إيلاف من بغداد: قال عضو مجلس النواب العراقي ووزير التخطيط السابق مهدي الحافظ إن تركيا ومعها بعض الدول العربية قدمت مساعدات لتنظيم داعش في العراق وتوقع أن ينتهي التنظيم الإرهابي في العراق وسورية قريباً لكن سيولد تنظيم مشابه له في التطرف. 

الحافظ اتهم، في حوار خاص مع "إيلاف"، الديمقراطيين في أميركا بتفاقم مشاكل العراق السياسية والاقتصادية والأمنية. وحمّل الحافظ، المختص بالاقتصاد، حكومة إقليم كرستان العراق أولاً سبب الازمة المالية بين الاقليم والحكومة المركزية في بغداد وفي مقدمها تأخر رواتب الموظفين في الاقليم منذ أشهر.

وهنا نص الحوار:

هناك حركة في مجلس النواب باتجاه محاسبة الفاسدين، هل هذا يبشر بتفعيل دور مجلس النواب؟

عندما جرى تأسيس جبهة الاصلاح، كان الهدف الرئيسي ذا شقين، الأول محاربة الطائفية وجعل المجلس مؤسسة وطنية وهذه كانت من الأسباب التي جعلت بعض الفئات تتحفظ على تشكيل جبهة الاصلاح، الشق الثاني كان مكافحة الفساد، لهذا السبب نجد ان جبهة الاصلاح لم تعد منسجمة مع الخط العام لبعض الكتل السياسية ولا سيما الحاكمة في الدولة، في تقديري ان استمرار هذه العملية يتطلب مزيداً من التلاحم والتنسيق مع بعض الكتل التي ترى أن هذه الأهداف ضرورية وعاجلة بالنسبة للبلد ككل.

يدور حديث عن ضرورة تدخل الحكومة والاتحادية والبرلمان العراقي في معالجة المشاكل المالية في اقليم كردستان، وهناك من يعول على مجلس النواب في معالجة هذه المشاكل، وهناك طروحات عديدة منها ان يكون قانون الموازنة على أساس المحافظات، هل تجد في هذا مخرجاً لمعالجة الأزمة المالية في اقليم كردستان؟

المطلب مشروع وأنا من المساندين لهذا المطلب، لأنه ليس ذنب شعب كردستان ان يدفع ثمن أخطاء غيره، المشكلة الأساسية تتعلق بادارة وضع الاقليم سواء من قبل الحكومة أو من قبل رئيس الاقليم، أما مجلس النواب العراقي فهو بكل تأكيد أمام سؤال مهم ويجب أن يبت به، أنا لست مقتنعًا بتحويل قضية المخصصات للاقليم على أساس المحافظات لسبب دستوري واحد وهو أن الاقليم له 17%، وينبغي أن يكون هو المسؤول عن كل ما يتعلق بموظفي اقليم كردستان، اما اذا جرى تحويلها فيجب تغيير المادة الدستورية المتعلقة باقليم كردستان، وانا أعتقد بأن هذا الأمر ليس سهلاً وليس هناك اتفاق واضح بين الجهات السياسية المختلفة لذلك أنا أرى أنه من الضروري أن يجرى التأكيد على مسؤول حكومة الاقليم عن تأخير الرواتب لموظفي اقليم كردستان.

الموظف في اقليم كردستان يستلم ربع راتب، وقرينه في الحكومة الاتحادية يستلم راتبه بشكل كامل، من يتحمل مسؤولية هذا الموضوع؟

أولاً حكومة اقليم كردستان، وثانياً الحكومة الاتحادية لأنها مسؤولة امام مواطني العراق ككل، سواء في كردستان أو المناطق الأخرى في العراق، لهذا السبب فإن مشاكل العراق الحالية، ولا سيما المشاكل الأمنية وموضوع تحرير الموصل والتعاون الجاري مع البيشمركة هذه أصبحت عقبات امام الحكومة الاتحادية لاتخاذ موقف صريح وسليم، والا المسوؤلية تبقى قائمة ولذا أنا أعتقد بأن التركيز يجب أن يكون على مسؤولية حكومة الاقليم في تأخر صرف رواتب الموظفين.

