رغم تمسك بعض الكتل بقانون الستين لمصلحة تبقى شخصية، يرفض الكثيرون العودة إلى قانون الستين في الانتخابات النيابية المقبلة، حتى لو كان هذا الخيار هو الوحيد المتبقي في حال تعثّر تشكيل الحكومة اللبنانية.

إيلاف من بيروت: إذا كان الدستور هو الأساس، فهو قد نصّ على اعتماد قانون انتخاب خارج القيد الطائفي، عقب أول انتخابات تلي اتفاق الطائف، إلا أن ما كان يحصل عشية كل دورة انتخابية، هو إصدار قانون يعمّق الانقسام الطائفي والمذهبي، ويفصّل على قياس القوى السياسيّة. 

واليوم، يمكن اختصار الأزمة بالنقطة نفسها، أي توزيع الدوائر بشكل يؤمن طرف احتكار التمثيل، وإلغاء أي منافسة محتملة، وهذا ما يفسّر الخوف الذي يصيب غالبية الكتل السياسية عند طرح مبدأ النسبية، فتسارع لتغطية الأمر بألف حجة وحجة، ليس آخرها نعي وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق الأخير احتمال حصول انتخابات نيابية وفق قانون جديد في الموعد المحدد، "فالداخلية جاهزة فقط لتنفيذ الانتخابات وفق قانون الستين، وأي قانون جديد يحتاج أشهرًا لترتيب الإدارة وتثقيف الناخبين".

عن اعتماد قانون الستين في الانتخابات النيابية المقبلة، يؤكد الوزير والنائب السابق بشارة مرهج لـ"إيلاف" أن ثمة كتل نيابية كبيرة تريد اعتماد قانون الستين في الانتخابات النيابية، لأن ذلك يصبّ في مصلحتها، في المقابل هناك كتل أخرى تريد تطوير قانون الانتخابات، بما ينسجم مع اتفاق الطائف وبما يلبّي مقتضيات المرحلة والعدالة السياسية، وفي الوقت الحاضر تسعى الكتل المحبذة لقانون الستين إلى المماطلة والتسويف وتعطيل اجتماعات اللجان النيابية، كي تصل البلاد إلى الإستحقاق النيابي من دون أن يكون هناك قانون انتخابي جديد، وهذا يشكل طعنة للعهد الجديد وللتفاهمات السياسية التي أرست انطلاقته، وسيتسبب بخيبة أمل واسعة لدى اللبنانيين الذين أملوا خيرًا بالعهد الجديد.

من هنا، يضيف مرهج، نحن نحذر من العودة إلى الوراء، والسير في هذا النهج الخاطئ، لأنه سيرتد خطرًا على الكتل المتبنية لقانون الستين كما على البلاد بأسرها.

قانون الستين والنسبية
ولدى سؤاله ما الفرق بين اعتماد قانون الستين والنسبية في الانتخابات النيابية المقبلة؟، يجيب مرهج :"قانون الستين يعيد إنتاج النظام نفسه الموجود حاليًا، النظام الطائفي الذي اختبرنا جميعنا فشله، وعدم قدرته على تحقيق التمثيل المتساوي، وعدم قدرته على السير بالبلاد نحو الإستقرار والإزدهار، وقانون الستين هو السبب الأساس في تعطيل الحياة السياسية، سواء من خلال الإشكالات داخل الحكومة أو داخل المؤسسات الدستورية الأخرى، لأن ما ينتجه قانون الستين هو المناخ الطائفي، ومنهج المحاصصة، في حين أن قانون النسبية من شأنه أن يؤمّن، إذا اعتمد، توسيع قاعدة التمثيل الشعبي بما يضمن تهدئة الخطاب السياسي ومحاصرة التشنج الطائفي.

الكتل المسيحية
وردًا على سؤال هل تقبل الكتل المسيحية بقانون الستين؟، يجيب مرهج الكل يتحدث عن تبني ميثاق الطائف، وإذا كنا صادقين بذلك يجب أن نخطو خطوة جريئة نص عليها الطائف، وهي اعتماد النسبية والدائرة الانتخابية الموسعة.

عن اعتبار البعض أن اعتماد قانون الستين يعني العودة إلى المحادل الانتخابية، يعتبر مرهج أن قانون الستين يجعل بعض الطوائف تستولي على التمثيل النيابي، وتتحول إلى مواقع سياسية جامدة لا تحتمل التواصل مع الآخر، ولا تضمن تطبيق روحية الميثاق الوطني، التي تقتضي التواصل والتفاهم، وتحويل مجلس النواب إلى خلية تشريعية رقابية، وتحويل مجلس الوزراء إلى مجلس حوار وقرار في الوقت عينه.

وردًا على سؤال ما الذي يحتاجه لبنان من أجل التوصل إلى قانون انتخابي عادل؟، يلفت مرهج إلى أن ما يحتاجه لبنان يبقى تطبيق الطائف في هذه المرحلة.

ويؤكد مرهج أن عدم الإسراع في تشكيل الحكومة اليوم يؤثر في عرقلة أي قانون جديد للإنتخابات النيابية، لأننا نسابق الزمن، وتشكيل الحكومة ضروري جدًا للوصول إلى قانون انتخابي جديد، وهذا أمر وعد به الجميع، لكن يبدو هناك بعض الأفراد الذين يريدون التنصل بحجة ضيق الوقت، من هنا تأخير تشكيل الحكومة من شأنه أن يضغط على المدى الزمني المطلوب، وبالتالي تُطرح مشكلة تأجيل الانتخابات النيابية أو التمديد للمجلس النيابي أو اعتماد قانون الستين، وكلها خيارات سيئة.

كيف يمكن اليوم تثقيف الناخبين لجهة اعتماد القانون الانتخابي الأفضل في لبنان؟، يجيب مرهج أنه يجب إشاعة الوعي بمضمون الطائف وبأهمية اعتماد قانون النسبية، التي تؤمن التوازن في التمثيل، بحيث يشعر الجميع بأنه موجود حسب قوته الانتخابية.