مخيم حسن شام: يقول احد اللاجئين "لا أطلب شيئا من أحد، كل ما اريده هو ان يسمحوا لي بالخروج من هذا المخيم والعودة الى دياري" على غرار عدد متزايد من العراقيين الذين يتمنون العودة الى قراهم التي استعيدت حديثا من جهاديين، فيما يحذر العاملون في المجال الانساني من أنهم يجازفون بحياتهم.

الشاب هشام لم يعد قادرا على الانتظار اكثر. بدا متوترا وهو يحرك ذراعيه ويشهر بطاقته الشخصية ليثبت انه يتحدر من قرية تقع شمال الموصل، استعادتها قوات عراقية من سيطرة الجهاديين اخيرا.

عندما اجتاح الجهاديون قريته هرب هشام، مثل كثير من النازحين العراقيين، الى اطراف مدينة الموصل، اخر اكبر معاقل تنظيم الدولة الاسلامية في العراق.

ولدى تقدم القوات العراقية واقترابها من الموصل، اجبر هشام مرة اخرى على النزوح والتوجه الى مخيم حسن شام، كما هي حال نحو 100 الف نازح من اهالي الموصل ومناطق حولها فروا الى مناطق اخرى.

وقال الشاب الذي حاول مرارا الخروج من المخيم بدون جدوى، لفرانس برس "فتشت وتحققوا من هويتي وسجلوني، اسمي مسجل الان على قائمة النازحين ولم اعد استطيع التحرك" من المخيم.

سقف حقيقي
على مقربة من المكان، وقف فتى يرتجف وسط البرد القارس ويبحث عن الخيمة التي لجأ اليها والده ووالدته واشقاؤه الاربعة. قال "نحن في مخيم حسن شام وبيتنا يقع في قرية حسن شام" الواقعة في سهل نينوى الذي يمتد في محافظة نينوى، كبرى مدنها الموصل.

واضاف "في بيتنا على الاقل هناك سقف حقيقي. هنا لدينا شبه طعام. ولكن خارج المخيم يستطيع ابي ان يعمل ويؤمن ما تحتاج اليه العائلة". عبر الاسوار التي تحيط بالمخيم الذي يقع في شمال العراق، يبدو الوضع في الخارج شبه طبيعي، لكن عمليات ازالة العبوات الناسفة ومخلفات المعارك من المناطق التي هرب منها الجهاديون لا تزال تتطلب وقتا.

وقالت بيكي بكر عبد الله من المجلس النروجي للنازحين لفرانس برس "غالبا ما يعلن ان المناطق التي استعيدت السيطرة عليها آمنة للعودة، ولكن قبل ان يعود النازحون يجب ان توضع كل المعلومات الضرورية في متناولهم لان هناك خطرا حقيقيا على حياتهم".

واضافت ان عددا كبيرا من النازحين من مناطق الموصل "يقولون +ربما تكون حياتنا افضل حتى لو تحت انقاض منازلنا+ لان لا مساعدات كافية ولا بنى تحتية" داخل المخيم. في هذه الاثناء، ما زال الجهاديون يحتجزون عددا كبيرا من الاهالي في الموصل ولا تزال المناطق التي استعادتها قوات عراقية غير آمنة.

وافاد جنود وعناصر في الشرطة العراقية انهم شاهدوا تفجير الجهاديين لمنازل بواسطة عبوات ناسفة قبل ان يهربوا، اضافة الى كمائن وعبوات وضعت تحت مصاحف او داخل لعب اطفال.

الحل بعيد المنال
الى ذلك، ما زال المدنيون الذين يجازفون بالعودة غير مرحب بهم لدى القوات الامنية التي تخشى تسلل جهاديين بين صفوفهم، علما بان الدمار الذي لحق بالبنى التحتية والمساكن في المناطق المحررة سيضطر السكان الى الاعتماد على المساعدات الانسانية. 

لكن المنظمات الاهلية لا تزال مترددة في توزيع هذه المساعدات. ويقول جيني سباركس عضو المنظمة الدولية للهجرة ان "معظم النازحين يريدون العودة الى منازلهم لمواصلة حياتهم الطبيعية. لكن حجم وسرعة العودة يشكلان تحديا بالنسبة الى السكان الذين يواجهون صعوبات سياسية واقتصادية فضلا عن استمرار العمليات العسكرية".

ففي مدينة الفلوجة، وسط العراق، التي استعيدت السيطرة عليها قبل نحو ستة اشهر، "ما زال الناس يعتمدون على المساعدات الانسانية" ويعيشون في ملاجئ لان "نحو 10 بالمئة من المنازل فقط صالحة للسكن"، بحسب ما اكدت بكر عبد الله لفرانس برس. واضافت "التوصل الى حل جذري يتطلب سنوات، والكثير الكثير من المال".