نحن نعلم بأن حكومة الاقليم مسؤولة قانونياً عن دفع رواتب الموظفين، لكنها تقول إنها عاجزة عن تأمين المبالغ الكافية لصرف رواتب الموظفين، أليس من واجب الحكومة الاتحادية ان تعالج هذا الموضوع؟

الحل أولاً بيد من يستلم المسؤولية في كردستان، وأضرب لك مثلاً الأخ نجم الدين كريم محافظ كركوك، ليرفع صوته ويعلن مسؤولية المحافظة إزاء الموارد النفطية من كركوك لأن هذه المسائل ليست بسيطة، ولماذا لا تذهب عوائد النفط المصدر من كركوك الى الحكومة الاتحادية، لماذا محافظ كركوك لا يطالب بدفع رواتب الموظفين هذه مسألة ليست بسيطة ولا بد ان تؤخذ بالاعتيار.

اقليم كردستان جزء من العراق والدستور العراقي هو الذي يسود ويحلل العلاقات، الا ترى أنه تقع مسؤولية دستورية على الحكومة الاتحادية بمعالجة موضوع الرواتب؟

أنا أفهم معاناة المواطنين في اقليم كردستان، وأنا أدعم هذه الطلب، وأنا سأكون أول الداعين الى تطبيق اجراءات سريعة لكن لا أعتقد بأن الحكومة الاتحادية في وضع تستطيع معه ان تتجاوز قيادة الاقليم لانهما دخلا في التزامات مشتركة في موضوع تحرير الموصل، فالحل ينبغي ان يأتي من كردستان ومن خلال المسؤولين في كردستان.

هل أن جميع المسائل مؤجلة الى ما بعد تحرير الموصل؟

تبدأ من هنا، وأي تزمت أو تراجع في هذه القضية فهو يساهم في تأجيل معالجة القضية.

عملية تحرير الموصل، ماهي قراءتك للأوضاع وكيف تسير هذه العملية؟

أعتقد حتى الآن الأمور تسير بشكل جيد، وأتمنى أن يستمر التقدم، والتعاون بين قوات البيشمركة والجيش مسألة ايجابية ويجب ان يستمر، لكن ينبغي التحذير من دور تركيا، لأن الدور التركي غامض وعليه شبهات كثيرة وارجو الا تلعب تركيا بالنار لأنها قد تساعد بعض الفئات في الداخل لعرقلة عملية تحرير الموصل.

هل تعتقد بأن تنظيم داعش الارهابي سينتهي بتحرير الموصل؟

اعتقد الى حدود كبيرة بأن دور داعش سينتهي في العراق، والى حد ما في سوريا، لكن من المحتمل أن يأتي جديد، لأن هذه المشكلة تتعلق بالوضع الاقليمي وهناك بعض الدول العربية كانت تساعد داعش وتركيا أيضاً كانت تساعد داعش فما زالت المسألة قائمة الآن وأرجو الا تتوفر أي امكانية لأي جهة ان تخرج عن الخط الوطني العام في العراق.

هل نحتاج الى مصالحة بعد تحرير الموصل؟

المصالحة ضرورية جداً، والمصالحة تبدأ من سياسة الدولة اذا التزمت الدولة بمبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين فهذه الخطوة حاسمة لانهاء الطائفية، واذا لم تلزم ويستمر العمل بتعيين من هم موالون للكتل الحاكمة فهذا سيؤدي الى مشاكل كبيرة.

كيف يمكن استقرار الوضع في العراق؟

بمجيء سلطة تحترم المجتمع وتثبت القيم الديمقراطية وتجري انتخابات سليمة وتعدل الدستور وتجري اصلاحًا اقتصاديًا واسعًا، هذه هي طريق المستقبل للعراق، وانا اعتقد بأن هذه الأمر أصبح ناضجاً بعد المآسي التي شهدها العراق خلال السنوات السابقة.

