يحبس المسلمون أنفاسهم تحسبًا لطريقة تعامل ترامب معهم ومع قضاياهم المصيرية، وبالنظر إلى تصريحاته ووعوده خلال الحملات الانتخابية، تبرز عدة نقاط تهم العرب والمسلمين، فما الذي سيتغير بالنسبة إليهم مع دخول ترامب إلى البيت الأبيض؟

إيلاف من القاهرة: عاد حظر دخول المسلمين إلى الأراضي الأميركية، أحد طروحات الرئيس المنتخب دونالد ترامب الأكثر إثارة للجدل، إلى الظهور مجددًا على موقعه الإلكتروني بعدما أزيل عنه لفترة.

وأوضح فريق ترامب لوسائل الإعلام، أن نص الاقتراح الذي نشر في ديسمبر إثر اعتداء سان برناردينو في كاليفورنيا، اختفى عن الموقع بسبب خلل فني، وكان ترامب قد دعا في بيان له في ديسمبر 2015 إلى "الوقف الكامل والتام لدخول المسلمين إلى الولايات المتحدة، إلى أن يتمكن مندوبو بلادنا من فهم ما يجري"، وأشار إلى "أن الهجمات المروعة التي يشنها أشخاص لا يؤمنون إلا بالجهاد لا يكنون أي احترام للحياة البشرية"، منددًا بـ"الكراهية" التي يكنها بنظره الكثير من المسلمين للأميركيين، وأثار تصريحه موجة عارمة من الانتقادات في الولايات المتحدة الأميركية وخارجها، لكن البعض يعتقد أنه من غير الوارد أن ينفذ ترامب هذه الوعود التي لا تعدو كونها سوى وعود انتخابية من الصعب الوفاء بها، والسؤال الذي يدور في أذهان أكثر من مليار ونصف نسمة من المسلمين حول العالم ماذا سيفعل ترامب مع المسلمين في الداخل والخارج ؟ وهل ستقف الدول الإسلامية صامتة حيال تنفيذ الرئيس الأميركي المنتخب ما وعد به، وماذا عن موقف الأزهر الشريف باعتباره أكبر مجمع سني يدافع عن المسلمين في العالم.

رد سريع 

وفي أول رد فعل على فوز دونالد ترامب برئاسة أميركا خلعت نساء مسلمات في واشنطن حجابهن خوفًا على أمنهن الشخصي، خاصةً مع انتشار حالة من "فوبيا" الإسلام بعد إعلان فوز دونالد ترامب بسباق الانتخابات الأميركية، والإبلاغ عن عدد من محاولات الاعتداء على بعض المسلمات، وفقًا لتقرير وسائل الإعلام، وغردت فتاة فلسطينية أخرى على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" محذرة غيرها من المسلمات أن يحاولن البقاء آمنين قدر الإمكان، بعد محاولة مؤيد لـ"ترامب" خلع حجابها أيضًا، وقالت فتاة أخرى إن ثلاثًا من صديقاتها المسلمات اللواتي لم ترهن يومًا بدون حجاب جاؤوا إلى مدرستهن اليوم بدون حجاب بسبب خوفهن الشديد، ونقلت إحداهن رسالة أمها لها على هاتفها الخاص طالبةً منها أن تخلع حجابها بعد فوز "ترامب"، على الرغم من كونها أكثر شخص متدين في عائلتهم ، وفي المقابل ظهرت بعض الدعوات المقاومة والصادمة من مسلمات معلنات عدم خوفهن من تولي "ترامب" الرئاسة مستمرات في ارتدائهن الحجاب.

غضب أزهري 

من جانبه قال مرصد الأزهر الشريف في أحدث تقاريره: "إن معاداة المسلمين في الولايات المتحدة في ارتفاع دائم منذ بداية الانتخابات الرئاسية الأميركية بسبب تصريحات المرشح الجمهوري دونالد ترامب، الذي صرح بنيته حظر دخول المسلمين، وتصريحه بضرورة غلق المساجد إثر عمليات إرهابية في عواصم مختلفة، وهو ما أدى إلى ارتفاع نسب الهجمات على المساجد في الولايات المتحدة؛ حيث كانت المساجد هدفًا في نصف العمليات التخريبية في البلاد منذ تلك التصريحات وحتى الآن".

وقدم المرصد تحليلًا اعتمد فيه على ما نشر حول مقتل إمام مسجد الفرقان "علاء الدين أكونجي" البالغ من العمر 55 عامًا ومساعده " ثراء الدين" البالغ من العمر 64 عامًا قد قتلا إثر إطلاق النار عليهما أثناء مغادرتهما المسجد عقب صلاة الظهر في إحدى ضواحي مقاطعة كوينز في نيويورك.

