حلب: تواصل قوات النظام السوري مدعومة من مجموعات مسلحة موالية لها الخميس تقدمها نحو الاحياء الاخيرة التي لا تزال تحت سيطرة مقاتلي المعارضة في شرق حلب، في محاولة لتحقيق "تحول في مجرى الحرب"، بحسب ما وصفه الرئيس السوري بشار الاسد.

ومن شأن استكمال النظام المدعوم من روسيا وإيران، سيطرته على ثاني المدن السورية ان يشكل نكسة كبيرة للمعارضة المدعومة من الغرب ومن دول عربية عدة. وسيشكل ذلك أكبر إنجاز عسكري للنظام استراتيجيا ورمزيا منذ بدء النزاع في 2011.

في موازاة استمرار العمليات العسكرية الكثيفة والتقدم السريع لقوات النظام على الارض، يبقى الافق الدبلوماسي مسدودا، إذ لم ينجح وزيرا الخارجية الاميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف خلال لقاء بينهما الاربعاء في المانيا في التوصل الى اتفاق على وقف لاطلاق النار في حلب حيث يعيش المدنيون المتبقون في الاحياء التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة تحت وابل من القصف من دون كل مقومات الحياة.

واشار وزيرا الخارجية الى انهما سيعاودان الاتصال صباح الخميس. الا ان متحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا قالت لوكالة فرانس برس ان "لا لقاء مرتقبا" بين الوزيرين في هامبورغ اليوم، من دون استبعاد ان يلتقيا بشكل وجيز من دون موعد.

وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان الخميس ان المعارك تتركز اليوم في احياء صلاح الدين وبستان القصر، وان مقاتلي المعارضة يردون بقصف الاحياء الغربية بالقذائف.

اهداف سهلة

وباتت قوات النظام تسيطر على ثمانين في المئة من الاحياء التي كانت تحت سيطرة الفصائل المقاتلة منذ 2012، تاريخ انقسام المدينة بين الطرفين.

وقال الرئيس السوري في مقابلة مع صحيفة "الوطن" السورية نشرت الخميس ان حسم المعركة في حلب سيشكل "محطة كبيرة باتجاه" نهاية الحرب.

واضاف "صحيح أن معركة حلب ستكون ربحاً، لكن لكي نكون واقعيين لا تعني نهاية الحرب في سوريا.."، معتبرا ان الحرب لا تنتهي "إلا بعد القضاء على الإرهاب تماماً، فالإرهابيون موجودون في مناطق أخرى".

كما اعتبر ان فشل مقاتلي المعارضة وداعميهم في معركة حلب "يعني تحول مجرى الحرب في كل سوريا، وبالتالي سقوط المشروع الخارجي سواء كان اقليميا او غربيا".

واستبعد الأسد تطبيق هدنة في حلب. وردا على سؤال عما "اذا انتهت الهدن اليوم"، قال "عملياً غير موجودة طبعاً.. هم ما زالوا مصرين على طلب الهدنة وخاصة الأميركيون، لأن عملاءهم من الإرهابيين أصبحوا في وضع صعب".

وتعتبر حلب حاليا الجبهة الرئيسية في نزاع تسبب على مدى أكثر من خمس سنوات بمقتل اكثر من 300 الف شخص وتشريد أكثر من نصف السكان.

ونددت منظمة "سيف ذي تشيلدرن" غير الحكومية المدافعة عن الاطفال بتحول "عشرات آلاف الاطفال" في حلب الى "أهداف سهلة". كما توقفت مديرة المنظمة سونيا خوش في بيان عند وضع النازحين من حلب و"اشخاص يسيرون في الشوارع من دون اي شيء إلا ملابسهم لتقيهم من البرد"، منتقدة غياب أي تحرك دولي.

وتم ليل الاربعاء الخميس إجلاء أكثر من 150 مدنيا، غالبيتهم مرضى او من ذوي الاحتياجات الخاصة، من مركز طبي في حلب القديمة إثر سيطرة قوات النظام عليها، بحسب ما اعلن اللجنة الدولية للصليب الاحمر.

وقالت اللجنة في بيان صدر الخميس ان الصليب الاحمر نقل أيضا جثث 11 شخصا قتلوا خلال المعارك التي شهدتها المنطقة قبل أيام كانت في المبنى.

وتمت العملية بالاشتراك مع الهلال الاحمر السوري.

وأوضح الصليب الاحمر ان دار الصفاء هو دار للعجزة اساسا، لكن جهز لاستقبال مرضى يعانون من اضطرابات نفسية او جسدية. كما لجأ اليه عشرات المدنيين، وبعضهم جرحى.

وقالت مسؤولة اللجنة في سوريا ماريان غاسر في البيان ان الاشخاص الذين تم اجلاؤهم "بقوا عالقين على مدى أيام عدة بسبب عنف المعارك"، مضيفة ان "عددا كبيرا منهم غير قادر على التنقل ويفترض ان يتلقوا علاجات خاصة. لا بد ان الامر كان رهيبا بالنسبة اليهم".

وتسببت المعارك في حلب منذ حوالى الشهر بنزوح ثمانين ألف شخص من الاحياء الشرقية، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.