«إيلاف» من المغرب: في الوقت الذي يعيش فيه العديد من المغاربة الفقر والحاجة، كشفت دراسة حديثة لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، أن قرابة نصف المواد الغذائية في المغرب يتم تبذيرها وترمى في النفايات.
وأوضحت الدراسة، التي أعدتها المنظمة العالمية تحت عنوان "صفر نفايات في البحر الأبيض المتوسط"، من أجل إبراز عادات التعامل مع المواد الغذائية والنفايات المنزلية في بلدان البحر الأبيض المتوسط، أن 45.1 بالمائة من جميع المواد الغذائية في المغرب يتم هدرها.
وأوضحت الأرقام التي كشفتها الدراسة العلمية أن نسبة قليلة من المغاربة لا يهدرون الطعام، قدرتها في حوالي 3.3 بالمائة من المغاربة، فيما أكدت أن 51.6 بالمائة من الأشخاص يهدرون القليل من الطعام.
كما بينت الأرقام التي أعلنتها الدراسة، أن 25.4 بالمائة يهدرون قدرا معقولا من كميات الطعام، في مقابل 13.1 بالمائة يضيعون نسبة أكثر من الطعام، أما نسبة 6.6 بالمائة من المغاربة، فاعتبرت الدراسة أنها تضيع نسبا "هائلة" من الطعام.

صورة لحاوية قمامة مملوءة بالأطعمة المهدرة

 

الأغذية المهدرة
وعن نوعية المواد الغذائية التي يتم إهدارها بنسبة أكبر، قالت الدراسة إن الحبوب ومنتجات المخابز والفواكه والخضروات هي الأكثر إهدارا في المغرب، وبخصوص القيمة المادية للمواد الغذائية المهدرة كل شهر، قدرت الدراسة أن نسبة 45.9 بالمائة من الأغذية المهدرة، تكلف أقل من 5 دولارات، فيما 42.6 بالمائة تكلف ما بين 6 و20 دولارا، في حين كانت المواد الغذائية الباهظة الثمن أقل عرضة للضياع.
وفي تعليقه على الموضوع، قال الخبير الاقتصادي المغربي، عمر الكتاني، إن الأرقام التي كشفتها الدراسة، تؤكد حقيقة مشكلة وفوضى تدبير استهلاك المواد الغذائية لدى المغاربة، مسجلا أن فئات عريضة من الأسر تعيش فوق طاقتها وإمكانياتها، وتلجأ للقروض للإنفاق على أشياء ثانوية وليست ضرورية.
واعتبر الكتاني، في تصريح لـ"إيلاف المغرب"، أن المغرب مطالب أكثر من أي وقت مضى بالعمل على ترشيد الاستهلاك، مشددا على ضرورة تبني "سياسة اقتصادية صارمة للتخفيف من الاستهلاك الثانوي في التدبير وحث الأسر وتربيتهم على تبني سلوك استهلاكي قويم بعيدا عن التبذير والفوضى التي تطبعه".
وأفاد الكتاني بأن نمط العيش عند المغاربة "يفوق الطاقة الإنتاجية للبلد، وهذه إشكالية حقيقية"، كما دعا لاعتماد خطة إعلامية مدروسة لـ"جعل الإنسان المغربي أقل استهلاكا وأكثر إنتاجا"، موضحا أن هذه الثقافة "ينبغي أن نربى عليها، لأننا ما زلنا نبذر كثيرا في الاستهلاك ونستهلك أشياء غير ضرورية".