بلقيس دارغوث: فور إعلان فوز دونالد ترامب بالرئاسة الأميركية، انصب علماء السياسة في أميركا على دراسة مجرى الحملة الانتخابية التي وصفت بالأشرس في تاريخ أميركا. ومن أحد أهم جوانب التحليل الذي يهدف لمعرفة أين أخطأ السياسيون والمحللون هو دراسة جدوى المستشارين السياسيين الذين يتقاصون الملايين من السياسيين لقاء نصائحهم.

"لا شيء أفضل من سياسي ثري وخائف"، مقولة أوردها خبير سياسي في كتابه ليلخص بها هذا القطاع الذي يستنزف ملايين الدولارات من السياسيين والمرشحين، بدورها قالت محررة الشؤون السياسية في مجلة "ذا اتلانتك” مولي بول إن جيب بوش أنفق 130 مليون دولار وحصل على 4 أصوات فقط من ترشيحات حزبه الجمهوري.

أما دونالد ترامب فلم ينفق أي شيء، ولم يوظف في حملته الانتخابية مستشارين سياسيين، بل لم يكن لأي من أعضاء حملته الحزبي أية خبرة طويلة في هذه الحملات، ولم يعمد إلى نشر دعايات تلفزيونية أو أي من السياسات التكتيكية التي يستخدمها المرشحون في الحملات، وها هو ينتصر اليوم بفوزه.

كارل رو و جورج دبليو بوش

 

فهل يعني أن هذا الإنفاق السياسي بلا فائدة؟

أشارت مولي في لقاء على قناة "بي بي اس" إلى أن سياسة دعم الحملات من خلال أموال المتبرعين أفضت إلى "بزنس" بقيمة 6 مليار دولار هذا العام وحده، فأين يهذب هذا المال وكيف تم انفاقه؟

صنع المستشارون لأنفسهم مكانة هامة في المشهد السياسي الأميركي بعد الانتخابات أمثال جايمس كارفل من حملة بيل كلينتون وكارل رو من حملة جورج دبليو بوش. واعتبرت مولي أن هذه ظاهرة معاصرة بدأت في تسعينات القرن الماضي عندما بدأت الصحافة السياسية تركز على الرجال ما وراء الكواليس.

تحول هؤلاء المستشارين إلى نجوم سياسيين، ونبع ذلك من ميل الجمهور للإيمان بأن هناك نابغة سياسية خلف الرئيس يملك مهارات سحرية للتحكم بالمرشح وتوجيهه نحو درب النجاح.

وقالت إن ما لوحظ في هذه الحملة هو نجاح التحركات على الأرض أكثر من الإعلانات المتلفزة، وهو امر اعتمدته حملة باراك اوباما بنشر مكاتب انتخابية في شتى أنحاء الدولة.

هل يهتم المستشارون حقاً؟

في مؤتمر لاتحاد المستشارين السياسيين في أميركا، تبين أنهم ينقمسون قطبياً بين المعسكرين الجمهوري والديمقراطي، وبالتالي يسعون للترويج إلى نجاح رؤية هذا الحزب حول عالم أفضل، لكنهم أيضا يفعلون ذلك للحصول على مال لا بأس فيه.

واعتبرت مولي إن ما ساعد ترامب على النجاح هو نجاحه شخصيا في عدم الظهور وكأن أحدا ما يتحكم بخطاباته وتصريحاته. بدا أصليا وحقيقيا رغم أن بعض تصريحاته كانت مهينة لفئات معينة من المجتمع. هذا العامل جذب الناخبين إليه، مقارنة بالمرشحين الذي يكتبون كل شيء وينظمون كل التفاصيل وينفذون الخطة التي يرسمها المستشارون بحذافيرها، فيبدون مصطنعين ومبرمجين ولا يخرجون عن النص بعكس ما أقدم عليه ترامب.