادة وتصاعد التيار الشعبوي والتهديد المتزايد المتمثل بتعزيز التواجد الروسي على الخاصرة الشرقية، والانعكاسات اللامتناهية لازمة القروض في منطقة اليورو، ومن ثم صدمة بريكست، يخشى كثيرون توالي الازمات.

وقال رئيس كتلة الليبراليين في البرلمان الاوروبي غي فرهوفشتات هذا الاسبوع ان "فوز ترامب هو اشارة بان الديموقراطية الحرة تتحول بسرعة الى حركة مقاومة" داعيا الاوروبيين الى اليقظة دفاعا عن قيمهم.

وشكلت هذه الدعوة صدى لما قاله دونالد توسك قبل استفتاء 23 حزيران/يونيو في بريطانيا محذرا من ان بريكست يمكن ان يؤدي الى "تدمير ليس الاتحاد الاوروبي فحسب وانما الحضارة المدنية الغربية".

- العودة الى الديموقراطية الحقيقية -

وقال فابيان زوليغ من مركز السياسات الاوروبية في بروكسل ان دور الولايات المتحدة كقائد عالمي للديموقراطيات الليبرالية الغربية منذ 1945 "يصطدم اصلا برياح معاكسة. ولكن ادارة يقودها ترامب ستعزز التوجهات الانعزالية في الولايات المتحدة الامر الذي سيوجه ضربة اضافية الى هذا الدور القيادي".

 ومع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية في عدد من الدول الاوروبية مثل النمسا وهولندا وفرنسا ومن ثم المانيا، يخشى القادة الاوروبيون من الاثر المحفز للانتخابات الاميركية على الناخبين الحساسين للخطاب اليميني المتطرف.

كانت مارين لوبن ونايجل فراج ورئيس وزراء المجر فيكتور اوربان المتفقون في خطابهم المعادي للهجرة من بين اول مهنئي ترامب.

وقال اوربان "سيمكننا العودة الى الديموقراطية الحقيقية والى النقاشات الصادقة بعيدا عن الضغوط المسببة للشلل لما هو مقبول سياسيا"، مرحبا "بلحظة عظيمة" قال ان "الحضارة الغربية نجحت (فيها) في التحرر من هيمنة فكر ايديولوجي بعينه".

واعتبر بعض خبراء الجغرافيا السياسية ان المشهد ليس حالكا تماما وان وصول ترامب غير المتوقع الى البيت الايض ينبغي ان يشكل فرصة تدفع الاوروبيين الى توحيد قواهم بشأن الامن والدفاع على سبيل المثال.

وقالت جودي دمبسي من معهد كارنيغي اوروبا "انها المرة الاولى التي قد يواجه فيها الحلفاء الاوروبيون في الحلف الاطلسي الحقيقة المرة المتمثلة في احتمال خفض الالتزام الاميركي في ظل ترامب. كنا نتساءل ما الذي ينبغي ان يحصل اكثر من هذا لكي يستيقظوا".

هدد ترامب خلال حملته الانتخابية بالتخلي عن التزامات الدفاع عن اوروبا التي تشكل حجر الزاوية في التحالف العسكري في اطار حلف شمال الاطلسي، الامر الذي شكل صدمة لاوروبا.