عبّر البرلمان البريطاني اليوم عن القلق من العدد المخيف للإعدامات في إيران، داعيًا إلى اعتبار إعدام نظامها عام 1988 لـ 30 ألف معارض جريمة ضد الإنسانية.. فيما حذرت رجوي من تكثيف حكام إيران من مساعيهم إلى احتلال الدول وتأجيج الحروب في المنطقة، وخاصة في سوريا، مشددة على أن هؤلاء الحكام هم الآن أكبر عامل لزعزعة الاستقرار في المنطقة.

إيلاف من طهران: في مؤتمر في مجلس العموم البريطاني برئاسة أسقف أكسفورد السابق جون بريتشارد أعرب نواب البرلمان من جميع الأحزاب ولوردات وقادة دينيين عن قلقهم البالغ إزاء عدد الإعدامات المخيفة في إيران، منها الإعدامات العلنية وإعدام الشباب والنساء. 

ورحّب المتكلمون بالقرار الصادر من اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة الثلاثاء الماضي بإدانة الممارسات الإيرانية ضد حقوق الإنسان، معبّرين عن تقديرهم لتأكيدات مارتن شرمن من بعثة بريطانيا في الأمم المتحدة بقوله "من المهم للغاية أن نكرّس اهتمامنا على حقوق الإنسان، وأن نظل نحاسب الحكومة الإيرانية، بسبب تحطيم الرقم القياسي لانتهاك حقوق الإنسان في إيران.
كما ضم 200 من النواب واللوردات صوتهم إلى دعوة أعضاء مجلس العموم البريطاني إلى إجراء تحقيقات دولية مستقلة بشأن مجزرة السجناء السياسيين في إيران عام 1988". 

وفي صيف عام 1988 وبناء على فتوى صادرة من مؤسس الجمهورية الإسلامية آية الله خميني تم إعدام 30 ألف سجين سياسي في مجزرة عامة خلال أشهر عدة، وتم دفنهم سرًا في مقابر جماعية، والمسؤولون المعنيون لتلك المجزرة يتولون في الوقت الحاضر مناصب عليا في النظام الإيراني.

دعوة إلى اعتبار إعدامات 1988 مجزرة ضد الإنسانية
وقدم الرئيس المشترك للجنة البرلمانية البريطانية من أجل إيران الحرة السير ديفيد إيمس مبادرتين مدعومتين من قبل قرابة 200 نائب ولورد بريطاني، قائلًا "الموقعون يدعون الحكومة البريطانية إلى إعلان هذه المجزرة الهمجية جريمة ضد الإنسانية، مطالبين المفوض السامي لحقوق الإنسان ومجلس حقوق الإنسان والجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بإصدار إيعاز لفتح تحقيق بهذا الصدد وتقديم المسؤولين عن المجزرة إلى طاولة العدالة". 

أضاف إن "هذا البيان يعتبر الميثاق الديمقراطي بواقع 10 مواد، والمقدم من قبل مريم رجوي رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، بمثابة خارطة الطريق لإلغاء عقوبة الإعدام والتعذيب وتحقيق الديمقراطية والمساواة بين الرجل والمرأة وحكم القانون في إيران المستقبل، ويحث الحكومة على دعم جهود الشعب الإيراني والمجلس الوطني للمقاومة لتحقيق هذا البرنامج على أرض الواقع في بلدهم".

وقال القس جون بريتشارد "بعد الانتقال الناجح للاجئين الإيرانيين من مخيم ليبرتي إلى اوروبا، فعلينا الآن أن نركز الاهتمام على انتهاك حقوق الإنسان في إيران، وأن نناضل من أجل رفع التوعية، وتذكير المجتمع الدولي وحكومتنا بمسؤولياتهم لتحويل الكلام إلى عمل، وتحميل النظام الإيراني وكبار مسؤوليهم مسؤولية انتهاك حقوق الإنسان المتزايد، وهذا مهم بشكل خاص لكون قضاء إيران يشكل أهم مانع أمام أي تحسين لحقوق الإنسان في إيران".

