إيلاف من برلين: تطورت كثيرأ بالتأكيد هندسة بناء الواجهات الزجاجية للبنايات الكبيرة في الفترة الأخيرة، وخصوصاً في البلدان الحارة مثل دول الخليج العربي، فظهر الزجاج الذي يحجب أشعة الشمس فوق الحمراء، والزجاج الرادع للضجيج، والزجاج العازل حرارياً. لكن العلماء الألمان يودون استخدام غلالة زجاجية مائية تكفي هندسة البناء مشكلة التدفئة والتبريد.

يقول العلماء الألمان من جامعة ينا الألمانية (شرق) انهم طوروا طريقة لتغليف الزجاج ستضع أنظمة التكييف المركزية على الرف.

وصمم العلماء زجاج ذكي يحتوي داخله على أنابيب دقيقة ينتشر فيها سائل معين، وتعمل من خلال تغيير درجة حرارة الماء على تدفئة أو تبريد المبنى حسب الطلب.

وقال لوثار فوندراتشيك، المتخصص بكيمياء الزجاج من جامعة فريدريش شيللر في مدينة ينا، إن85% من الطاقة المستهلكة في البنايات ذات الواجهات المغلفة بالزجاج تستخدم في التدفئة والتبريد، وهذا يعني ان الزجاج الذكي الجديد سيقتصد بكل هذه الطاقة. وأضاف ان مشكلة تبريد القاعات الكبيرة في هذه البنايات ما زالت عالقة، وتستهلك الكثير من الطاقة في البلدان الحارة.

لوح زجاجي يظهر الأنابيب داخله

تبحث هندسة البناء بالواجهات الزجاجية عن حل لهذه المشكلة، ويفكر الكثيرون في ابتكار استخدام ألواح الخلايا الضوئية في الواجهات، لكن كافة الأخيرة عالية.

وطرح مهندسون آخرون فكرة"البنايات المزروعة" لتبريد دواخل الغرف والقاعات، إلا أن استخدام الزجاج ذي الأنابيب الدقيقة يمكن أن يمتلك المستقبل، بحسب فوندراتشيك.

غلالة بسمك الزجاج الاعتيادي

وتحدث فوندراتشيك عن ابتكار طبقة من زجاج رقيق تحتوي داخلها على أنابيب تنهض بمهمة التكييف في البنايات الزجاجية.

وميزة هذه الطريقة انها تصلح للمباني الجديدة كما تصلح للعمارات المبنية سلفاً عن طريق لصقها على الواجهات الزجاجية.

ويمكن إنتاج نوع خاص منها للمناطق الحارة أو نوع خاص بالأماكن الباردة.

ولايمكن التعرف بسهولة على هذه الأنابيب داخل الغلالة الزجاجية بسبب دقتها، كما استخدم علماء جامعة ينا سائلاً شفافاً يحفظ الطاقة، يشكل الماء معظمه، ولا يتغير لونه بتغيّر درجة حرارته.

وتم إنتاج هذه الغلالة الزجاجية بأحجام مختلفة تتيح لصقها على النوافذ، وعلى الواجهات، أو بناء الواجهات الزجاجية الجديدة منها.

لا يزيد قطر الأنابيب عن مليمتر واحد عند التدقيق فيها وتترتب بشكل متوازٍ داخل الواح الزجاج. ويمكن، حسب الطلب، جعله يأخذ اللون الذي يفضله صاحب المبنى، أو تزويده بتقنية لتغيير لونه بالحرارة.

فوندراتشيك وزميله وهما يحاكيان طريقة عمل الزجاج على الكومبيوتر - صورة لجامعة "ينا" الألمانية

وفسر فوندراتشيك مبدأ عمل الأنابيب بالقول إنها تمتص حرارة الشمس الساقطة عليها في الصيف وتعكسها إلى الخارج، وهذا يبعث البرودة منها إلى داخل الغرف عند التبريد. وفي الشتاء يمتص السائل البرودة في جو الغرف ويعكسها إلى الخارج مبقياً على درجة حرارة مناسبة فيها.

