في مسابقة أفضل تصميم لمكافحة أزمة المياه في كاليفورنيا، فاز مقترح مبتكر لحديقة على شكل دولاب هواء، يجمع بين تحلية ماء البحر باستخدام الطاقة البديلة، وبين إيجاد الحلول لزراعة الخضراوات والأعلاف.


أمجد الشريف من برلين: تبدو صورة الحديقة - الدولاب التي وزعها مكتب المهندس الاميركي المعروف ألكساندريو بريدونوس مثل دولاب الهواء الكبير المشهور في العاصمة البريطانية لندن، إلا أنه حديقة دوارة مبتكرة تجمع بين جمالية التصميم والوظيفة البيئية. ويطلق المهندسون اليوم على هذا النوع من التصاميم المعمارية اسم" اركتيكتايز" تعبيرًا عن فن الجمع بين الهندسة وإنتاج الطاقة البديلة.

الحديقة-الدولاب

بعد مشاركة مكتب هيرم الكوري الجنوبي في المسابقة بمشروع "الكرة الصافية" لإنتاج ماء الشرب من ماء البحر، باستخدام الطاقة الشمسية في سانتا مونيكا، يتقدم بريدونوس بمشروعه "الحديقة الدولاب" للزراعة وتحلية ماء البحر في المدينة. ويطلق على المسابقة اسم "Land Art Generator Initiative design competition".

ومعروف أن كاليفورنيا تعاني جفافًا منذ فترة، فمعدل أمطارها منخفض جدًا، ونضبت مياهها الجوفية إلى حد ما، واضطرت هذه الحالة حاكم كاليفورنيا جيري براون إلى اصدار مرسوم يجبر المواطنين على الاقتصاد في ماء الشرب، وهذه حالة تحصل أول مرة في تاريخ هذه الولاية الأميركية.

ماء للمواطنين وعلف للحيوانات

يبدو مشروع بريدونوس جذابًا بأعين حماة البيئة لأنه يتغلب على اعتراضاتهم على طرق تحلية مياه البحر التقليدية. فمشروعه يستخدم الطاقة الشمسية لتشغيل حديقته القلابة، كما يفرغ مساحات واسعة فيها لزراعة أشنات وطحالب البحر التي يرى حماة البيئة أن تحلية مياه البحر تقتلها. ثم يزرع هذه الطحالب والاشنات ويعيد بعضها إلى البحر حفاظًا على ميزان البيئة البحرية، ويوفر الكثير منها كأعلاف للحيوانات.
ومعروف أن زراعة الأعلاف تستهلك الكثير من الماء والسماد الضار بالتربة.

تستخدم تحلية البحر هنا طريقة تحليل الماء الأوزموزية (التناضحية) باستخدام أغشية رقيقة ذات ثقوب بالغة الصغر تصطاد جزيئات الأملاح والشوائب من ماء البحر وتمرر الماء النقي عبرها. وتتولى أشعة الشمس تزويد الدولاب الكهرباء، وتزويد مضخة ترفع مياه الشرب المكتسبة من الأسفل إلى الأعلى ثم تنسكب على الحلقات الدائرية المزروعة في الدولاب.
وهذا يعني أن الدولاب يستخدم جاذبية الأرض في سقاية المزروعات التي يكفل الشكل الدائري تعرضها إلى أشعة الشمس من عدة زوايا.

اقتصاد بماء الري 

يقول بريدونوس إن طريقة الزراعة في دواليب البحر، التي يسميها "ايروبونيك" تقتصد الكثير من ماء كاليفورنيا وطاقتها. وقاس المهندس أن استخدام مثل هذه الطريقة يمكن أن يقلص المياه والطاقة المستعملة في زراعة الأرض بنسبة تتراوح بين 90 و95 في المئة.
وبحسب المهندس نفسه، ما تستهلكه زراعة 1000 متر مربع من الدولاب الدوار بالخضراوات تعادل زراعة قطعة أرض مساحتها 26 ألف متر مربع وتستهلك 340 مليون لتر من الماء في السنة. هذا في حين أن الحديقة الدولاب تستهلك 40 مليون لتر من الماء الذي تنتجه بنفسها من ماء البحر باستخدام الشمس.

وهذا يعني تبقي 20 مليون لتر من ماء الشرب لتحويلها سنويًا إلى البيوت القريبة.

تحلية ماء البحر في سان ديغو

في هذه الاثناء، تخطط سان ديغو لبناء محطة شمسية لتحلية مياه البحر، هو "مشروع كارلسباد للتحلية"، وينتج 200 مليون لتر من الماء يوميًا. يفترض أن يستخدم المشروع الطريقة الأوزموزية أيضًا لترشيح ماء البحر بالأغشية الرقيقة، وأن ينتج لترًا من ماء الشرب من كل لترين من ماء البحر.

ويثير المشروع انتقادات حماة البيئة لأنه لا يراعي التأثيرات السلبية على الأحياء البحرية الصغيرة.
في مدينة سانتا كروز، وقفت أغلبية المواطنين ضد بناء محطة لتحلية مياه البحر خشية من تأثيراتها على البيئة. وارتضى مواطنو المدينة التزام خطة يقلل فيها الفرد استهلاك الماء إلى 235 لتر يوميًا كبديل للمحطة.

تضحية

الملاحظ أن استهلاك الفرد الاميركي من الماء، على الرغم من هذه "التضحية" (235 لتر يوميًا فقط) يبقى عاليًا مقارنة باستهلاك الألماني من مياه الشرب الذي يبلغ 115 لتر يوميًا. والجدير بالذكر أن صندوق البيئة الدولي انتقد "التفريط" بالمياه المحلاة من البحر لأغراض الزراعة مشيرًا إلى ظاهرة الاستخدام "غير العقلاني" لهذه المياه البالغة الثمن، إذ لا يزال سعر تحلية المتر المكعب يتمحور حول يورو واحد لكل متر مكعب كمعدل عالمي (160 سنتًا في المملكة العربية السعودية، 100 سنت في ليبيا، و244 سنتًا في مكسيكو).

ويرى خبراء صندوق البيئة الدولية، مقارنة بكلفة تحلية مياه البحر، ومن المستبعد تمامًا أن تصبح زراعة الحنطة والقطن وغيرها من المحاصيل، بالمياه المحلاة، ذات فائدة لاقتصاد أي بلد.