خطر التعامل البريطاني التجاري مع ايران
بدوره قال النائب الدكتور ماتيو آفورد ان "السياسة البريطانية الحالية المتمثلة في البحث عن فرص تجارية مع إيران بعد الاتفاق النووي تحتوي على خطر تقوية قوات الحرس الثوري التي هي الذراع العسكرية الرئيسة للنظام، وهي القوة الرئيسة في تصدير الارهاب إلى خارج الحدود الإيرانية، وقمع أية نقمة شعبية في الداخل، كما إنها تسيطر على قرابة 70 بالمئة من الاقتصاد الإيراني".

 أما اللورد كلارك عن هبمستد فقد انضم إلى ماتيو آفورد وآخرين من المتكلمين، داعيا الحكومة البريطانية إلى اشتراط تحسين العلاقات مع إيران بتحسين حازم ومؤكد لحقوق الإنسان، خاصة وقف الإعدامات وأعمال التعذيب والاعتقالات التعسفية، ومن دونها لا يمكن تصور أي ربح طويل المدة".

 لجنة ايران الحرة في البرلمان البريطاني تناقش تدخلات ايران الخارجية

وحسب الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية، مثل العفو الدولية، فان المسؤولين الإيرانيين قد أعدموا قرابة 1000 شخص في العام المنصرم. وفي تقرير أصدرته العفو الدولية في 26 يناير 2016 كشفت المنظمة عن إعدام 73 مراهقا منذ عام 2005، وحذرت من أن هناك ما لايقل عن 160 حدثا آخر ينتظرون الإعدام في خرق سافر للقوانين والاتفاقيات الدولية التي تحظر إعدام الأحداث.

وكان المشاركون الآخرون في المؤتمر هم: الاسقف استبني والقس آدريان نيومن والاسقف كرويدون والقس جاناتان كلارك والاسقف لانكاستر والقس جف برسون والاسقف ساليسبري والقس نيكولاس هولتمان وكريستينا ريس المشهود لها بدعوتها منذ القدم للاعتراف بالقسيسات في الكنيسة البريطانية وأحد الأعضاء المؤسسين لمجلس الأساقفة والنائب بوب بلكمان والنائب جيم فيتز بتريك واللورد جاد واللورد كلارك عن همبستد واللورد آلتون عن ليفربول واللورد كاتر والبروفيسورة.. إضافة الى سارا تشندلر نائب رئيس اتحاد المحامين في اوروبا وليندا لي رئيس سابق لنقابة المحامين في بريطانيا وولز ومالكوم فاولر عضو سابق للجنة حقوق الإنسان لنقابة المحامين في بريطانيا وولز والسيد حسين عابديني من لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية. 

رجوي: النظام الايراني اخطر عامل لزعزعة الاستقرار في المنطقة
من جهتها وجهت مريم رجوي كلمة تلفزيونية الى الاجتماع الذي ضم أعضاء البرلمان البريطاني بشقيه في مجلس العموم اشارت فيها الى انه قد مضى 16 شهرًا على توقيع الاتفاق النووي بين ايران والمجتمع الدولي، وكانت هذه الفترة كافية لاختبار السياسات.. موضحة انه كان فرصة لحكام ايران لكي يغيروا سلوكهم، ويتخلوا على الأقل عن إثارة الفوضى والإرهاب على الصعيد الدولي، إلا أنهم كثّفوا مساعيهم الى احتلال الدول وتأجيج الحروب في المنطقة، وعلى الخصوص في سوريا، وبات الآن النظام الإيراني أهم عامل لزعزعة الاستقرار في المنطقة.