هناك حركة نشطة داخل مجلس النواب، هل تعتقد بأن هذا سيستمر؟

انا لا اقيم وزناً كبيراً على حركة المجلس. انا رأيي ان هذا يأتي ضمن الفكرة العامة لمكافحة الفساد في الدولة، لكن ليس بريئًا من التأثيرات الخاصة لبعض الكتل السياسية، وهذه صراعات سياسية وأنا اعتقد بأنه علينا ان نركز بالدرجة الأولى على خلق برلمان جديد مستقل فعلاً وملبٍّ للحاجات الوطنية وللناخبين العراقيين.

طبيعة المجتمع العراقي هي تداخل الدين بالسياسة والسياسة بالدين، الا ترى أن الطموح الذي تنظر اليه حول برلمان مستقل مسألة صعبة؟

لماذا لا، لو لم يعد دستور بهذه الطريقة وتشكل مفوضية انتخابات طائفية وتنحاز الى بعض الكتل لما حصل هذا الشيء، لماذا لا يعدل الدستور، لماذا لا تحل مفوضية الانتخابات، وتأتي مفوضية نزيهة حيادية من خلال القضاة والناس العاملين بالقضايا الشرعية، كما يجري في البلدان الاخرى. 

بالنسبة للعراق، والمكرس حاليا هو المحاصصة في جميع مفاصل الدولة، كيف يعالج هذا الموضوع؟

هذه مشكلة كبيرة، المحاصصة تحكم في كل مكان، مؤسسات الدولة كلها موزعة طائفياً، مجلس النواب موزع طائفياً، ومعالجة هذا الموضوع تتم بالعودة الى مؤسسات حكم نزيهه ومبنية على اساس تكافؤ الفرص والخبرة والاختصاص، واذا تشكل هذا فسنشعر بأن الدولة بدأت تسير في الطريق الصحيح، أما الآن فما زالت المشكلة عسيرة جداً لان الكتل الحاكمة كتل طائفية وهي تتحكم باتجاه الدولة. رئيس الوزراء حاول ان يشكل نوعاً من التغيير وشكل لجنة، انا كنت مكلفاً بأن أكون رئيساً لهذه اللجنة، وحاولنا ان نعد قائمة من المختصين، لكن للأسف الشديد في آخر لحظة صار هناك تراجع ولبيت مطالب الكتل السياسية وأوقف عمل اللجنة.

ما مدى تأثير الانتخابات الاميركية على العراق؟

انا اعتقد بأن التغيير الذي حصل كان متوقعاً، وأنا من الناس الذين يفكرون بأن الديمقراطيين في اميركا كانت مواقفهم غير سليمة لهذا تركوا مشاكل العراق تتفاقم، واداؤهم في العراق كان غير مرضٍ حيث دعموا فئة وتركوا فئة اخرى، وهناك سوريا واليمن وبلدان اخرى، والعراق لا يمكن ان يتقدم ما لم يكن هناك موقف دولي سليم، واميركا مطالبة بهذا الدور بالدرجة الاولى، والتغيير الذي حدث في الولايات المتحدة قد يفتح الطريق لمزيد من التحسن في الموقف الاميركي تجاه العراق.

يعني أنت تعوّل على ترامب؟

المسألة ليست مسألة ترامب أو هيلاري، المسألة هي وجه السياسة العامة، وجه السياسة العامة خلال فترة اوباما ومن قبله كلينتون، كانت تعتمد على فكرة الاحتواء، وهذه الفكرة كانت سيئة جداً لانها اخرت تحرير العراق ووفرت امكانية لصدام وغيره ان يستمر بالحكم، نحن الآن امام مهمة كبيرة وهي كيف يمكن تغيير الوضع في العراق باتجاه ايجابي، اذا اتت اميركا بموقف سليم وملبٍّ للحاجات الوطنية فالصورة تتغير بشكل كامل ليس فقط للعراق فحسب بل لجميع المناطق المتوترة في الشرق الاوسط، وانا لدي أمل قوي بأن الامور بدأت تتحرك.