اتهمت أسرة سائق عربة "كارو" (عربة خشبية يجرّها حصان)، الشرطة بتعذيبه حتى الموت، بينما نفت وزارة الداخلية تلك المزاعم، مشيرة إلى أنه تعرّض للموت خلال مطاردة مع الشرطة في الشارع، أثناء القبض عليه لحيازته أقراصًا مخدرة.

إيلاف من القاهرة: في عودة جديدة لظاهرة التعذيب التي كانت سببًا مباشرًا في اندلاع ثورة 25 يناير 2011، وإسقاط حكم الرئيس السابق حسني مبارك، تعرّض مواطن مصري يُدعى مجدي مكين، ويبلغ من العمر 52 سنة، للتعذيب في مركز شرطة الأميرية في القاهرة، بسبب خلاف مع دورية أمنية في الشارع.

تشويه شامل
وفقًا لرواية أسرته، فإن الضحية ألقي القبض عليه، بسبب خلاف في الشارع، وتعرّض للضرب حتى الموت. وأوضحت زوجته في تصريح لـ"إيلاف" أن زوجها خرج للعمل يوم الأحد الماضي، لنقل مخلفات هدم على العربة الخشبية، مشيرة إلى أنه تأخر، وفشلت في الاتصال به.

أضافت أنها تلقت اتصالًا في صباح اليوم التالي الاثنين الماضي من ضابط شرطة، أخبرها فيه أن زوجها مصاب، بسبب انقلاب عربته، وهو في مستشفى الزيتون العام.

ولفتت إلى أنها هرعت إلى المستشفى، ولكن الشرطة رفضت في البداية أن تدعها تشاهد زوجها، منوهة بأنه بعد حضور باقي أفراد أسرته، وإصرارهم على الحديث مع زوجها، سمحت لهم الشرطة بالدخول إلى ثلاجة الموتى. وأشارت إلى أنهم صدموا عندما وجدوا جثته فيها آثار تعذيب شديد، والدماء تنزف من جميع فتحات جسده، ومنها الأذنان، وفتحة الشرج، فضلًا عن وجود آثار ضرب مبرح وكدمات شديدة في ظهره.

وقال هاني مكين، ابن شقيق الضحية، لـ"إيلاف" إن عمّه كان في طريقه لنقل كومة تراب أو مخلفات هدم، مشيرًا إلى أن عربة الكارو اصطدمت بسيارة ميكروباص كانت تقلّ مجموعة من رجال الشرطة في ملابس مدنية، ونزلوا منها وانهالوا بالضرب على عمه مجدي مكين.

الداخلية تنفي
أضاف أن أحد الضباط ضربه بشكل مبرح، وأمر أمناء الشرطة بإلقاء القبض عليه، ونقلوه إلى قسم شرطة الأميرية، وهناك تعرض للمزيد من الضرب والتعذيب حتى الموت.

وعلمت "إيلاف" أن تقرير الطب الشرعي المبدئي، أثبت وجود آثار تعذيب واضحة على الظهر ومنطقة الحوض، والأعضاء التناسلية، إضافة إلى نزيف حاد من الأذنين، ونزيف داخلي.

من جانبها، نفت وزارة الداخلية تعرّض مكين للتعذيب أو إلقاء القبض عليه، بسبب خلافات مع ضابط شرطة. وقال اللواء طارق عطية، مساعد وزير الداخلية للإعلام، في تصريح له، إن الضحية ألقي القبض عليه متلسبًا بحيازة نحو ألفي قرص مخدر، نافيًا أن يكون تعرّض للتعذيب أو الضرب.

ولفت إلى أن عربته تعرضت للانقلاب أثناء محاولة القبض عليه، مشيرًا إلى أن الوفاة حدثت نتيجة هبوط حاد في الدورة الدموية.
وقال إن وزارة الداخلية تجري تحقيقًا في الحادث، وإذا ثبت تعرّض الضحية للتعذيب حتى الموت، فسوف تقدم المسؤولين عن الحادث إلى المحاكمة.

طلب إحاطة
وفي تصعيد للحادث، قال محمد عبد الغني عضو مجلس النواب عن دائرة الزيتون، إنه "تواصل مع فريق المحامين لأسرة المواطن مجدي مكين، الذي جرى تعذيبه حتى وافته المنية داخل قسم الأميرية على يد أحد الضباط". وأضاف في تصريح لـ"إيلاف" أنه "تم اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتم تحرير محضر في النيابة العامة تحت رقم 3028، وأكد أن متابعة سير التحقيقات جارية".

تابع عبد الغني: "لا بد من محاسبة أي متسبب بإهدار كرامة أي إنسان"، مشيرًا إلى أنه "لا تهاون مع هذه الجريمة البشعة، ويجب ألا تمر مرور العابرين، لأنها انتهاك لأبسط الحقوق، وهو الحق في الحياة والأمان الشخصي".

وأضاف أن "مثل هذه الجرائم تؤدي إلى زيادة الاحتقان بين جهاز الشرطة والمواطنين، وينبغي على وزارة الداخلية إخضاع رجال الشرطة لآليات التعامل مع المواطنين، وضرورة مراعاة المعاملة الآدمية وعدم انتهاك حقوق الإنسان. وسنعمل بجدية وتعاون كامل مع وزارة الداخلية إلى حين التأكد من ملابسات الجريمة".

وأشار إلى أنه قدم طلب إحاطة إلى وزير الداخلية حول الواقعة، معتبرًا أنها "انتهاك صارخ للقانون والدستور". وطالب عبد الغني خلال طلب الإحاطة بـ"ضرورة إحالة الواقعة على لجنة حقوق الإنسان ولجنة الأمن القومي في المجلس".