رسائل تهدئة 

وردًا على تخوف المسلمين من نجاح ترامب ، قال وليد فارس، مستشار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب: "إن تصريحات ترامب السابقة حول حظر دخول المسلمين للولايات المتحدة الأميركية كانت مغلوطة، إذ كان يعني أنه يريد حظر دخول الإخوان المسلمين لأميركا وليس جميع المسلمين".

وجاء تعليق فارس في حوار أجراه مع جريدة "الأهرام" المصرية، 

وقال: "إنه شرح الأمر بوضوح لكبار مسؤولي الدين في مصر"، متابعًا: "قابلت في زيارتي الأخيرة وزير الأوقاف المصري وشيخ الأزهر والبابا تواضروس لتوضيح مواقف ترامب، وهم يتفهمون ضرورة تحسين أميركا لضبط اختراقات الإرهابيين التكفيريين لحدودها".

موقف غامض 

من جانبه يرى الدكتور محمود فهمي، أستاذ العلاقات الدولية الجامعة الأميركية ، أن عودة نشر تصريحات ترامب بشأن منع المسلمين من دخول أميركا تؤكد غموض تعامل الرئيس المنتخب مستقبلًا مع المسلمين في داخل أميركا أو خارجها، خاصة وأن تصريحات ترامب لم تكن الأولى خلال الفترة الأخيرة، حيث أطلق قبل ذلك عدة تصريحات مشابهة تهاجم الجالية المسلمة هناك، مشيرًا إلى أنها تنبع من الفكر العنصري الواضح في شخصية ترامب.

وتوقع فهمي حدوث توترات في الجالية المسلمة في الولايات المتحدة خلال الأشهر القليلة المقبلة عقب تولي ترامب منصبه بشكل رسمي ، وسيكون وضعها متوترًا وتشوبه المواقف العدائية ضدها، وإن كان مستبعدًا منع دخول المسلمين الولايات المتحدة كما قال، حيث أن ذلك يخالف الدستور الأميركي، وجميع مؤسسات الدولة وعلى رأسها الكونغرس رفضت بشدة تلك التصريحات العدائية العنصرية .

وقال أستاذ العلاقات الدولية ﻟ"إيلاف": "إن الدول الإسلامية والمجمعات الفقهية الدينية وعلى رأسها الأزهر الشريف مطالبون بالتصدي لعنصرية الرئيس الأميركي المنتخب تجاه المسلمين، والوقوف ضد حرية العقيدة بالنسبة لجميع الأديان وليس المسلمين فقط، كما أن الدول العربية تمتلك السلاح الاقتصادي لحماية حقوق المسلمين من تجاوزات ترامب في حال استمراره في تنفيذها".

حماية المسلمين

في السياق ذاته قال الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر الشريف: "إن الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر أكد أكثر من مرة ، أن داعش لا يمثل الإسلام بل هم مجموعة من القتلة والمجرمين، وأن أغلبية ضحايا الهجمات الإرهابية حول العالم من المسلمين، وبالتالي فإن ربط الرئيس الأميركي العمليات الإرهابية بالمسلمين عامة ليس إنصافًا، ويعبر عن خطاب قام على التمييز والعنصرية، وهو الأمر الذي لا يجب أن يصدر عن رئيس أكبر دولة في العالم تدعي حماية الديمقراطية والحريات".

مشيرًا إلى أن الأزهر الشريف كان أول من ندد بتصريحات ترامب، خاصة أنها كانت سببًا مباشرًا في مقتل إمام مسجد أثناء مغادرته للمسجد عقب صلاة الظهر، في أحدى ضواحي مقاطعة كوينز في نيويورك، وطالب الأزهر الرئيس المنتخب بالكف عن التصريحات الاستفزازية تجاه المسلمين في الولايات المتحدة الأميركية ،حتى لا يكون هذا سببًا في سقوط ضحايا آخرين من المسلمين.

وقال وكيل الأزهر: "إنه يأمل أن تكون تصريحات ترامب تجاه المسلمين مجرد دعاية انتخابية فقط لكسب ود فئات أخرى ،بدليل تأكيده في الكلمة التي قالها بمناسبة فوزه أنه رئيس لكل الأميركيين ودعا لوحدة الصف الداخلي".

مشددًا على قيام الأزهر بحماية حقوق المسلمين في جميع بقاع الأرض من حيث حرية ممارسة العقيدة، ورفض العنصرية ضدهم، ولن يسمح شيخ الأزهر باعتباره إمام المسلمين باضطهاد أي مسلم في دول العالم.