بروكسل: وقع الاتحاد الاوروبي وكوبا الاثنين اتفاقا لتطبيع العلاقات التي كانت تعرقلها على مدى عقود مسألة حقوق الانسان في ظل حكم الزعيم الثوري الراحل فيدل كاسترو.

وكوبا كانت الدولة الوحيدة في اميركا اللاتينية التي لم توقع على اتفاق "حوار سياسي وتعاون" مع الاتحاد الاوروبي والذي يشمل قضايا مثل التجارة وحقوق الانسان والهجرة. لكن وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي اتفقوا في الاسبوع الماضي على الغاء سياسة اعتمدت منذ العام 1996 وتتضمن شرطا بان تحسن كوبا اولًا سجلها في مجال حقوق الانسان قبل ان تقيم علاقات وثيقة مع التكتل الاوروبية.

والاثنين وقع الاتفاق وزير الخارجية الكوبي برونو رودريغيز باريا ووزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني على هامش اجتماع لوزراء خارجية الدول الاعضاء الـ28 في بروكسل، ويأتي ليتوج سنوات من المفاوضات الصعبة. وقدمت موغيريني تعازيها برحيل كاسترو قائلة للصحافيين انه "من الطبيعي ان نتقارب مع كوبا فيما تشهد تغييرات عميقة".

واعتبرت ان الحوار مع هافانا حول حقوق الانسان "مشجع" وان الاتفاق يمكن ان يساهم في تعزيز عملية تحديث كوبا اجتماعيا وسياسيا. وتوفي فيدل كاسترو في الشهر الماضي بعد اكثر من خمسين عاما على رأس هذه الجزيرة الشيوعية، فيما بدأت كوبا انفتاحا تدريجيا على العالم بما يشمل مع عدوتها السابقة واشنطن.

وفي العام 2003 فرض الاتحاد الاوروبي عقوبات على كوبا، وعلق تعاونه معها، اثر قمع صحافيين وناشطين، واستمر ذلك حتى العام 2008 حين استؤنفت المفاوضات مجددا.

لا تأثير لانتخاب ترامب
قال وزير خارجية كوبا "كانت لدينا خلافات قليلة، لكن ازالة الموقف المشترك (البند المتعلق بحقوق الانسان) يعيد العلاقات الطبيعية على اساس التبادل المشترك". وردا على سؤال حول تاثير انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة، لفت الى انه رغم تخفيف التوتر بين البلدين، الا ان واشنطن ابقت حظرها الاقتصادي على كوبا قائما. واضاف ان "العلاقات بين الاتحاد الاوروبي وكوبا لا تمر عبر واشنطن".

وقالت موغيريني انه لا يوجد سبب للقلق، رغم ان فوز ترامب المفاجئ في الانتخابات الرئاسية الاميركية اثار شكوكا في اوروبا حول موقف واشنطن العالمي وضماناتها الامنية المهمة. واوضحت ان "التطورات في واشنطن لن تؤثر باي شكل على العلاقات بين الاتحاد الاوروبي وكوبا"، مشددة على ان بروكسل ستواصل التعبير عن القلق ازاء اثر العقوبات الاقتصادية الاميركية على دول اخرى.

كما شددت على اهمية علاقات اوروبا الاوسع نطاقا مع المنطقة بشكل عام. وقالت "نحن نتحدث عن روابط عبر الاطلسي، ليس فقط مع الولايات المتحدة وانما مع كوبا واميركا اللاتينية". وكان ترامب هدد خلال حملته الانتخابية بوقف التقارب مع كوبا الذي اطلقه الرئيس باراك اوباما في حال لم تقدم هافانا تنازلات اضافية في ملف حقوق الانسان وفتح اقتصادها بشكل اكبر امام الاستثمارات الخاصة.

قال وزير خارجية كوبا ان "الروابط الاقتصادية مع اوروبا ستبقى اولوية بالنسبة الى كوبا فيما نبني اقتصادا اشتراكيا". ووجه تحية الى موغيريني مستذكرا خطابا للزعيم الراحل فيدل كاسترو عام 2003 اشاد فيه أب الثورة الكوبية بوجود الاتحاد الاوروبي واليورو باعتبارهما "ثقلا موازنا" امام "الهيمنة المطلقة" للولايات المتحدة والدولار.

يأتي تطبيع العلاقات هذا في اطار التقارب مع هافانا الذي اطلقه الرئيس الاميركي باراك اوباما وانهى في يوليو 2015 ستين عاما من العداء بين البلدين. وقام بعد ذلك بزيارة تاريخية الى كوبا في مارس 2016.