أنغيلا ميركل

أنغيلا ميركل، أول امرأة تتولى منصب المستشارة في تاريخ ألمانيا

دخلت أنغيلا ميركل، واسمها أنغيلا دوروثيا كاسنر، عالم السياسة عام 1989، بعد سقوط جدار برلين، الذي كان يفصل بين ألمانيا الغربية، التي ولدت فيها عام 1954، وألمانيا الشرقية التي نشأت فيها وقضت فيها كل حياتها إلى أن توحدت البلاد.

وارتقت أنغيلا ميركل في المسؤوليات السياسية لتصل إلى منصب زعيمة الحزب الديمقراطي المسيحي، ثم تصبح عام 2005، أول امرأة تتولى منصب المستشارة الألمانية.

وانتقلت أنغيلا من همبورغ بألمانيا الغربية سابقا إلى منطقة ريفية بمدينة برلين في ألمانيا الشرقية، مع والدها القس، من أجل أن يكمل هو دراسته الدينية في مدراس الطائفة اللوثرية.

ودرست أنغيلا الفيزياء في جامعة ليبزيغ، وحصلت على شهادة الدكتوراه عام 1978، وعملت خبيرة في الكيمياء بالمعهد المركزي للكيمياء الفيزيائية، التابع لكلية العلوم من 1978 إلى 1990.

وتتقن العالمة الفيزيائية المتميزة ميركل اللغة الروسية أيضا.

واحتفظت أنغيلا ميركل بلقب زوجها الأول، أولريخ ميركل، الذي انفصلت عنه عام 1981، وهي متزوجة حاليا من جواكيم ساور، الذي يهوى الطبيعة ويحب عمله، ونادرا من يضجر أو يشتكي، بحسب ما ذكرته زوجته.

وتشترك أنغيلا مع زوجها في هوايتها الوحيدة وهي الشعر الغنائي، كما أنها حاذقة في الطبخ، وشغوفة بمشاهدة مباريات كرة القدم، وقد بثت لها صور، وهي تقفز فرحا، عندما يسجل المنتخب الألماني هدفا أو يحرز لقبا، وترى أن كرة القدم جديرة بتسويق صورة ألمانيا في العالم.

وتحضر أنغيلا ميركل بانتظام مهرجانات الشعر الغنائي في ألمانيا وخارجها، برفقة زوجها، الذي تلقبه الصحافة في ألمانيا والنمسا، بالشبح، لأنه قليل الظهور، كما يعرف بالتقشف في حياته ويصرف جل وقته في البحث العلمي.

وتقول ميركل في تصريحاتها القليلة بشأن حياتها الخاصة إنها عاشت طفولة سعيدة مع أخيها ماركوس وأختها إيرين، وإنها اختارت دراسة الفيزياء لأن الحكومة الشيوعية في ألمانيا الشرقية وقتها، كانت تتدخل في كل شيء باستثناء "قوانين الطبيعة".

دخول السياسة

وفور سقوط جدار برلين عام 1989 انضمت أنغيلا ميركل إلى الحزب المسيحي الديمقراطي، وعينت في حكومة هلموت كول وزيرة للمرأة والشباب، ثم وزيرة للبيئة والسلامة النووية.

وبعد هزيمة هلموت كول في الانتخابات البرلمانية، عينت ميركل أمينة عامة للحزب، ثم زعيمة للحزب عام 2000، ولكنها خسرت المنافسة لتولي منصب المستشار، أمام إدموند ستويبر عام 2002.

أنغيلا ميركل

ميركل يوم تعيينها مستشارة لألمانيا عام 2005

وفي انتخابات عام 2005، فازت ميركل بفارق ضئيل على المستشار، غيرهارت شرويدر، وبعد التحالف بين "المسيحي الديمقراطي" و"الاجتماعي الديمقراطي"، عينت ميركل أول مستشارة في تاريخ ألمانيا، وهي أيضا أول مواطنة من ألمانيا الشرقية تقود البلاد بعد الوحدة.

وأعيد انتخابها لفترة ثانية عام 2009، ثم لفترة ثالثة عام 2013.

وكانت أنغيلا ميركل منذ توليها منصب المستشارة الألمانية محط أنظار وسائل الإعلام العالمية، بسبب شخصيتها المتميزة ومنصبها الكبير في الساحة الدولية.

المرأة الحديدية

وأطلقت عليها الصحف والمجلات العديد من الألقاب منها بينها السيدة الحديدية، لمواقفها الصارمة ومنهجها العلمي الجاف مقارنة بالعمل السياسي التقليدي، كما يطلق عليها الألمان لقب "الأم"، لما يجدون فيها ربما من عاطفة وتفاعل مع حاجياتهم الاجتماعية.

أنغيلا ميركل، باراك أوباما

أنغيلا ميركل في حديث مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما

وصنفتها مجلة فوربس الأمريكية أقوى امرأة في العالم نظرا لبقائها في الحكم مدة طويلة ولنجاحها الاقتصادي الباهر وصمود ألمانيا أمام الأزمة الاقتصادية العالمية، التي أصابت أغلب دول أوروبا بالركود، وكادت أن تودي بأخرى إلى الإفلاس.

وفاجأت المستشارة الألمانية العالم عندما فتحت حدود بلادها لجميع اللاجئين عندما اشتدت أزمة المهاجرين الهاربين من الحروب والمجاعة نحو أوروبا، ومقتل الآلاف منهم في البحر الأبيض المتوسط.

وواجهت أنغيلا ميركل معارضة كبيرة في بلادها بعد دخول أكثر من مليون لاجئ ومهاجر إلى ألمانيا، وتراجعت شعبيتها في الانتخابات، لكنها تمسك بموقفها من اللاجئين، وكان يتوقع أن تفوز بجائزة نوبل للسلام.

ولكن صورة ميركل مختلفة في دول مثل اليونان وإسبانيا وإيطاليا، إذ تصفها وسائل الإعلام هناك بالشدة والتجبر، لأنها فرضت، من خلال الاتحاد الأوروبي، على هذه الدول إجراءات تقشف وصارمة مالية، عانت منها طبقات اجتماعية واسعة.

تجسس أمريكي

وتصدرت ميركل عناوين الصحف العالمية في 2013، عندما اتهمت أجهزة المخابرات الأمريكية بالتنصت على مكالماتها الهاتفية، وقالت في مؤتمر لقادة الدول الأوروبية "إن التجسس بين الأصدقاء أمر غير مقبول".

وأفادت تقارير لاحقة أن وكالات الاستخبارات الأمريكية قد تكون تراقب ميركل منذ 2002.

وتعرف أنغيلا ميركل في محيط عملها بأنها قليلة الكلام، ولكنها تمطر مساعديها والمسؤولين في حكومتها بالرسائل النصية، إذ كثيرا ما لوحظت وهي عاكفة على هاتفها، أثناء المؤتمرات واللقاءات الدولية، فهي امرأة شغوفة بالتكنولوجيا المتطورة، ونشطة على مواقع التواصل الاجتماعي.

وتسعى أنغيلا ميركل للفوز بمنصب المستشار للمرة الرابعة، في ظروف دولية مثيرة أهمها انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة.