«إيلاف» من صنعاء: سجلت الحرب اليمنية العديد من حالات انتهاكات حقوق الانسان لم تشهد اليمن مثيلا لها منذ سنوات، رصدها العديد من المنظمات الحقوقية المحلية والدولية، ومنها اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات حقوق الانسان في اليمن. وعلى الرغم من أن اللجنة تشكلت بموجب القرار الجمهوري رقم (14) لسنة 2012، فإن انتهاكات الحرب الحالية شكلت مهمة رئيسية لعملها ونشاطها الميداني، من خلال فرقها الميدانية، في حرب راح ضحيتها آلاف اليمنيين بين قتيل وجريح، ومست حقوق الانسان والوضع الإنساني في كافة المجالات ورفعت معدل الفقر في كل المحافظات، وضاعفت عمليات النزوح الجماعي من مناطق الحرب التي طالت المدنيين وحقهم في الأمن والغذاء والدواء والصحة والتعليم وحرية التنقل وغيرها من الحقوق.

«إيلاف»&حاورت القاضي قاهر مصطفى علي، رئيس اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات حقوق الانسان في اليمن، فكشف حجم تلك الانتهاكات وطبيعة عمل اللجنة وآلياته، والكثير من القضايا والمستجدات التي تهم حقوق الانسان في اليمن.

في ما يأتي نص الحوار:

ما المهام الموكلة إلى اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات حقوق الانسان في اليمن؟

تشمل هذه المهام اجراء تحقيقات نزيهة وشفافة محايدة في كل ادعاءات انتهاكات حقوق الانسان ومع كل الاطراف المتسببة بها، وفقًا للمعايير الدولية واستنادًا إلى القوانين الوطنية والمرجعيات ذات الصلة، فهذه تمثل خطوة أولى في طريق انصاف الضحايا وجبر الضرر ومساءلة المتسببين في ارتكابها.

ماذا حققت اللجنة حتى الان؟

تأسست اللجنة الوطنية بقرار جمهوري رقم 14 لسنة 2012، وجاء قرار انشائها متوافقًا مع قرار مجلس حقوق الانسان لسنة 2011 الذي نص على ضرورة إجراء تحقيقات في ادعاءات انتهاكات حقوق الانسان وإنصاف الضحايا، إلا أنه بسبب الظروف السياسية التي شهدتها البلاد، تأخر اصدار القرار بتسمية اعضاءها حتى تاريخ صدور القرار الجمهوري رقم 13 لسنة 2015 الذي تمت فيه تسمية اعضاء اللجنة والمهام الموكلة إليهم وفترة عملهم، وبذلك قامت اللجنة الوطنية منذ سبتمبر 2015 بالبناء المؤسسي للجنة، وبدأت عملها الفعلي بالرصد والتوثيق والتحقيق حيث رصدت ووثقت 9816 ادعاء بالانتهاكات، وأجرت 4498 مقابلة مع ضحايا وشهود عيان من كل المناطق التي ارتكبت فيها تلك الانتهاكات منذ مارس وحتى يوليو 2016، وهذا ما شمله التقرير الاول للجنة.

آليات ووسائل&

ما الآليات والوسائل التي تعتمدها اللجنة في اعمالها وانشطتها؟

سعت اللجنة منذ انشائها إلى تأسيس قاعدة بيانات تشمل جميع ادعاءات الانتهاكات التي تمت في الاطار الزمني المقرر لعملها، وفقًا للمعايير الدولية. وعملت اللجنة على رصد جميع الادعاءات بالانتهاكات الخاصة بالقانون الدولي الانساني وقانون حقوق الانسان، وتم استكمال جميع المعلومات في شأنها وتصنيفها والتحقيق فيها وفقًا للتشريعات الوطنية والمواثيق والعهود الدولية ذات الصلة بنشاطها، والذي صادقت عليه اليمن. واتبعت في سبيل ذلك الاساليب الآتية: الرصد والتوثيق القانوني والدقيق وفقا للمعايير الدولية، واستلام التقارير من منظمات المجتمع الدولي المحلية المهتمة بحقوق الانسان، والتعاون مع المفوضية السامية لحقوق الانسان في مجال التأهيل ورفع القدرات، واستلام الشكاوى من الضحايا مباشرة او من ذويهم، إنشاء موقع إلكتروني لسهولة التواصل مع الضحايا المبلغين، النزول الميداني المباشر من اعضاء اللجنة وفريق التحقيق المساعد لمعاينة اماكن الانتهاكات والتحقيق في الملفات المكتملة.

