الرباط: استقرت نتيجة الاستطلاع الأخير الذي &أجرته "إيلاف المغرب" بخصوص قدرة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، على إعادة الدفء إلى العلاقات بين المغرب والولايات المتحدة، عند نسب مثيرة لتساؤلات وتأويلات مفتوحة.

وتابعت "إيلاف المغرب" حركية مؤشر &إجابات &المشاركين في هذا الاستطلاع الذي يندرج ضمن السياق الذي طبع الاستطلاعات السابقة أي محاولة التعرف وقياس ردود الفعل الأولى لشريحة من المغاربة، حيال حدث مهم يتصل ببلادهم داخليًا وخارجيًا.

واتخذت أجوبة متصفحي "إيلاف المغرب" اتجاهات &بدأت في التبلور منذ وضع السؤال في واجهة الموقع؛ حيث&ارتفعت نسبة الأجوبة المتفائلة بإمكانية استعادة الدفء في علاقات الرباط وواشنطن، خلال العهد الرئاسي المقبل، بل جاوزت النتيجة السبعين في المائة، لكن المؤشر الصاعد سرعان ما أخذ في التراجع بعد أربعة&أيام، حيث مالت الكفة إلى الاعتدال&ووقف معدل الأجوبة المتفائلة فوق الستين في المائة بقليل. وهو تطور طبيعي &نتيجة المواكبة الإعلامية لتداعيات انتخاب رئيس من خارج المؤسسة التقليدية في أميركا، ما ساهم في تكييف أجوبة المستطلعين.

ويبدو أن الحيرة التي &أصابت &شريحة من المغاربة وهم يضعون شارة على إحدى &الخانات الثلاث للاستطلاع، لا تختلف عن تلك التي أحس بها كثيرون في مختلف أنحاء العالم. تحمسوا في البداية وعبروا بنسبة فاقت السبعين في المائة عن تفاؤلهم في الإدارة&الأميركية الجديدة، موجهين بكيفية ضمنية اللوم إلى إدارة الرئيس باراك أوباما على اعتبار أن مغاربة كثيرين ، نخباً ومواطنين عاديين وطبقة سياسية، يعتقدون أن ساكن البيت الأبيض المنتهية ولايته، ربما أخل، من وجهة نظرهم / في وقت من الأوقات، بميزان العلاقات التاريخية بين &البلدين، وبدا لهم في فترات التأزم أن واشنطن تخلت عن حليفها الوفي في شمال أفريقيا وأبدت ميلاً نحو استبداله بقوة أخرى، أو في أحسن الأحوال، إعادة تقييم &العلاقات بين البلدين، لصالح جهات في منطقة المغرب العربي.

في هذا الصدد، يحتمل أن الشريحة التي&شاركت في استطلاع "إيلاف المغرب" استحضرت&المواقف القوية التي أعلنها الملك محمد السادس، في المدة الأخيرة، على خلفية الانزياح الدبلوماسي غير المبرر الذي &لمسه لدى الإدارة الأميركية، ما ألحق ضررًا معنويًا بالرباط وشكل عرقلة لجهودها الدبلوماسية نحو إيجاد حل لنزاع الصحراء .

يذكر أن هذا &الملف، ليس الوحيد الذي باعد المواقف بين المغرب والولايات المتحدة؛ ما جعل العاهل المغربي يربط موقف واشنطن المفاجئ، من دون أن يسميها، بنزعة جديدة&برزت بوادرها لدى القوة العظمى في العالم، تتمثل في العودة إلى&أزمنة الهيمنة وإرغام الشعوب على &قبول ما يتعارض مع مصالحها. وكان خطاب الملك محمد السادس في القمة الخليجية الأخيرة الدليل الساطع والقوي على رفض جماعي للهيمنة باختلاف أشكالها.&

وحيث إن أجواء التوتر قد هدأت بين الرباط وواشنطن، ومع الأمين العام للأمم المتحدة فيما بعد، مثلما &أن المغرب حقق اختراقًا في القارة الأفريقية&وخفف من حدة كبريائه الدبلوماسي، بقراره العودة إلى حضن الاتحاد الأفريقي &ونجاحه في التصدي &للشغب الدبلوماسي الذي لجأت اليه جبهة البوليساريو الانفصالية ومناصروها، لمنعه من استعادة مقعده في منظمة،&كان أحد مؤسسيها الأوائل. مقعد سرق منه في ظروف وملابسات فرضتها أجواء الحرب الباردة بين المعسكرين، خلال عقد السبعينيات من القرن الماضي.

رؤية براغماتية لمستقبل العلاقات

مؤشر الأجوبة المتفائلة أصابه تغيير&قبل إغلاق الاستطلاع، ليستقر عند النسب التالية: الموافقون&المتفائلون باستعادة دفء العلاقات&في عهد ترامب &58.33 في المائة، المتشككون المعارضون 8.33 في المائة ، الذين &لا موقف لهم 33.33 في المائة.&

الرقم الأخير المعبر عن الفئة الحائرة &التي لا تدري، هو مؤشر مهم &بحد ذاته على تحول في نظرة المغاربة إلى علاقات المستقبل التي يجب أن تحكم روابط بلادهم مع الخارج،&وكأنهم يدعون إلى تطبيق الحكمة القائلة" لا تفريط ولا إفراط" بمعنى أن المصالح المشتركة&وميزان القوى وامتلاك كل بلد لأوراق مؤثرة، تلك هي الأدوات التي تتحكم في علاقات بلد ما&مع الخارج وليست الرغبة الذاتية لهذا الرئيس أو ذاك.

والخلاصة أن نتيجة هذا الاستطلاع&&تتوافق مع ما تنشره وسائل الإعلام في الخارج من تقييمات متباينة للرئيس الأميركي المنتخب خاصة بعد أن توالت الإشارات المتناقضة الصادرة عنه. تارة يوحي أنه سيتصرف بعقلانية وبراغماتية، انسجامًا مع الأسس المرجعية للسياسة الأميركية ، وفي أحايين أخرى يلمح إلى أنه سيمسك العصا الغليظة&للضرب &بها في سائر الاتجاهات على معارضي سياساته، دون أن تتبلور لحد الآن &مساحة معتدلة هادئة، في محيط الرئيس الذي حملته الإرادة الشعبية إلى البيت الأبيض وسط ذهول العالم .

ولا ينفرد المغاربة بهذا الموقف الاستضاحي بل تتقاسمه شرائح الرأي العام في العديد من دول العالم وخاصة تلك التي لها ارتباطات مصلحة مع الولايات المتحدة، باعتبارها القوة النافذة في زمن العولمة .

في هذا السياق، تكون &المواقف المتخوفة المعبر عنها في عدد من الدول، متقاربة حد التماثل من مرتكزات السياسات&الداخلية والخارجية التي ستتبعها&الإدارة الأميركية الجديدة، والتي لم يظهر منها لغاية الوقت الراهن ما يطمئن ويهدئ الخواطر.

لننتظر لحظة استلام مقود السلطة من يد أوباما إيذانًا بعهد ترامب، ليشد العالم الأحزمة .