واضافت ان البعض كان يرى أن حقوق الإنسان في إيران ستتحسن، لكن عدد الإعدامات في العام الماضي بلغ قرابة ألف حالة. واشارت الى انه كما تحدث وزير الداخلية الايراني عن اعتقال 600 ألف شخص سنويًا فالحقيقة هي أن نظام طهران يحافظ على نظامه بحملات الإعتقال وأعمال التعذيب والإعدام اليومي، ومن خلال القمع الدائم الذي يستهدف النساء والشباب، والإعتقالات التعسفية وقمع أتباع الديانات الأخرى، وفرض الرقابة الخانقة على شبكة الانترنت، وحتى اعتقال البريطانيين من أصل إيراني أو منع إقامة حفلات الموسيقى. أما في مقابل الملالي، فقد واصل شعبنا ومقاومتنا التقدم في جهودهم التحررية. 

حراك لمقاضاة حكام ايران على اعدام 30 الف سجين سياسي
وقالت رجوي ان هناك إنجازا مهما يتبلور في حراك المقاضاة من أجل 30 ألف سجين سياسي أعدمهم النظام في مجزرة في صيف عام 1988. واشارت الى ان النظام تعمد التستر على هذه الجريمة الكبرى لمدد طويلة، الا أن نشر تسجيل صوتي لتصريحات آية الله منتظري الخليفة المعزول لخميني بشأن هذه المجازر، قد كشف عن أبعاد جديدة لهذه الجريمة المروعة.

واوضحت ان المقاومة الإيرانية تعمل حاليًا بمساعدة أنصارها داخل إيران على جمع مزيد من الوثائق في هذا المجال. وشددت على ان "هدفنا هو أن يعترف المجتمع الدولي بأن هذه المجزرة الكبرى كانت جريمة ضد الإنسانية، وأن يقدم المسؤولون عنها أمام العدالة".. وقالت "لو لم يكن صمت المجتمع الدولي ولا مبالاته التي تسببت بإفلات المجرمين من العدالة، لما كانت تستمر موجة الإعدامات وأعمال القمع في إيران حتى اليوم". 

واشارت رجوي الى ان هناك تحولا مهما آخر، وهو اتساع نطاق الاحتجاجات المناهضة للنظام، موضحة انه في 28 اكتوبر احتشد آلاف المواطنين للاحتفاء بذكرى ميلاد مؤسس إيران القديمة، وأول من أصدر ميثاقا لحقوق الإنسان قبل 25 قرنًا، وتظاهروا ضد حكام ايران. وقالت "يجب أن ننوه بانجاز عظيم آخر حصل في الأشهر الأخيرة، وهو انتقال آمن وسالم لجميع أعضاء مجاهدي خلق من ليبرتي إلى اوروبا". 

وقالت ان النظام الايراني حاول إيقاف هذا الانتقال، وسعى إلى اعتقال عدد من مسؤولي المجاهدين بإصدار أحكام قضائية كيدية ضدهم.. كما سعى الى القضاء على أعضاء المقاومة في مخيمهم في العراق بقصفهم بالصواريخ، إلا أن صمود المجاهدين والحملات الدولية للمقاومة، قد دحرا مخططات الملالي الخبيثة، واعتبرت هذه العملية للانتقال من أكبر الهزائم التي تلقاها النظام في العام الأخير.

نضال لاقامة جمهورية حرة تفصل الدين عن الدولة
وشددت رجوي على ان المقاومة الإيرانية تناضل من أجل إقامة جمهورية حرة قائمة على المساواة وفصل الدين عن الدولة وإلغاء أحكام الإعدام. 

ودعت الى إنهاء أحكام شريعة الملالي الحاكمين، وتحقيق الحرية والمساواة بين أتباع جميع الديانات، وخاطبت المشرعين البريطانيين، قائلة "نحن بحاجة إلى عونكم في هذه المقاضاة.. نحن بحاجة إلى مساعدتكم لحث الحكومات الغربية على الإعتراف بنضال الشعب الإيراني لتغيير هذا النظام".