بيروت: باتت الطفلة السورية بانة العابد نجمة على مواقع التواصل الاجتماعي خلال ثلاثة اشهر، بعد تغريدات عن يومياتها في ظل الحصار والقصف في شرق حلب، فيما يعتبر مؤيدو النظام ان حسابها على تويتر ليس سوى اداة دعائية.

واثارت الطفلة البالغة السابعة من العمر قلق رواد مواقع التواصل الاجتماعي بعد اختفائها الاحد عن تويتر تزامنًا مع احراز قوات النظام تقدما في الاحياء الشرقية في مدينة حلب في شمال سوريا اثر هجوم بدأته في منتصف الشهرالماضي. الا ان الطفلة عاودت التغريد الثلاثاء لتؤكد لمتابعيها الذين باتوا 213 الفا على الاقل انها بخير. وكتبت "مرحبا يا اصدقائي، كيف حالكم؟ انا بخير".

واوضح والد بانة، غسان العابد عبر الهاتف لفرانس برس انه مع اقتراب المعارك من الحي الذي تقطن العائلة فيه في الايام الاخيرة "تضرر منزلنا جراء القصف". وقال "اقترب الجيش كثيرا من حينا واضطررنا للنزوح الى مكان آخر" في شرق حلب، مضيفا "نحن الان بخير".

واحرزت قوات النظام تقدما كبيرا داخل الاحياء الشرقية في الايام الاخيرة، وباتت تسيطر على اكثر من سبعين في المئة من مساحة الاحياء الشرقية التي كانت تحت سيطرة الفصائل المقاتلة منذ العام 2012. ومنذ اندلاع النزاع الدامي الذي تشهده سوريا منذ اكثر من خمس سنوات، تحول العديد من الاطفال السوريين الى رمز للمأساة الانسانية الاسوأ منذ الحرب العالمية الثانية.

وبعد نحو شهرين من انطلاق الاحتجاجات السلمية ضد نظام الرئيس السوري بشار الاسد في منتصف مارس 2011، تعرض الطفل حمزة الخطيب (13 عاماً) للاعتقال والتعذيب حتى الموت من قبل السلطات، وفق ما اكد افراد عائلته وناشطون معارضون.

وتحول حمزة رمزا للقمع الدموي للاحتجاجات السلمية التي سرعان ما تحولت الى نزاع مسلح تسبب بمقتل اكثر من 300 الف شخص منذ اندلاعه.

وفي سبتمبر 2015، تصدرت صورة الطفل ايلان الكردي، اللاجئ السوري ذي الاعوام الثلاثة، وسائل الاعلام حول العالم ومواقع التواصل الاجتماعي بعدما جرفته المياه اثر غرقه الى احد الشواطئ التركية في سبتمبر. وتحولت صورته رمزا لمعاناة اللاجئين السوريين الهاربين في زوارق الموت باتجاه اوروبا.

"أنقذونا"
ومع مضاعفة قوات النظام هجماتها وغاراتها على الاحياء الشرقية، باتت مدينة حلب محور اهتمام الاعلام حول العالم ومواقع التواصل الاجتماعي خصوصا بعد تشبيه الدمار الذي طالها بما شهدته برلين في العام 1945 وغيرنيكا في اسبانيا وغروزني في الشيشان.

كما صدمت صورة الطفل عمران في اغسطس الماضي بوجهه الملطخ بالدماء وهو جالس بحالة صدمة داخل سيارة اسعاف، الملايين حول العالم لكن عشرات الالاف من الاطفال الاخرين لا يزالون عالقين في دوامة الحرب في سوريا، تروعهم الغارات او ينتظرهم الموت جوعا في المدن المحاصرة

وبمساعدة والدتها فاطمة، بدأت بانة في 23 سبتمبر التغريد بالانكليزية على موقع تويتر عبر حساب موثق يحمل اسمها، وذلك بعد يوم من بدء قوات النظام هجوما بريا على شرق حلب مدعوما بغارات روسية كثيفة. ومنذ ذلك الحين، بدأ عشرات الاف المغردين يتفاعلون مع بانة ويشاركون تعليقاتها على حساباتهم ومنها "نحن خائفون جدا، أنقذونا" و"القذائف تهز الارض"، و"الحرب سرقت طفولتي"... وتضمنت تغريدات بانة صورا ومقاطع فيديو لها واخرى تظهر القصف والدمار واطفالاً قتلى.

وتظهر بانة في مقاطع فيديو وهي تتصفح نسخة الكترونية من سلسلة هاري بوتر، اهدتها اياها الكاتبة البريطانية جوان رولينغ. وتعلن في اخرى تشجيعها لفريق مانشتر يونايتد لكرة القدم مناشدة اياه الفوز حتى "تنسى القذائف".

بروباغندا
وقبل توقف بانة عن التغريد لمدة 24 ساعة بدءا من مساء الاحد، كتبت والدتها فاطمة بالانكليزية مساء الاحد "نحن متيقنون ان الجيش سيلقي القبض علينا الان. سنلتقي مجددا ذات يوم، ايها العالم العزيز. الى اللقاء. فاطمة".

اثارت هذه التغريدة قلق رواد موقع تويتر الذين اطلقوا بالانكليزية هاشتاغ "اين بانا؟". ووجه احد المغردين رسالة دعم لبانة كتب فيها "اصلي لكي تبقى بانة في أمان". وباتت الطفلة ظاهرة على موقع تويتر رأى فيها الاف المغردين رمزا لمعاناة المدنيين في شرق حلب. 

ولكن في مقابل المتعاطفين معها ومع عشرات الالاف من المدنيين المحاصرين في مدينة حلب، تتعرض بانة ووالدتها لانتقادات من قبل خصوم المعارضة السورية ومؤيدي النظام الذي يعتبرون حساب بانة اداة دعائية. 

وقال الرئيس السوري بشار الاسد في مقابلة مع قناة دنماركية في السادس من أكتوبر ردا على سؤال عنها "انها لعبة الان، لعبة بروباغندا ولعبة وسائل الاعلام". وتوجه احد المغردين الى فاطمة بالقول "هل يستحق الامر ان تعرضي (حياة) طفلتك للخطر من اجل البروباغندا؟".

وجاء في تغريدات اخرى "الجيش يحرر المدنيين من القاعدة (...) لكن حساب البروباغندا هذا يريد اظهار الامور بشكل مغاير"، وورد كذلك "هذه الطفلة مستغلة من والديها الارهابيين". وسرعان ما تتحول السجالات حول هذه التغريدات الى حرب افتراضية بين موالين ومعارضين. ويكتفي مغرد اخر بالتعليق "انها مجرد طفلة تتعرض للقصف".