رام الله: انتخب المؤتمر العام لحركة فتح الاحد اعضاء اللجنة المركزية والمجلس الثوري، وفاز القيادي الاسير لدى اسرائيل مروان البرغوثي بعضوية اللجنة المركزية في حين تم استبعاد معارضي الرئيس محمود عباس وخصوصا مؤيدي القيادي محمد دحلان.

وكشفت لائحة الفائزين الـ18 بعضوية اللجنة المركزية بروز اسماء قد تخلف الرئيس الفلسطيني محمود عباس (81 عاما) سواء في رئاسة فتح او رئاسة منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية. ومن ابرز الفائزين في عضوية اللجنة المركزية اثنان : الاسير مروان البرغوثي وجبريل الرجوب.

مروان البرغوثي القابع في السجون الاسرائيلية منذ العام 2002 ومحرك الانتفاضة الثانية، نال نحو 930 صوتا من اصل 1300 شاركوا في التصويت في مؤتمر حركة فتح، وحل جبريل الرجوب حل في المرتبة الثانية بفارق نحو مئة صوت عن البرغوثي.
وقد ترشح 64 شخصا للجنة المركزية، و423 للمجلس الثوري.

يضم المجلس الثوري ثمانين عضوا منتخبا واربعين معينين، في حين تضم اللجنة المركزية 18 عضوا منتخبا واربعة يعينهم الرئيس. وقالت فدوى البرغوثي زوجة مروان لوكالة فرانس برس ان "الرئيس ابو مازن (عباس) اتصل بي فجرا ليبلغني ان زوجي حصل على اعلى الاصوات في انتخابات اللجنة المركزية".

واعتقلت اسرائيل البرغوثي (57 عامًا) العام 2002، ووجهت اليه تهمة قيادة الانتفاضة الثانية التي اندلعت العام 2000، وقيادة مجموعات مسلحة واستهداف مواقع اسرائيلية. وقد حكم عليه بالسجن المؤبد اربع مرات اضافة الى 40 عاما.

اما جبريل الرجوب فهو مؤسس جهاز الامن الوقائي في الضفة الغربية، ويترأس حاليا الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم. واقترع المشاركون في المؤتمر السابع للحركة في مقر الرئاسة في رام الله وعددهم 1400 شخص، في حين اقترع بضع عشرات في قطاع غزة بعد ان منعتهم اسرائيل من الانتقال الى الضفة الغربية.

مناسبة لإبعاد المعارضين
يعتبر مراقبون ان الرئيس الفلسطيني يعد لخلافته، لذلك كان مؤتمر حركة فتح مناسبة لابعاد معارضيه، وتعزيز السيطرة على مؤسسات السلطة الفلسطينية. وضمت اللجنة المركزية الجديدة لحركة فتح خمسة اعضاء جدد، وغاب عنها محمد دحلان، الذي كان انتخب عام 2009 ثم دخل في نزاع مع الرئيس عباس، وانتقل الى المنفى.

ودخل اللجنة المركزية ناصر القدوة ابن شقيقة الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ووزير التربية صبري صيدم، في حين خرج منها نبيل شعث.

ويرى مراقبون ان الهدف من خفض عدد اعضاء المشاركين في مؤتمر فتح بنحو الف شخص مقارنة بمؤتمر العام 2009، كان الحد من تأثير المعارضين لعباس على نتائج الانتخابات. كما انتخب المؤتمر ثمانين عضوا في المجلس الثوري الذي يعتبر "برلمان فتح" على ان تعيّن قيادة فتح لاحقا اربعين عضوا اضافيا.

ومن اعضاء اللجنة المركزية المنتخبين ايضا المفاوض السابق والاقتصادي محمد اشتية، وامين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات. ومن الذين دخلوا ايضًا مسؤول الشؤون المدنية حسين الشيخ ومسؤول التعبئة والتنظيم محمد العالول، ورئيس جهاز المخابرات السابق توفيق الطيراوي، ومسؤول ملف المصالحة مع حركة حماس عزام الاحمد، وامراة واحدة هي دلال سلامة، النائبة السابقة في المجلس التشريعي.

وفاز مسؤول التواصل في المجتمع الاسرائيلي محمد المدني ايضا اضافة الى القيادي عباس زكي. واضافة الى شعث خرج ايضا من اللجنة المركزية احمد قريع، احد مهندسي اتفاقيات اوسلو للحكم الذاتي.