سجلت الحرب الدائرة في اليمن منذ اكثر من عام ونصف الكثير من الانتهاكات بحق المدنيين. كيف تعاملتم معها؟

تعاملنا مع هذه الحرب من جانب حقوق الانسان انطلاقًا من المسؤولية الملقاة على عاتق اللجنة الوطنية، والتي كان هدفها الأول رصد ادعاءات انتهاكات حقوق الانسان في كل محافظات الجمهورية ومن جميع الاطراف وتوثيقها والتحقيق فيها. وعملنا بشفافية وحيادية وموضوعية ومهنية، وكان جهد اللجنة موجهًا لإثبات تواجدها على الأرض التي وقعت عليها تلك الادعاءات بالانتهاكات، واستطاعت اللجنة الوصول إلى كل المحافظات التي وقعت فيها الانتهاكات من خلال 30 راصدًا وراصدة يقومون بالرصد اليومي للوقائع السابقة والآنية التي طالت المدنيين، إضافة إلى منظمات المجتمع المدني الشريكة. واستعانت اللجنة بعدد من المختصين من اعضاء النيابة العامة للتحقيق وفق مبادئ الحياد والاستقلالية والمهنية لانجاز اكبر قدر من الفحص القانوني والاستماع إلى الضحايا والشهود والمبلغين.

القتل المتعمد

ما أبرز الانتهاكات التي رافقت الحرب اليمنية الحالية؟ وما اكثر المحافظات تضررًا؟

ابرز الانتهاكات استهداف المدنيين بالقتل العمد والقتل خارج اطار القانون والقتل بسبب القصف الجوي والتعذيب والاعتقال والإخفاء القسري وتجنيد الأطفال وتفجير المنازل والتهجير والنزوح وقتلى وجرحى الالغام وهدم المنازل والبنى التحتية والأعيان الثقافية، وحدثت تلك الانتهاكات في اغلب محافظات اليمن. لكن المحافظات والمناطق الاكثر تضررا فكثيرة، في مقدمها محافظات عدن ولحج والضالع وابين والحديدة والبيضاء ومأرب وذمار وصعدة وصنعاء، وما زال هناك مناطق مشتعلة يعاني اهلها ظروفًا انسانية صعبة.

ما اوجه التعاون والتنسيق بين اللجنة الوطنية والمنظمات الحقوقية المحلية والدولية؟

نفذت اللجنة عددًا من ورش العمل مع عدد المنظمات المحلية في مجال الرصد والتوثيق وحماية حقوق الانسان، كما كان للجنة الكثير من التواصل مع المنظمات الدولية غير الحكومية، ومن ابرزها هيومن ووتش، التي استلمنا تقاريرها. حيث استلمت اللجنة اكثر من 150 ملف من منظمات المجتمع المدني يحوي مئات القضايا بادعاءات لانتهاكات حقوق الانسان التي وقعت خلال الاعوام 2011 و2015 و2016.

مساءلة

شكلت الالغام إحدى الانتهاكات الكبيرة التي تعرض لها المدنيون اليمنيون في الحرب. ما مدى اهتمامكم بذلك؟

أولت اللجنة الوطنية هذه المسألة اهتمامًا كبيرًا، واهتمت بضحايا الألغام الارضية، فرصدت ووثقت عددًا كبيرًا من الادعاءات بالانتهاكات الخاصة بالألغام والتي راح ضحيتها عدد كبير من الجرحى والقتلى، وما زالت آثارها على أجساد العديد من الضحايا الذين تعرضوا لإعاقات جسدية دائمة، وعملت اللجنة على الجلوس مع رؤساء شعب الالغام في العديد من المحافظات، والمنظمات المحلية المعنية بالتوعية بمخاطر الالغام، وقامت بالتحقيق في عدد من تلك الانتهاكات، وما زالت أعمال الرصد والتوثيق والتحقيق في ذلك النوع من الانتهاكات مستمرة حتى هذه اللحظة لما له من أهمية كبيرة لدى اللجنة الوطنية.

ما مصير مرتكبي الانتهاكات بحق المدنيين في اليمن. هل يمكن إخضاعهم للمساءلة والمحاسبة؟

كل ما تقوم به اللجنة الوطنية من اعمال رصد وتوثيق وتحقيق للادعاءات بانتهاكات حقوق الانسان في اليمن هدفه ايصال المتسببين فيها إلى القضاء الوطني، وهذا ما شمله قرار انشاء اللجنة الوطنية. وستقدم تقاريرها النهائية إلى رئيس الجمهورية وإلى القضاء الوطني لإرساء دعائم العدالة وإنصاف الضحايا.

هل واجهت اللجنة الوطنية صعوبات وعوائق في عملها؟

خلال مدة انشغال اللجنة، واجهنا صعوبات عديدة خاصة في الجوانب الأمنية واللوجستية والفنية، وعملت اللجنة بالتعاون مع المؤسسات والأجهزة الوطنية على تجاوز هذه العراقيل. يحتاج الأمر إلى تضافر كل الاجهزة الوطنية والدولية لتسهيل عمل اللجنة، والأكيد أن العمل في مجال حقوق الانسان مستمر وشاق وطويل الامد .

&