ويمكن عند درجات البرودة العالية استخدام خزان لتدفئة السائل فيه وضخه إلى شبكة الأنابيب داخل الزجاج.

فاعلية خاصة في القاعات الكبيرة

وذكر فوندراتشيك ان التجارب المختبرية على ألواح الأنابيب الزجاجية أثبتت فاعلية سريعة في التبريد والتدفئة.

ونجحت الألواح خلال دقائق على تكييف الغرف. اتضح أيضاً أن الطريقة مناسبة جداً لتكييف القاعات الكبيرة أيضاً وخلال وقت قصير. الجميل فيها أيضاً انها تسمح بلصقها على بعض لزيادة قدرتها على التكييف، دون أن تفقد شفافيتها.

وسيجري خلال أسابيع تغلف بنايات جديدة، ذات واجهات زجاجية، في مدينتي ينا وفايمار الألمانيتين. وبعدها، ستبنى واجهات بنايات عالية في بعض المدن الاسكندنافية حيث درجات الحرارة المنخفضة جداً في الشتاء، ومن ثم في بعض مدن أسبانيا وجنوب أوربا حيث الشمس الحارقة في الصيف.

وفضلاً عن جامعة ينا، يشارك في تجربة الزجاج الجديد على واجهات البنايات كونسرتوم من عدة شركات بناء ألمانية. وجاء في التقرير، الذي نشر في مجلة"المواد المتقدمة"، ان المشروع تلقى دعم وزارة الصناعة الألمانية ودعم الاتحاد الأوروبي (5,9 ملايين يورو).

زجاج رادع للضجيج وآخر يبتلعه

قبل ذلك توصل العلماء الألمان إلى انتاج نوافذ منيعة على الضجيج يمكن أن تساعد في تقليل ضحايا أمراض الضجيج الذين قدرت الأمم المتحدة عددهم بنحو 200 ألف في السنة على المستوى العالمي. وكانت دائرة البيئة الألمانية قد قدرت ضحايا الألمان من الضجيج بنحو 2000 سنوياً.

وذكر علماء معهد فراونهوفر الألماني لأبحاث المواد في دارمشتادت (جنوب)، انهم نجحوا في انتاج نوافذ تقلل الضجيج، القادم إليها بتردد50-100 هيرتز، بمقدار 6 ديسبل كل مرة. علما أن الديسبل هي وحدة قياس صوت الضجيج ويحدد الاتحاد الأوروبي قوة الضجيج غير الضارة بالإنسان بـ85 ديسبل. وأشار ثيلو باين، رئيس قسم الطاقة والصحة، الى أن نافذة المزودة بهذا الزجاج استطاعت خفض بعض الأصوات العالية المنفردة بمقدار 15 ديسبل وجعلته ضمن الحدود المسموح بها. ويتوقع العلماء مستقبلاً أن ينجحوا بجعل النافذة قادرة على خفض الضجيج من تردد1000 هيترز بمقدار 10 ديسبل كمعدل.
وعلى نفس "الضجيج" يعمل علماء معهد ماكس بلانك الألماني من مدينة لايبزج (شرق) منذ عدة سنوات.

ويتفق المشروعان من ناحية الهدف، أي خفض الضجيج، إلا أن علماء معهد فراونهوفر يركزون على طريقة معادلة الضجيج، في حين يركز علماء ماكس-بلانك على تطوير كريستال ملتهم للضجيج. ويطلق العلماء على الكريستال الخاص اسم الفوتونوكريستال بالعلاقة مع الفوتونات التي تعتبر أصغر وحدات الصوت المتنقل بالترددات. وذكر علماء ماكس–بلانك أن الكريستال الجديد يمنع دخول ضجيج الآلات والمكائن لكنه يسمح بدخول الأصوات اللطيفة مثل تغريد الطيور.