تعزيز سيطرة عباس
ومؤتمر فتح السابع هو الاول للحركة منذ سبع سنوات. فمنذ تأسيسها عام 1959، لم تعقد فتح سوى ستة مؤتمرات كان آخرها العام 2009 في بيت لحم، علما بانه كان الاول في الاراضي الفلسطينية وانعقد بعد عشرين عاما من المؤتمر الخامس. وفي مستهل المؤتمر، انتخب عباس مرة اخرى قائدا عاما لحركة فتح.

وكان عباس انتخب رئيسا للسلطة الفلسطينية العام 2005 مدة اربع سنوات وانتهت ولايته عام 2009، بينما يعرقل الانقسام الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس اجراء انتخابات تشريعية ورئاسية.

وقال المحلل السياسي وجيه ابو ظريفة ان عباس "ما زال يتحكم في مقدرات الحركة المالية والتنظيمية ويسيطر على مقدرات السلطة ويجيرها لخدمة رؤيته سواء في السلطة او في حركة فتح". وتهيمن فتح على مؤسسات السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية في حين فقدت سيطرتها على مؤسسات السلطة في قطاع غزة بعد ان سيطرت حماس على القطاع بقوة السلاح عام 2007.

وقال محللون ان حركة فتح تتهيأ لتعزيز وجودها في مؤسسات السلطة الفلسطينية. واضافوا "لم يؤكد عباس فقط ابعاد معارضيه بل اصر على تجاهل وجودهم خصوصا دحلان وانصاره".

وبحسب ابو ظريفة فأن "الطريق الوحيد امام معارضي المؤتمر هو بدء العمل على انجاز تشكيل اول كيان سياسي جديد يجمع في كنفه كل المعارضين من فتح وربما الغاضبين من تنظيماتهم الاخرى اضافة الى مجموعات كبيرة من الشباب الذين لا يجدون انفسهم في الاحزاب والقوى السياسية الفلسطينية الحالية".

وفي حين تسري تكهنات بشأن خلافة عباس، اورد المحلل الفلسطيني جميل هلال ان "نخبة سياسية صغيرة ضمن القيادة الفتحاوية ستقرر خليفة عباس، وليس الشعب الفلسطيني عموما" لان "المؤسسات الوطنية معطلة" بفعل الانقسام بين فتح وحماس.

البرغوثي وشارة النصر

خلال محاكمته التي ارادها ان تكون محاكمة للاحتلال، رد البرغوثي على الاحكام الصادرة بحقه بالقول ان الانتفاضة مستمرة وهو يرفع شارة النصر.

وتنتشر صوره وهو مقيد اليدين، من دون ان يمنعه ذلك من رفع شارة النصر، في كل انحاء الضفة الغربية المحتلة وخصوصا على الجدار العازل الذي بناه الاسرائيليون للفصل بين اراضي اسرائيل وسكان الضفة الذين باتوا في سجن كبير.

ومن السجون المختلفة التي ينقل اليها كل فترة، ينشر البرغوثي رسائل مفتوحة الى الشعب الفلسطيني. وكتب في احدى هذه الرسائل "قالوا لنا اننا باعتمادنا السبل السلمية والاتصالات الدبلوماسية والسياسية فاننا سنحصل على دعم المجتمع الدولي لانهاء الاحتلال الاسرائيلي. الا ان المجتمع الدولي فشل في اتخاذ ولو اجراء واحد ذي مغزى".

ويدعو البرغوثي الى "سلام يستند الى القانون الدولي وقرارات الامم المتحدة"، الا انه يؤكد ان اسرائيل بالمقابل "دمرت بشكل منهجي هذا الاحتمال عاما بعد عام".

ومنذ اعتقاله عام 2002 لا تزال شعبية البرغوثي تتزايد حتى انه بدا كخليفة محتمل لياسر عرفات عند وفاة الاخير عام 2004.

واليوم يتعرض الرئيس الفلسطيني محمود عباس لانتقادات شديدة على الساحة الفلسطينية، وكشف استطلاع اخير ان ثلثي الفلسطينيين يريدون منه الاستقالة.

وجاء في نتائج هذا الاستطلاع الذي اجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، انه في حال جرت الانتخابات الرئاسية الفلسطينية اليوم بين البرغوثي وعباس والقيادي في حركة حماس اسماعيل هنية فان البرغوثي سيفوز بنسبة 41% من الاصوات مقابل 33% لهنية و21% لعباس.

ولا يزال البرغوثي قادرا على تحريك الجماهير، ويرى كثيرون انه الوحيد القادر على انهاء الانقسام بين حركتي فتح وحماس.

وكان قدم ترشيحه للرئاسة الفلسطينية من السجن عام 2005 في تحد للحرس القديم في حركة فتح، قبل ان يسحب ترشيحه ويقدم دعمه لعباس.