ما أكثر حملات التوعية على عدم التلهي في أثناء قيادة السيارة، ولا من يتعظ.. اليوم، ثمة مدرسة لتعليم القيادة تجبر طلابها على التراسل النصي في أثناء القيادة.

إيلاف من دبي: لا تتلهَ بالهاتف وأنت تقود. صارت هذه الجملة لازمةً تقولها كل أم لابنها أو لابنتها قبل خروجهما، وكل زوجة لزوجها قبل مغادرته، وكل زوج لزوجته قبل أن يودعها. صارت في منزلة الوصية رقم 11 من الوصايا العشر.

لكن، على من تقرأ مزاميرك يا داوود؟ وكأن القيادة لا تحلو إلا وأنتَ ترسل قبلاتك وأشواقك للأصحاب عبر "واتسآب"، إلا وأنتِ ترسلين وصفات الطعام عبر "تيليغرام".

ثانيتان 

اللهو في أثناء قيادة السيارة من أهم أسباب الحوادث، بعد العطاس طبعًا. فالمراسلة النصية في أثناء القيادة تضاعف خطر التعرض لحادث سير 23 ضعفًا أكثر من احتمال وقوع الحادث في حال عدم التلهي، وذلك بحسب دراسات عالمية مختلفة تتقاطع في أن المراسلة النصية عبر الهاتف تستوجب انتباهًا مرئيًا ويدويًا وذهنيًا، وبالتالي هي من أخطر أسباب التلهي، إن لم تكن أخطرها. وأجمعت الاختبارات الميدانية على أن الحادث كي يحدث لا يحتاج أكثر من ثانيتين. 

على الرغم من كل هذا الكلام التوعوي، الذي يعتبره الناس "ثرثرة فوق السيارات"، خصوصًا أن كثيرين يبالغون في إظهار ثقتهم بأنفسهم وقدراتهم "القيادية"، تستمر الحوادث... ولات ساعة مندم.

تعذّر

على قاعدة كل ممنوع مرغوب، وكل إكراه مرفوض، أدخلت مدرسة السياقة التي تظهر في المقطع المصور التراسل النصي ضمن المقررات الاجبارية لتعلم فنون قيادة السيارات، على قاعدة "إن كنتم تودون الاستمرار في ذلك فأتقنوه".

لكن، ما إن صار الأمر إجباريًا حتى تعذر... لا بل استحال. فقد أجبر مدربو القيادة المتدربين على التراسل النصي في أثناء أدائهم الاختبار، ففشلوا جميعًا، علمًا أنهم كانوا يقودون في ميدان مخصص لتعليم القيادة، أي ليس في طرقات عامة، تعج بالسيارات والمارة وراكبي الدراجات. فهل من يتّعظ؟

ثمة شك كبير في ذلك. فاستسلام الانسان بكل حواسه لهذه التكنولوجيا الجديدة ستودي به إلى التهلكة... لا محالة.