قاعدة القيارة الجوية: يتجه الطيار في الجيش العراقي حسام جاسم بمروحيته يسارا تزامنا مع اطلاق مروحية "مي 35" روسية الصنع تحلق الى جانبه، صاروخا على هدف لتنظيم الدولة الاسلامية.

بعيد ذلك، ظهر وميض انفجار في قرية صحراوية وتصاعدت أعمدة ضخمة من الرمال والغبار في السماء، فرفع جاسم ابهامه في اشارة الى النجاح.

وقال لاحقا، عند خروجه من قمرة القيادة في قاعدة القيارة (نحو 50 كلم جنوب الموصل) "لقد كانت شاحنة صغيرة مزودة بمدفع رشاش ثقيل"، مشيرا الى انه "كان هناك نحو عشرة مقاتلين".

ميدانيا، تقاتل القوات العراقية لاستعادة السيطرة على الموصل، فتشدد الخناق على آخر معاقل "الجهاديين" في البلاد، وتخوص معارك شوارع في الأحياء السكنية.

في الوقت نفسه، تلقى تلك القوات دعما جويا من خلال مجموعة من الطائرات.

وتسيطر على الأجواء المقاتلات الحربية والطائرات من دون طيار والمروحيات التابعة للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

لكن، في ظل تلك الاسراب، يلعب الطيران العراقي دوره، فيشن غارات بموارده المحدودة جدا لدعم قواته البرية.

ينظر الطيار غولان سليم الى عشرات المروحيات- من طراز "مي 28" و"مي 35" الروسية، و"بيل" الأميركية الاستطلاعية المسلحة، و"يوروكوبتر إي سي 635 أس"- المنتشرة في قاعدة القيارة الجوية.

وبحسب وزارة الدفاع العراقية فإن "هناك ما لا يقل عن ستين إلى سبعين طلعة للمروحيات، كل طلعة بمروحيتين". 

يقول سليم إنه حلق صباح ذلك اليوم في مهمة للقضاء على مقاتلين جهاديين.

ويضيف "لقد اصبنا كل الاهداف. قضينا عليهم".

يشير سليم الى انه اضطر قبل يوم للمراوغة عندما واجه نيران مضادات ارضية.

ومع ذلك، وبمعزل عن زعمه إسقاط طائرة أميركية من دون طيار خلال الايام الماضية، لا يزال تنظيم الدولة الإسلامية غير قادر على تهديد القوة الجوية بشكل خطير، إلا انه يضع عقبات أخرى.

فما زالت سحب الدخان الاسود العملاقة تتصاعد من آبار النفط التي أشعلها الجهاديون في أغسطس لتغطية انسحابهم من المنطقة التي طردوا منها.

يقول سليم "الامر صعب جدا. في احدى المرات لم اتمكن من الإقلاع. من المهم جدا إخماد الحريق".

-دروع بشرية-

تتقيد الحملة الجوية أيضا بالأعداد الكبيرة من المدنيين الذين ما زالوا متواجدين في أحياء داخل الموصل ومحيطها تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية.

وأشارت الأمم المتحدة إلى أن الجهاديين أجبروا آلافا من السكان على التراجع معهم مستخدمين إياهم كدروع بشرية.

يذكر ان الاجتياح الاميركي دمر القدرات الجوية العراقية العام 2003، وأعيد بناؤها من الصفر منذ ذلك الحين بعدد كبير من الطيارين الذين تلقوا تدريبات في الولايات المتحدة.

فخر القوة الجوية العراقية هي طائرات "أف 16" الاميركية التي قصفت أهدافا للجهاديين في محيط الموصل.

إلا أن هذه القوة تفتقر إلى أسلحة دقيقة.

فخلال حملتها ضد التنظيم الجهادي، اتهمت السلطات العراقية في وقت سابق باستخدام براميل متفجرة بشكل عشوائي، كما قتلت قوات التحالف الدولي مدنيين أيضا.

لكن طياري الجيش يؤكدون أنهم يبذلون كل ما في وسعهم لتجنب سقوط ضحايا من المدنيين. وفي أي حال، فانهم يستهدفون حاليا مناطق صحراوية ذات كثافة سكانية متدنية خارج المدينة.

يقول الرائد مثنى حنون إن "ذلك يضع قيودا على عملياتنا".

من ناحية تقسيم العمل، يقول الطيارون إنه يمكنهم عادة التعامل مع معظم الأهداف.

لكن في حالة الأهداف الكبيرة أو عندما يكون هناك تهديد على الأرض يستدعي قصفا من مسافة بعيدة، فعندها يلجأون إلى التحالف.

يقول حنون "إذا لم نكن نمتلك القدرات للتعامل مع الأمر، فيتم استدعاء التحالف".

بالنسبة إلى القوات البرية، فإن الدعم الذي يقدمه الطيران العراقي يعتبر حيويا في مواجهة عدو تتضمن ترسانته سيارات مفخخة.

يجلس الفريق أول محي الدين جواد في مقصورة داخل المطار تستخدم كمركز تنسيق بين قواته من الشرطة الاتحادية التي تتقدم ببطء جنوب الموصل والدعم الجوي.

أصوات الطيارين الآتية من الجهاز الذي يتم عبره الإبلاغ عن التقدم المحرز في المهمات والأوضاع القائمة تعتبر أساسية.

يقول جواد "نعتمد 50 في المئة على طيران الجيش، و50 في المئة على القوات المتواجدة على الأرض".

ويضيف "الرجال على الجبهة لديهم الاسلحة المطلوبة، لكن الأمر سيكون أسرع بمشاركة الطيران".