«إيلاف» من لندن: اعتبر معارضون سوريون أن هناك حالة من العطالة السياسية في الملف السوري، وأن السوريين غائبون عن التوافقات الدولية وكل المؤتمرات الخاصة بالحالة السورية. وأن حالة الضعف التي وصل اليها السوريون نتيجة طبيعية لطول زمن الحرب وكثرة المصائب وكثرة اللاعبين وتخاذل الأصدقاء وتكاتف الأعداء، حتى باتوا مجبرين على التعاطي مع الموجود، ولكنهم من جانب آخر توقعوا أن هناك تغييرا سيشهده المستقبل القريب.

وفي استعراض للمشهد السوري رأى أحمد شبيب عضو المكتب السياسي في تيار الغد السوري في لقاء مع «إيلاف» أن أسوأ ما يواجهه السوريون اليوم «هو تعطّل الحل السياسي والمفاوضات السورية – السورية إلى أجل غير مسمّى، وبالتالي انسداد أفق الحل والخلاص نظراً لتصريح كل قيادات الدول الاقليمية والغربية على استحالة أي حل غير الحل السياسي»

هذه المفاوضات التي أصبحت حالة بمجرد ذكرها تبعث التشاؤم في نفوس السوريين كونه يسبقها دائماً شلالات دم ومجازر يرتكبها على وجه الخصوص النظام وحلفاؤه ،اقترنت في جنيف /3/ بانعدام التكتيك والتقنية المطلوبة، وكأن من يدير التفاوض من الطرف المعارض لا يعي حيثيات وموجبات الاعتراف والموافقة على بيان جنيف /1/ ويجهل حساسية المرحلة وضعف إمكانات الثورة وتخاذل العالم في دعمها.

الوفد الذي كان لا بد له أن يمارس تكتيكاً ابداعياً في مواجهة تهرّب النظام من استحقاقات الحل السياسي من أجل كسب الوقت لتثبيت الهدن ووقف الأعمال العدائية لحين تجاوز مرحلة الانتخابات الأميركية، ولربما كانوا قادرين على القيام بأداء أكثر ايجابية من مغازلة ومداعبة مشاعر الشعب السوري المكلوم".

معارك حلب وادلب

وأضاف: «ما شهدته الأشهر الأخيرة من عمليات تهجير ممنهج الى ادلب من أجل زيادة آلام هذه المدينة المحررة، والعمل على تصوير هذه المدينة على أنها ستكون مكان الحشر لمن ستتم تصفيتهم في مرحلة لاحقة».

بالإضافة إلى معارك حلب والتي بات الشعب ينظر اليها بعين الريبة متخوفا من عدم جدواها، وحزينا على من سيستشهد من أخيار الشباب السوري وأكثرهم صدقاً، وفي الوقت نفسه يتوجس هذا الشعب المطحون خيفة من مجازر قد يرتكبها النظام وحلفاؤه ضد أهلنا في حلب، وما سيترافق مع هذه المجازر من آلام وتهجير، بالاضافة الى الضبابية العملية في التحركات العسكرية في الشمال السوري بشكل عام، وتداخل هذه العمليات مع مشاكل سياسية وديموغرافية وأجندات محاور اقليمية ودولية في سوريا وفي بعض دول الجوار".

وحول الصورة الدولية المرتبطة بالملف السوري اليوم رأى "أن كل هذا يدفعنا للإحباط واليأس. والصورة اليوم قاتمة جداً، دول الاقليم والدول الكبرى منهمكة بالصراع من أجل تحقيق مصالحها من جهة، ومن أجل السيطرة على انعكاسات الوضع في سوريا على أوضاعها الداخلية من جهة أخرى.

الكل في سباق محموم من أجل الاشتراك في تمثيلية مكافحة الارهاب، ويتسابقون لاستئصال وهزيمة وتعطيل نشاط تنظيم ارهابي كبر وترعرع في مهد استخبارات دول العالم. 

وأكد "أن داعش المارق سينهزم في البصرة وسيدفع أهلها العرب السنة ثمن انحسار هذا التنظيم، قتلاً وتنكيلاً وتهجيراً، وسيضاف هذا الى القتل والتنكيل الذي مارسه التنظيم بحقهم لسنوات بدأت عندما قدم نوري المالكي الموصل كهدية للتنظيم مع أسلحة ثقيلة وكل المعدات التي يحتاجها لأداء الدور المنوط به". 

