حلب: تستعد اخر القوافل التي تقل مدنيين ومسلحين للخروج الاربعاء من اخر جيب تحت سيطرة الفصائل المعارضة في مدينة حلب التي يوشك الجيش السوري على اعلان سيطرته عليها بالكامل بعد اكثر من اربع سنوات من المعارك العنيفة.

ومنذ بدء عملية الاجلاء بشكل متقطع الخميس بموجب اتفاق روسي تركي ايراني، احصت اللجنة الدولية للصليب الاحمر خروج نحو ثلاثين الف شخص من شرق حلب. واكدت اجلاء كل الجرحى والمرضى من ذوي الحالات الحرجة خلال الايام الاخيرة.

وعند انتهاء عمليات الاجلاء، يفترض ان يعلن الجيش استعادته مدينة حلب بالكامل، محققا بذلك اكبر نصر منذ بدء النزاع السوري في العام 2011 والذي خلف اكثر من 310 آلاف قتيل.

وعلى رغم العاصفة الثلجية القوية التي تضرب شمال سوريا، استؤنفت الاربعاء عملية اجلاء مئات المدنيين والمسلحين المحاصرين من حلب عبر الحافلات، فيما خرج اخرون عبر سياراتهم والياتهم الخاصة، بعد تاخير لساعات فرضته اجراءات لوجيستية.

وقالت المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الاحمر في سوريا انجي صدقي لوكالة فرانس برس ان "القوافل الاخيرة لا تزال تنتظر (استكمال) عملية الاجلاء من شرق حلب". ورجحت ان "تستمر العملية ليلا". واوضحت ان "الحافلات لا تزال موجودة في شرق حلب وسيتم اجلاء عدد من المدنيين على دفعات".

واوضح مصدر عسكري في حلب لوكالة فرانس برس ان "الاعلان عن انتهاء العملية يتم عند انتهائها بشكل كامل" مؤكداً انها "مستمرة بدون عوائق حتى الساعة". وتوقع احمد قرة علي المتحدث باسم حركة أحرار الشام الاسلامية ان تتطلب عملية الاجلاء "وقتا اطول مما يفترض بسبب الظروف المناخية الصعبة". واضاف "هناك مدنيون ومقاتلون لم يصعدوا على متن الحافلات بعد".

لم تتوافر اي احصاءات من اي جهة رسمية حول عدد الاشخاص الذين ما زالوا محاصرين، لكن قرة علي رجح وجود نحو الفي شخص بين مدني ومسلح، لافتا الى انهم جميعهم يرغبون في الخروج من حلب.

الناس مرهقون
وشاهد مراسل فرانس برس في منطقة الراموسة، في جنوب مدينة حلب، عشرات الحافلات والسيارات الخاصة لدى مرورها تباعا على حاجز تابع للجيش السوري، قبل اكمال طريقها مع استمرار تساقط الثلوج التي غطت الارض واعاقت التقدم السريع للحافلات.

ومع الاحوال الجوية السيئة، ابدى احمد الدبيس رئيس وحدة الأطباء والمتطوعين الذين ينسقون عملية الاجلاء من شرق حلب لوكالة فرانس برس خشيته من ان ينعكس ذلك على "الحالة الصحية للنساء والاطفال والكهول على متن الحافلات، خصوصا انه لا يسمح لهم بالنزول منها ولا يقدم لهم الماء او الطعام".

واعتبر ان "الوضع ينبئ بكارثة ما لم يتم تدارك الامر وايصال المهجرين بشكل سريع" الى مراكز الايواء. وفي تغريدة على موقع تويتر، كتب روبير مارديني المدير الاقليمي لمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في اللجنة الدولية للصليب الاحمر "احوال الطقس سيئة جدا والناس مرهقون".

واستؤنفت الاربعاء عملية اجلاء السكان المحاصرين من شرق حلب، بعد تاخير لاسباب لوجستية وخلافات حول الية اخراج المدنيين بالتوازي مع بلدتي الفوعة وكفريا الشيعيتين والمحاصرتين من الفصائل المسلحة في محافظة ادلب (شمال غرب). وقال الدبيس لفرانس برس ان عشرين حافلة و120 سيارة والية خاصة خرجت الاربعاء من حلب.

من جهتها، افادت وكالة الانباء السورية الرسمية "سانا" بوصول "اربع حافلات وسيارتي اسعاف تابعتين للهلال الاحمر وتقل جرحى ومرضى ونساء وأطفالا من كفريا والفوعة الى معبر الراموسة قبل توجهها الى مركز للاقامة المؤقتة" قرب حلب. وينص اتفاق الاجلاء في اول مرحلتين منه على خروج كل المحاصرين من شرق حلب مقابل خروج 2500 شخص من بلدتي الفوعة وكفريا.

اجراءات "تنفيذية"
واوضح مصدر عسكري سوري في حلب لوكالة فرانس برس الاربعاء ان التأخير في استكمال عمليات الاجلاء كان مرتبطا باجراءات "تنفيذية" تتعلق بتنسيق "اجلاء متزامن" من حلب والفوعة وكفريا. وقال ان "اكثر من 1700 شخص كانوا ينتظرون اجلاءهم من الفوعة وكفريا" صباح الاربعاء. وتوقع "انتهاء عملية الاجلاء اليوم".

ياتي استئناف عمليات الاجلاء غداة اطلاق الجيش السوري نداءات عبر مكبرات الصوت، حض فيها من تبقى من المسلحين والمدنيين الراغبين بالمغادرة على الخروج من حلب، تمهيدا "لتنظيف المنطقة بعد خروجهم".

وتمكن الجيش اثر هجوم بدأه في منتصف الشهر الماضي من السيطرة على معظم الاحياء الشرقية التي كانت تحت سيطرة مسلحي المعارضة منذ العام 2012، تاريخ انقسام المدينة بين الطرفين. على جبهة اخرى في شمال سوريا، قتل 14 جنديا تركيا واصيب 33 اخرين بجروح الاربعاء في هجمات نفذها تنظيم الدولة الاسلامية في مدينة الباب، حيث يشن الجيش التركي وفصائل سورية يدعمها هجوما لطرد الجهاديين من المنطقة الحدودية.

ونقلت وسائل الاعلام التركية عن بيان للجيش التركي ان الحصيلة وهي الاسوأ التي تتكبدها القوات التركية في يوم واحد منذ تدخلها في سوريا في اغسطس 2016، سجلت خلال معارك مع الجهاديين الذين نفذوا ثلاث عمليات انتحارية بسيارات مفخخة. من جهة اخرى، تصوت الجمعية العامة للامم المتحدة الاربعاء على تشكيل فريق عمل يكلف اعداد ملفات حول جرائم حرب ارتكبت في سوريا، تمهيدا لملاحقة المسؤولين عنها.