الرباط: تكللت زيارة الدولة التي قام بها العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى مدغشقر على رأس وفد رفيع المستوى ما بين 19 و 30 نوفمبر 2016، بتوقيع 22 اتفاقية تعاون بين البلدين، بينها 12 اتفاقية بين القطاعات الحكومية و10 اتفاقيات بين مؤسسات القطاع الخاص. وتعلقت هذه الاتفاقيات بمجالات التعاون السياسي والفلاحي والصيد البحري والطاقة واللوجيستيك والضرائب والبيئة والماء والمعادن والتكوين والسياحة والوظيفة العمومية والمصارف والتأمين.

وأكد قائدي البلدين، الملك محمد السادس والرئيس الملغاشي هيري راجاوناريمامبيانينا، في بيان مشترك بمناسبة انتهاء الزيارة الملكية، على "ضرورة تعزيز الحوار السياسي بين البلدين قصد إعطاء دينامية جديدة للعلاقات الثنائية. وفي هذا الإطار تم إرساء مشاورات سياسية منتظمة بين البلدين حول القضايا الثنائية والاقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك". وأضاف البيان أن البلدين قررا "تعزيز تشاورهما وتنسيق جهودهما على كافة المستويات وحول مختلف القضايا الاقليمية والقارية ذات الاهتمام المشترك". وأشار إلى أن قائدي البلدان "عهدا إلى وزيري الشؤون الخارجية بالبلدين بعقد اجتماع للجنة مختلطة يحدد تاريخ ومكان انعقاده باتفاق مشترك".

وجاءت زيارة العاهل المغربي إلى مدغشقر في سياق جولة إفريقية غير مسبوقة، انطلقت في 19 أكتوبر الماضي وشملت حتى الآن رواندا وتانزانيا والسنغال وإثيوبيا ومدغشقر، وستتواصل قريبا إلى نيجيريا وزامبيا. في حين يجري الحديث عن ارجاء زيارة كينيا الى وقت لاحق .

وشكلت مدغشقر محطة جد متميزة في إطار هذه الجولة اعتبارا لحمولتها الرمزية التاريخية بارتباط مع كفاح جد العاهل المغربي ووالده من أجل استقلال المغرب من نير الاستعمار الفرنسي، حيث أقام محمد الخامس وأسرته في هذه الجزيرة خلال نفيه من طرف السلطات الاستعمارية لمدة سنتين ما بين 1954 و1955.

وأشار البيان المشترك إلى هذا الجانب المتميز من زيارة العاهل المغربي لمدغشقر بالقول " تمثل مدغشقر حمولة تاريخية ورمزية قوية بالنسبة للأسرة الملكية والذاكرة الجماعية للشعب المغربي، لارتباطها بشكل وثيق بالنضال من أجل التحرير الذي خاضه جلالة المغفور له الملك محمد الخامس. وقد شكلت الزيارة الملكية، معززة بهذا الرصيد التاريخي الاستثنائي، مناسبة لتجسيد الإرادة المشتركة من أجل بناء شراكة حقيقية ، عملية ومهيكلة ومربحة للطرفين".

كما أشار البيان إلى زيارة العاهل المغربي لمدينة أنتسيرابي، التي كانت المنفى القسري للأسرة الملكية، والتي أطلق فيها العاهل المغربي عدة مشاريع اجتماعية لصالح السكان، خاصة أشغال بناء مستشفى للأم والطفل ومركز للتكوين المهني، بتمويل من مؤسسة محمد السادس للتنمية المستدامة. كما زار العاهل المغربي فندق "لي تيرم"، حيث كانت تقيم العائلة الملكية خلال منفاها القسري، وأزاح الستار عن اللوحة التذكارية لمسجد محمد الخامس، والذي كان جده يؤم فيه المصلين خلال مقامه بمدينة أنتسيرابي.

وعلى هامش الزيارة الملكية عرفت العاصمة الملغاشية أنتاناناريفو تنظيم ملتقى اقتصادي بين رجال الأعمال المغاربة والملغاشيين وشركات البلدين من القطاع الخاص والعام، وتوقيع اتفاقيات تعاون بحضور قائدا البلدين. واشار البيان المشترك إلى تأكيد العاهل المغربي والرئيس الملغاشي، في هذا الصدد، على "أهمية دور القطاعين الخاص الملغاشي والمغربي في هذه الدينامية الجديدة للتعاون، بالنظر إلى المؤهلات الاقتصادية التي يزخر بها البلدان". ودعا قائدا البلدين في هذا الصدد الفاعلين الاقتصاديين والمستثمرين بالبلدين إلى اغتنام الفرص المتاحة على الصعيد الاقتصادي.

وبخصوص قضية الصحراء، أشار البيان إلى أن الرئيس الملغاشي هيري راجاوناريمامبيانينا أعرب "عن دعم مدغشقر للبحث عن تسوية نهائية من أجل وضع حد لهذا النزاع الإقليمي. وأشاد بالجهود الجادة وذات المصداقية التي يبذلها المغرب لهذا الغرض". كما أشار إلى ترحيب الرئيس الملغاشي "بقرار المغرب استعادة مكانه الطبيعي والمشروع داخل الاتحاد الإفريقي. وجدد التأكيد على دعم جمهورية مدغشقر والتزامها الراسخ بالعمل على أن تكون هذه العودة فعلية ابتداء من القمة المقبلة للمنظمة الإفريقية". و "أشاد الرئيس هيري راجاوناريمامبيانينا بجهود المغرب في مجال الوقاية من انتشار التشدد والتطرف العنيف. كما عبر عن تقديره للتعاون القائم بين المغرب وبلدان منطقة الساحل والصحراء في هذا المجال، معربا عن أمله في تطوير هذا التعاون قصد محاربة أكثر فعالية للإرهاب وأسبابه العميقة.

من جهته ، أشاد العاهل المغربي، في البيان المشترك، "بريادة الرئيس هيري راجاوناريمامبيانينا الذي وضع جمهورية مدغشقر على طريق الاستقرار وأكد له التزام المغرب بمواكبة هذا البلد الشقيق في جهوده في تعزيز البناء الديمقراطي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، بغية القضاء على الفقر عبر إرساء شراكة قوية ودينامية تحت شعار التعاون جنوب-جنوب". كما ثمن "الدور المحوري الذي تضطلع به جمهورية مدغشقر داخل لجنة المحيط الهندي وفي المجموعة الاقتصادية لبلدان إفريقيا الجنوبية، والسوق المشتركة لبلدان جنوب وشرق إفريقيا، خاصة نجاحها في تنظيم الدورة ال19 لملتقى هذه السوق، علاوة على التزامها بالعمل لفائدة السلام والاستقرار بإفريقيا". ووجه العاهل المغربي الدعوة للرئيس الملغاشي ليقوم بزيارة دولة للمغرب، وأعلن الرئيس قبول الدعوة الملكية والتي سيحدد موعدها لاحقا عبر القنوات الديبلوماسية.