واعتبر شبيب "رغم كل ما لقيناه من الحكومة العراقية وتأييدها قتلنا ودعمها السياسي والعسكري واللوجستي والمرتزقي للنظام لن يتحسر الشعب السوري على الدموع التي ذرفها يوماً على العراق وأهله، ولن يندم على الصيحات التي أطلقها في المسيرات المناصرة للعراق وحرية وكرامة أبنائه لأننا بكينا أحرار العراق وكرامتهم ولم نبك مرتزقة وصبيان الولي الفقيه.

لبنان وسوريا

وحول الوضع لبنانياً وما شهد من انتخاب رئيس جديد لمنصب رئاسة الجمهورية، ووقوع التوافق أخيراً على الجنرال ميشال عون قال إنه « الشخصية المعروفة والتي لها ما لها وعليها ما عليها، عانى آلام الحرب الأهلية التي عاشها بلده، وذاق ألم اللجوء، وشرب كؤوس غدر وخيانة وعنجهية النظام السوري، ودفع بسببها سنوات من عمره منفيّاً في فرنسا، وهو اليوم حليف حزب الله وايران والنظام »، على حد قوله .

 وتساءل « لكن بعد انتخاب عون رئيساً للبنان هل سيغلّب مصلحته كرئيس لبنان ويخرج من عباءة التحالفات مع من عطّلوا الكثير من الاستحقاقات الدستورية على مدار عقد ونصف، ولكن بكل الأحوال أهل مكة أدرى بشعابها ونحن نثق بخيارات الشيخ سعد الحريري »، وتمنى للجمهورية اللبنانية الشقيقة الأمن والسلام والازدهار، وتمنى من الحكومة الجديدة التعاطي السياسي الايجابي مع الملف السوري، والاهتمام بملف اللاجئين السوريين وتحسين ظروف استقبالهم، ومعالجة مشاكلهم انسانياً بعيداً عن الاستقطاب السياسي الداخلي والاقليمي ، « لما لهذا الاجراء من انعكاسات مستقبلية على الأخوّة السورية اللبنانية التي تشهد اليوم احتقاناً معلوم الأسباب».

سوريا الوطن في خطر، والخطر أقرب إليها من حبل الوريد، وهذا يستدعي يقظة سورية نخبوية تكون بوصلتها المصلحة الوطنية السورية الواقعية، ومراجعة شاملة للوصول الى خطة قابلة للتحقيق لاخراج سوريا من دوامة ارتهان القوى السياسية القسري للمحاور الاقليمية، والعمل في سبيل وطن حر كريم».

 وكرر شبيب ايمانه بأن أول خطوة في طريق النصر والتعافي والخلاص من الدكتاتورية والارهاب هو وقف اطلاق النار ووقف نزيف الدم السوري، وأضاف: «ماراح يكون اسوأ من السابق، وهناك تغيير قادم نتامل ان يكون في الصالح السوري».

تغيير ايجابي

من جانبه توقع القيادي الكردي زارا صالح في تصريح لـ«إيلاف» تغييرا ما سيشهده المستقبل القريب، وحول المعارضة قال "أعتقد ان الائتلاف لوطني المعارض سوف يتقلص دوره سياسياً، وعلى الصعيد الخارجي الأميركي، وفي تتمة للصورة العامة السابقة قال إن « سياسة الجمهوريين أكثر عملية وحسم في الملفات الخارجية ».

وردا على سؤال حول معالم التغيير الذي يأمل أن يكون بصالح سوريا أجاب « ترامب والجمهوريون سوف يركزون على هزيمة داعش والارهاب وحتما هذا سيسهل من العملية السياسية في سوريا رغم انهم لن يغيروا الاسد في هذه المرحلة فقط».

وأضاف « سوف تكون هناك اصطفافات جديدة وتموضعات وفق سياسة أميركا خاصة بعد بدء عمليات الموصل والرقة بالتزامن»، وردا على تساؤل حول امكانية أن السياسات الأميركية الحالية ستنعش النظام السوري قال « قد يكون ذلك في هذه الفترة ولكن ضمن الاستراتيجية البعيدة لسوريا والمنطقة لن يكون كذلك».

واعتبر أن المرحلة الانتقالية ستكون توافقية وسيكون هناك مساومات. لافتا الى أن الدولة المركزية لن تبقى وهناك تصور وتوجه دولي لنظام اتحادي ( فيدرالي) لإرضاء الجميع بعد التخلص من التنظيمات المتطرفة»، واختتم قائلا حول مخاوف من أن « الخيار الآخر هو الابقاء على شكل التقسيم القائم لسلطة ونفوذ أمراء الحروب والجماعات الطائفية».