باريس: يحاول رئيس الوزراء الفرنسي الاشتراكي مانويل فالس منذ سنوات فرض تحديث لليسار، لكن شخصيته المتسلطة وخطابه المؤيد للشركات ودفاعه عن علمانية متشددة، أمور تثير قلق قسم من معسكره، وقد تدفع الى عدم تأييده لدخول معركة الرئاسة.

ويبدو ان فالس الذي ولد في اسبانيا وحصل على الجنسية الفرنسية في سن العشرين والمغرم بفريق برشلونة لكرة القدم، يستعد منذ اسابيع لدخول حلبة الانتخابات الرئاسية. وبات الباب مفتوحا امامه بعد اعلان الرئيس فرنسوا هولاند عدم ترشحه.

وبعد ان كان يهوى كسر المحرمات كما فعل عام 2007 حين اقترح تغيير اسم الحزب "الاشتراكي" معتبرا انه تجاوزه الزمن، عاد مانويل فالس (54 عاما) وعدل خطابه في الآونة الاخيرة لتوسيع قاعدته الانتخابية.

وبعد ان كان يتحدث عن "تيارين يساريين لا يمكن التوفيق بينهما"، وبعد ان قال "احب المؤسسة" امام اصحاب العمل، وبعد ان أيّد منع رؤساء بلديات يمينيين من ارتداء البوركيني، بات فالس الآن يدعو معسكره الى "التجمع" قبل الانتخابات الرئاسية في 2017.

واذا ما قرر فعليا خوض المنافسة، فسيكون عليه الفوز في الانتخابات التمهيدية للحزب الاشتراكي المقررة في 22 و29 يناير، ومن غير المؤكد انه سيفوز فيها.

وقبل خمس سنوات اثناء الانتخابات التمهيدية المفتوحة لليسار، لم يقنع تموضعه على يمين الحزب وخرج من السباق منذ الجولة الاولى بعد ان حصل على 5.63 بالمئة من الاصوات.

وكشف النائب الشاب عن المنطقة الباريسية حينها عن طموحاته وبأنه لا يرغب في مراقبة "مقصورة الرئاسة بانتظار وصول دوري".

وكسب منذ ذلك التاريخ، تجربة حكومية وصفة رجل الدولة، لكن لجوءه لسلاح دستوري لفرض اصلاحات رغم معارضة البرلمان كلفه عداوات قوية داخل حزبه.

وفي 2012 تحالف مع المرشح هولاند وكان متحدثا نشطا اثناء الحملة، ما اهله لتولي منصب وزير الداخلية. وعزز في هذا المنصب اسلوبه العسكري وصورة رجل القبضة الحديدية، ما اكسبه شعبية احيانا بين اليمين أكثر من اليسار.

أنا القائد

وبسبب حيويته الزائدة وطموحاته الواسعة، قارنه الكثيرون بالرئيس اليميني السابق نيكولا ساركوزي، الأمر الذي كان يثير استياءه.

وفتح تسلطه ابواب رئاسة الحكومة امامه في 2014 حيث خلف الكتوم جان مارك ايريلوت. وقال فالس بعيد ذلك "ان القائد يجب ان يعرف كيف يقود، لهذا انا القائد".

ومع توليه المنصب غادر انصار البيئة الحكومة منددين، من بين امور اخرى، بتصريحاته حول الروم. لكن فالس لم يهتم بكونه لا يعجب، وبدأ تطبيق الخط الجديد الاشتراكي الليبرالي للرئيس هولاند (خفض الضرائب على الشركات، اصلاح قانون العمل ..). وغادرت شخصيات اخرى مهمة الفريق الحكومي.

وبالتوازي مع ذلك، تبنى وزير الاقتصاد ايمانويل ماكرون (38 عاما) ايضا الخط الاصلاحي في مجال الاقتصاد، قبل ان يستقيل من الحكومة ليبدأ منفردا مغامرة الرئاسيات. وحاول في القضايا الاجتماعية تسخيف مواقف فالس آخذا عليه نزعته "العلمانية الانتقامية".

وكان فالس احد القلائل في معسكره الذين صوتوا لحظر البرقع في الشارع. وهو ينتقد بانتظام غطاء الرأس لدى المسلمات ويصفه بانه "أمر ديني طائفي شمولي".

ودخل فالس المولود في برشلونة في 13 اغسطس 1962 لأم سويسرية وأب رسام اسباني من كاتالونيا، باكرا عالم السياسة.

وبعد دراسة قصيرة لمادة التاريخ، اصبح مساعدا برلمانيا في سن الـ 23، ثم عمل لحساب رئيس الوزراء الاصلاحي ميشال روكار (1988-1991) ثم رئيس الوزراء الاسبق ليونال جوسبان (1997-2001).

وانتخب في 2001 رئيسا لبلدية ايفري وهي مدينة شعبية ومختلطة في جنوب باريس، ثم اصبح نائبا عن المقاطعة.

وبعد ان انجب اربعة اطفال من زواج اول، تزوج مرة ثانية في 2010 بعازفة الكمان آن غرافوان.