لا مبالغة في القول إن الأفلام التي كان ينتجها تنظيم داعش شغلت العالم، واتفقت غالبية صناع السينما على احترافيتها الشديدة، ورأى بعض هؤلاء أنها حاكت بعض أفلام الحركة الخالدة التي أنتجتها "هوليوود".

إيلاف من واشنطن: رغم ذلك توقف التنظيم المتطرف منذ عام عن إنتاج أفلامه الاحترافية. وما بثه من أفلام خلال الفترة الماضية كانت بدائية، وكان آخرها في الأسبوع الماضي، وقدمه الصحافي البريطاني جون كانتلي، المختطف لدى التنظيم، من مدينة الموصل العراقية.

جهات ممولة
أفلام داعش كانت تمر بسلسلة الإنتاج المعروفة، التي تتبعها شركات صناعة السينما، من كتابة السيناريو، واختيار مواقع التصوير، وتوزيع الكاميرات، واستخدام الخدع السينمائية، والحرص على أن يؤدي الممثلون (من عناصر التنظيم والضحايا) أدوارهم بإتقان شديد، وما يتبعه من اختيار المؤثرات الصوتية، وتوظيفها في عمليات الإنتاج التي كانت تستخدم خلالها تقنية معالجة الألوان بشكل لافت.

ليس غريبًا أن يزعم مخرجون، منهم المصري خالد يوسف، في العام الماضي، أن فيلم داعش، الذي وثق فيه إعدام 21 قبطيًا مصريًا في ليبيا على شاطئ البحر "تقف وراءه جهات كبرى" نظرًا إلى احترافيته الكبيرة. ولاحظ يوسف أن الفيلم أشرف عليه فريق إنتاج وأكثر من مخرج، وبسبب دقة أداء الضحايا والجلادين، سواءً في طريقة السير أو الانحناء بشكل متزامن، "فبالتأكيد كانت هناك بروفات كثيرة سبقت التصوير".

خدع احترافية
لكن ما فات على يوسف وغيره من المخرجين العرب، هو أن الفيلم لم يصوّر على البحر، كما أراد التنظيم المتطرف أن يوحي لمشاهديه، بل صوّر داخل استديو، وتلاعب منتجوه فيه بشكل احترافي، وأظهروا الجلادين بقامات ضخمة مقارنة بضحاياهم، ووضعوا خلفية للبحر، حتى الدماء التي خُلطت بمياه البحر لم تكن حقيقية، حتى آخر ضحية تم نحرها، لم تنحر أصلًا في ما يبدو، كما قال ثلاثة خبراء أميركيين في صناعة السينما، منهم مخرجة أفلام الرعب في هوليوود ماري لمبريت لقناة "فوكس نيوز" في فبراير 2015.

لم يثر حتى الآن السؤال حول سبب توقف تنظيم داعش عن إنتاج إفلامه الاحترافية، فهل هو بسبب إنشغاله بالدفاع عن "أراضي الخلافة"، وتحديدًا في الموصل، أم إن السبب هو أن عناصر فريقه الإنتاجي قتل بعضهم أو جميعهم؟. فبحسب ما أعلنه البنتاغون الجمعة الماضية، فإن خمسين ألفًا من عناصر التنظيم المتطرف قتلوا خلال العامين الماضيين.

أقل إثارة
من نافلة القول إنه لا يعرف فريق داعش الإنتاجي، حتى وإن زعمت صحيفة "صنداي تايمز" في العام الماضي، أن وراءه خمسة شبان برتغاليين، كانوا يعيشون في بريطانيا، و"هاجروا" بعد إسلامهم إلى سوريا، أبرزهم نيرو سرايفا، الذي أعلن عبر حسابه في تويتر (تم حذفه لاحقًا)، عن فيلم إعدام الأميركي جيمس فولي قبل بثه بـ 39 يومًا، وشكر في التغريدة المشاركين فيه من ممثلين وغيرهم.

من الواضح أن تنظيم داعش، الذي لم يعد "يتمدد"، بل بدأ &يتقلص حجم الأراضي التي يسيطر عليها، ويخسر على كل الجبهات سواء العسكرية أو حتى الدعائية، فأفلامه التي ينتجها أخيرًا صارت رتيبة وبدائية، رغم دمويتها، ولم تعد مثل تلك التي كان يصدرها خلال عامي 2014 و2015، والتي كان الكثيرون يتسابقون على مشاهدتها، كما يفعلون بالضبط مع أفلام الرعب الشهيرة التي تنتجها هوليوود.
&