إيلاف من الرياض: أكد مختصون في القانون أن نشر مدونات الأحكام القضائية من شأنه أن يعزز الوعي المجتمعي بالجوانب القانونية بالسعودية، حيث إنه يولد الرضا والقناعة بالأحكام القضائية الصادرة، ويعكس سلامة تطبيق المحاكم للقانون، فضلًا عن أن المدونات القضائية ستساعد على معرفة الواقع الاجتماعي من خلال رصد ما يتم من محاكمات، وهو ما يسهل دراسة المجتمع وخصائصه من خلال طبيعة القضايا المرفوعة.

ويقصد بمدونات الأحكام القضائية، الكتب و المجلدات التي تصدرها وزارة العدل السعودية، والمتضمنة تفصيلات الأحكام النهائية للقضايا المرفوعة في المحاكم على اختلاف درجاتها، حيث أصدرت وزارة العدل حتى هذا العام ثلاثة إصدارات للمدونات في كل إصدار ما لا يقل عن 60 قضية، فضلا عن مجموعة أحكام قضائية مكونة من 30 مجلدا مشتملةً على أكثر من 1200 حكم، وهي مدونات متاحة ورقيًا والكترونيًا.

ويراعى في الأحكام استبعاد أسماء الأشخاص الأطراف في الدعوى، سواء كانوا مدعين أو مدعى عليهم، او شهودا او وكلاء، فيما تتميز هذه المدونات بسرد تفاصيل القضية، ابتداء بديباجة الحكم المتضمنة بيانات المحكمة وتوصيفات أطراف الدعوى، مرورا بالوقائع وهي الأحداث والطلبات وما دار في الجلسات، وصولا للحيثيات وهي النصوص القانونية التي يرى فيها القاضي تبريراً لمنطوق ما سيحكم به، وانتهاء بالمنطوق، وهو نص الحكم النهائي.

الثقافة القانونية

وقال المحامي علي السويدي إن نشر الأحكام القضائية يساهم في مستوى الثقافة القانونية عبر معرفة السوابق والمبادئ التي تقوم عليها الأحكام القضائية في الحالات المتشابهة، مشيرًا في حديثه لـ"إيلاف" ان هذا يؤدي إلى توقع المتقاضين لأحكام القضاء لبناء عقودهم وتصرفاتهم المستقبلية، ما قد يؤدي إلى اللجوء للصلح كخيار لتسوية النزاع، مضيفًا أن تدوين الوقائع القضائية يسهم في إثراء الاجتهاد القانوني من خلال القضايا المستجدة التي تحتاج إلى بيان الحكم المناسب ما يثري القضاء باجتهادات يتطلبها الواقع المعاصر.

وأوضح السويدي انه تثور بين الفينة الأخرى شكوك حول مدى شرعية نشر الأحكام بالاستناد إلى مبررات من ضمنها أن منطوقات الحكم من حق طرفي القضية فقط، أو أن النشر يأخذ طبيعية تشهيرية بحسب وصفهم، حيث أشار السويدي إلى أن المبرر الثاني غير منطقي، لاسيما أن ما ينشر يتم بعد استبعاد الأسماء كليًا، أما المبرر الأول فانه يتعارض مع المبدأ القائل لا يعذر أحد بجهله القانون، فكيف السبيل إلى العلم بهذا القانون، إذا لم يتم نشره، وبالتالي هذا ليس ترفا فكريا وإنما ضرورة.

الواقع الاجتماعي

من جهته، قال الباحث القانوني عصام كردواي إن المدونات القضائية تُسهم في معرفة الواقع الاجتماعي من خلال رصد ما تم نشره من احكام، بحيث يمكن دراسة المجتمع وخصائصه من خلال طبيعة القضايا الشائعة، مشيرا في حديثه لـ"ايلاف"إلى أن نشر المدونات القضائية يساعد أيضا بشكل كبير في تعزيز الاستثمار، حيث يكون المستثمر على تصور تام لما استقر عليه القضاء السعودي بشكل عام والقضاء التجاري بشكل خاص، وعليه، فإن المدونات ممارسة علمية تفتح الأفق للتطوير ومواكبة الواقع.

وقال كردواي إن نشر أحكام القضاء يعكس سلامة تطبيق المحاكم للقانون، بل إن كثيراً من دول العالم تعتبر نشر الأحكام معياراً يبين مدى ثقة المحاكم في ما تصدره من أحكام، فضلا عن حرصها على توضيح كيفية تطبيق القانون، مؤكدًا أن المدونات تُساعد المحامين في أداء عملهم وتقديم المشورة لطالبيها والمرافعات بشكل أكثر دقة، ما يساعد القضاة على الفصل في النزاعات بشكل أسهل وأدق لوضوح طلبات ودفوع المتخاصمين.

تجدر الإشارة، إلى أن غالبية أحكام القضاء السعودي تصدر طبقا للمذهب الحنبلي، إلا في حالة إذا وجد القضاة في مسألة من مسائله مشقة ومخالفة لمصلحة العموم، فانه يجري النظر والبحث فيها من باقي المذاهب وبما تقتضيه المصلحة، هذا وتنقسم محاكم القضاء السعودي إلى ثلاثة أنواع على قمتها المحكمة العليا وتتوسطها محاكم الاستئناف، ثم تأتي محاكم الدرجة الأولى والتي تتنوع الى محاكـم عامة ومحاكم جـزائية ومحاكم الأحوال الشخصية ومحاكم تجارية محاكم عمـالية.